الإرهاب في اليمن: التنظيمات الارهابية و واحدية المصالح
المرسى- محمد الصلاحي
تعاني اليمن منذ عدة سنوات من ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف، حيث تفاقمت أنشطة تنظيمات إرهابية متعددة في مناطق مختلفة من البلاد.
هذا الوضع يُشكل مصدر قلق كبير ليس فقط للحكومة اليمنية، بل أيضًا للمجتمع الدولي، نظرًا لتداخل أنشطة هذه الجماعات الإرهابية وتهديدها المباشر لأمن واستقرار اليمن ومنطقة الشرق الأوسط ككل، فقد أصبح من الضروري فهم كيفية ترابط هذه التنظيمات وأهدافها المتباينة في ظل الصراع الدائر.
على الرغم من الاختلافات الإيديولوجية العميقة بين الحوثيين وتنظيمي القاعدة وداعش والتظاهر بالعداء لبعضهما البعض، إلا أن الظروف الحالية في اليمن قد دفعت هذه التنظيمات في كثير من الأحيان إلى التعاون.
فقد تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة “صنعاء” عام 2014، وسعوا لتوسيع نفوذهم في مناطق استراتيجية أخرى.
هذه السيطرة منحت تنظيم القاعدة وداعش الفرصة لتوسيع عملياتهم في “جنوب البلاد” حتى أصبحت بعض المناطق معاقل لهذين التنظيمين الارهابيين.
تظهر التقارير أن هناك تعاونًا شبة دائم بين الحوثيين وهذة التنظيمات الارهابية خاصة في مواجهة القوات الحكومية والتحالف العربي.
وقد تم توثيق حالات تناسق بين هذه الجماعات في بعض المناطق، من خلال استهداف قوات الجيش والمقاومة مما يشير إلى أن الصراعات قد تفسح المجال لظهور تحالفات غير متوقعة.
هذا التعاون، رغم كونه يبدو مؤقتًا، لكنة يُعتبر تهديدًا كبيرًا لأمن اليمن والاقليم، حيث يُتيح لهذه الجماعات الإرهابية تعزيز وجودها واتساع رقعة عملياتها.
تتداخل مصالح هذه التنظيمات الإرهابية في بعض الأحيان، حيث تسعى كل منها لتأمين مناطق نفوذها، في المناطق التي تسيطر عليها هذة الجماعات ، ويحدث تنسيق بين الحوثيين والقاعدة وداعش لضمان تأمين المنافذ التجارية ومنافذ التهريب، وهذا التنسيق يمكن أن يُفسر جزئيًا من خلال زيادة نسبة اطلاق سراح السجناء والاسرى فيما بينهم وايضا الانسحاب من بعض المناطق لصالح الحوثيين كما حصل في البيضاء اواخر يوليو عام2020 ، مما يزيد من توطيد العلاقات بينهم.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التشابك لا يقتصر فقط على التعاون الميداني، بل يمتد أيضًا إلى تبادل الموارد والأفراد.
في بعض الحالات، يمكن أن نجد عناصر من تنظيم معين تعمل ضمن صفوف تنظيم آخر لتحقيق أهداف مشتركة.
لقد ترك الإرهاب آثارًا كارثية على اليمن، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل أيضًا على المستويات الاقتصادية والإنسانية.
إذ تسبب في مقتل ونزوح آلاف المواطنين وتدمير البنية التحتية، مما أثر بشكل كبير على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، إذ تزداد الأعباء الملقاة على عاتق الحكومة والمجلس الرئاسي، الذين يسعون جاهدين لمواجهة هذا التحدي المتزايد والخطر الداهم.
كما أن تأثير الإرهاب يمتد إلى تعزيز الأزمات الإنسانية في البلاد، فقد أدت الأعمال الإرهابية إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، والأمنية وضرب النسيج الاجتماعي لليمن.
لذلك، أصبحت مكافحة هذه التنظيمات الإرهابية أولوية قصوى لكلاً من الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي، ومن الضروري أن تعمل الأطراف المعنية على تطوير استراتيجيات شاملة لمواجهة هذا التهديد المستمر.
ختاما يُظهر ترابط مصالح الجماعات الإرهابية في اليمن وتحالفاتها تحديًا كبيرًا أمام الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب، ويتطلب التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة تضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية، لضمان تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد وفي المنطقة ككل.
يتعين على الحكومة وشركائها التركيز على مواجهة التنسيق والتعاون الواضح بين الجماعات الإرهابية، والعمل على وضع خطط استراتيجية فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب في البلاد والحد منها.