مؤتمر الإخوان بتركيا.. هل من جديد غير الفضفضة؟
مقالات – ماهر فرغلي
نظمت جماعة الإخوان مؤتمرها الدولي الثاني في الذكرى الـ 94 لتأسيسها تحت شعار “أصالة واستمرارية”، بمدينة إسطنبول، بحضور بعض ممثليها بالأقطار المختلفة ومندوبين عن الحزب الحاكم في تركيا، لكنه كان منصة للفضفضة انتهت زبداً ببيان ختامي هزيل.
رسمياً كان المؤتمر من تنظيم فريق محمود حسين، وظهر فيه لأول مرة المتحدث الإعلامي على حمد، الذي أعلن عن مشروع لإعداد قادة من الشباب، وفي هذا رد على الهيكلة والتطوير للفريق الأخر لمجموعة إبراهيم منير، الذي ركّز على تولية جيل شبابي جديد في هياكل الجماعة خارجياً، كما ظهرت آيات مسعد المتحدثة باسم الأخوات، التي لم يكن ظهورها له أية أهمية سوى التأكيد على أن هناك دور نسوي غير موجود بشكل جدي داخل الجماعة بالخارج.
أوفد الحزب الحاكم التركي ممثلين له لحضور المؤتمر، وكان في هذا دلالة كبيرة على أن أنقرة لم ترفع الغطاء عن كامل جماعة الإخوان، وأنها ترعى مجموعة محمود حسين بشكل واضح.
انقسم المشاركون داخل المؤتمر إلى ثلاثة أصناف، الأول، وهم المحاضرون الرئيسيون، وكان بائناً أنه تم دعوتهم على عجل ولم تكن الدعوات وفق تخصصات شرعية أو فكرية أو سياسية، ولم يراع أصحاب الآراء المتناقضة أو من خارج وداخل الإخوان، والثاني هم الشباب الذين لم يكن لهم أي دور يذكر سوى الاستماع للكلمات، والثالث هم حضور لتكثير العدد، وبعضهم من جماعات أخرى مثل الجماعة الإسلامية المصرية، أو بعض المعارضين لمجموعة حسين لجذبهم، مثل سامي كمال الدين، الذي كتب على صفحته قائلاً: تلقيت دعوة كريمة من جماعة “الإخوان المسلمون” لحضور احتفالها بذكرى التأسيس الرابعة والتسعين، كتر خيرهم بصراحة الواحد عمال ينتقد فيهم والناس دعوني”.
لم يناقش المؤتمر القضايا الجوهرية لجماعة الإخوان في العالم، لأنها محل اختلاف فكري وتطبيقي شاسع، كما لم يناقشوا أزمة الانقسام حيث لوحظ أن المتحدثين في المؤتمر لم يتطرقوا جميعاً عن الأزمة الحالية داخل الجماعة، ولم يعبروا عن موقفهم وهل هم مع هذا الطرف أم ذاك؟، مثال على ذلك كلمة القيادي الحمساوي محمود الزهار، أو أحمد العمري، ممثل الجماعة في لبنان، وممثل جنوب إفريقيا عبد المجيد ديه، وعبد الوهاب الجندي، ممثل كردستان.
كان الواضح أن المؤتمر محاولة كبيرة لإظهار كيان مجموعة حسين وأنها تسيطر على كيانات ومؤسسات ومقدرات الجماعة، وأن لديها مشروع للتطوير يختلف عن مشروع الآخرين، وهذا غير واقعي بشكل كبير، لذا فقد جاء المؤتمر للرد على أن شعب التنظيم في تركيا أو في خارجها لا يتبع إبراهيم منير وحده، ومن هنا ورغم أن الإعلان الذي صاحب المؤتمر وأنه للتجديد والمحافظة علي الأصالة، فإنه كان من المستحيل أن يتم ذلك خلال يومين، أو عبر الدعوة إلي مؤتمر فكري في وقت لم يتعد بضعة أسابيع، لدرجة أن بعض المتداخلين في المؤتمر طُلب من بعضهم إعداد مداخلة قبله بأسبوع واحد فقط وفق الإخواني هاني الديب على صفحته بالفيس بوك.
الإعلان الذي صاحب المؤتمر وتعليقات عناصر الجماعة عليه حملت معاني لا تحتمل، حيث تجاوزت الانقسامات إلى العقيدة وأن المؤتمر يدلل على بقاء التنظيم وفشل تفكيكه، وأنه سيقود العالم!
إن هذا المؤتمر أورث حالة إحباط ويأس لعناصر التنظيم من قيادة الجماعة الحالية لدي قطاع كبير ممن كانوا يظنون أن هناك بصيص أمل، حيث كان تغيير القيادة أحد مطالب الكثيرين، لكنه لم يتطرق أبدا لتلك الأزمة، لذا فجميع الحضور والمتحدثين بلا استثناء جاءوا من أجل المشاركة في المناسبة وليس من أجل إظهار تأييدهم لهذا الفريق أو ذاك، أو من أجل تغييرات جديدة.
في الختام، جاء المؤتمر بمحاضرات تلقيها قيادات الإخوان من أقطار مختلفة ويحضرها رجال الحرس القديم من القيادات وجمهور تم انتقاؤه بعناية من تركيا من الموالين للقيادة أو على الأقل لا يشاغبونها، وانتهي زبدا في بيان ختامي مشابه لكل البيانات الرسمية منذ تم تأسيس الجماعة.