أخبار وتقارير

تجربة المكتب السياسي في عامه الأول

استعراض- مناقشة – تقييم
فيصل الصوفي

قبل السنوات الثلاث التي سبقت إشهار مكتبها السياسي يوم 25 مارس عام 2020، بقيت المقاومة الوطنية قوة عسكرية ضاربة في مواجهة ميليشيا الجماعة الحوثية، تلك القوة هي ألوية حراس الجمهورية التي ما تزال جبهة الساحل الغربي جبهتها الرئيسية على الرغم من أنها بعد تنفيذ خطة إعادة التموضع في أواخر العام 2021، مدت فعاليتها العسكرية إلى جبهات جديدة، وتمكنت من مناجزة ميليشيا الجماعة الحوثية في مديرية حيس واستخلصتها منها، فضلا عن تحرير أجزاء من مديرية مقبنة في محافظة تعز، وأجزاء أخرى من مديريتي الجراحي وجبل رأس التابعتين إداريا لمحافظة الحديدة. في ذات الوقت تعزز خبراتها وتطور المهارات القتالية لأبطالها، وتنوع قدرات وأدوات ووسائل المواجهة مع تلك الميليشيا ما دامت تصر على الاستمرار في الحرب، ولن تسكت بنادق المقاومة الوطنية إلا بعد سلام شامل ودائم، أو تحقق النصر الذي ينشده اليمنيون، وهو ضمان استعادة دولته بمؤسساته الدستورية الضامنة للاستقرار والأمن والعدالة والحرية والمساواة.

لا تدعي المقاومة الوطنية التفرد في هذه القضية، بل تدرك الدور الحيوي لشركاها في القوات المشتركة في الساحل الغربي، وتعتز في الوقت نفسه بكل المقاتلين والمناضلين في كل الجبهات العسكرية والسياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية، مهما كانت انتماءاتهم السياسية وانحدارهم الاجتماعي والجغرافي إيمانا منها بوحدة الهدف.

ومع ذلك فأن المقامة الوطنية، تفردت عن غيرها من التكتلات اليمنية المقاومة لجهة العمل السياسي، حيث بات مكتبها السياسي رديفا سياسيا وفكريا لحراس الجمهوريةـ يعضد فعلهم العسكري، كما يعضد الفعل الجماهيري، ويسند المجتمعات المحلية بأسباب الخلاص من البؤس والعوز، ويدفع مشروع الجماعة الحوثية المتخلف والشرير بعيدا عن اليمن.

وتسهم المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي في الجهود التي تبذل من أجل حماية الأمن القومي العربي من التغلغل الإيراني، فضلا عن الاسهام في حماية أهم الممرات المائية الحيوية للتجارة العالمية.

قبل أن تعلن المقاومة الوطنية إشهار مكتبها السياسي في شهر مارس 2021، كان الجمود يسيطر على المشهد السياسي اليمني، بسبب تشظي الأحزاب اليمنية في الخارج، وتجنحات إضافية في الخارج، كما برزت في المشهد رؤى متعارضة حول كيفية إدارة المحافظات المحررة لما يلبي مصالح المواطنين ويعيد الاعتبار للشرعية، إلى جانب الانشغال بالنقاش حول كيفية إدارة الأزمة والحرب.

وكان إشهار المقاومة الوطنية لمكتبها السياسي، يوم 25 مارس 2021، بمثابة فتح جديد في العمل السياسي، وإن شئت قل حجر ألقي في بركة كادت مياهها تتجمد.

نظن أن موضوع الفقرة السابقة أصبح واضحا، ومع ذلك رأينا أن نسجل في ختامها ملاحظتين إضافيتين:
الأولى، هي أن المكتب السياسي نشأ عن الحاجة إلى عمل سياسي يتمم العمل العسكري في الجبهات، خاصة وقد غدت المقاومة الوطنية قوة متمكنة على الأرض، وباتت مطالبة بالتعبير عن قضايا وهموم الشعب اليمني، وفي صدارتها استعادة الدولة.

الثانية، أن المكتب السياسي لم يبرز على سطح الحياة السياسية مثل نبتة شيطانية كما نظر إليه البعض في بداية الأمر، بل سبقه نقاش وحوار، كما أشرنا قبل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية استلهم تجارب سابقة، وليس من المجازفة القول إنه رغم واقعيته وارتباطه بالراهن، فهو أيضا غير بعيد عن التراكم التاريخي- السياسي، للتفاعلات التي شاهدتها اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر1962. لهذه العوامل مجتمعة، قوبل الإعلان عنه بترحيب واسع من قبل القادة السياسيين والأكاديميين وأعضاء مجلس النواب، والشخصيات الاجتماعية وكبار المشايخ، والكتاب والصحفيين، واللقاءات التشاورية كما في مديريات حيس والدريهمي والخوخة، فألقت على عاتقه مسئوليات وطنية وقومية.

ملامح الرؤية الفكرية
لم يكن التفكير في المكتب السياسي معزولا عن التفاعلات القائمة في الواقع التي أشرنا إلى بعض منها قبل قليل، كما أن الاشهار الذي وصفه بعض المراقبين بالمفاجئ، لم يكن كذلك، فقد سبقته مناقشات وحوار، ودراسة متأنية للحالة السياسية اليمنية التي ظلت تراوح مكانها منذ نحو ستة أعوام على الأقل، والاستفادة من مختلف التجارب السابقة، دون التماثل معها، بل التمايز عنها.

هذا ما يتجلى بوضوح من الرؤية الفكرية للمكتب السياسي، التي سجلها في إعلان الاشهار، وفي بيانه الختامي، وفي خطب رئيسه العميد طارق محمد عبد الله صالح قائد المقاومة الوطنية، وقد تضمنت البيانات التي أصدرها المكتب منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، جوانب من تلك الرؤية، وإن شئنا التذكير بها بعبارات قليلة موجزة قلنا:
الدفاع عن الهوية الثقافية والفكرية والاجتماعية للشعب اليمني، التي أضحت عرضة للاختراق المنظم عبر هوية غريبة دخيلة لا يربطها رابط بتاريخ الشعب اليمني، كما يتجلى من خلال مسعى الجماعة الحوثية لنقل التجربة الإيرانية أكان في جانبها العقدي المتمثل بالمذهب الشيعي الاثناعشري، أم في جانبها السياسي المتمثل بولاية الإمام الفقيه التي لا تنفصل هي الأخرى عن المذهب الاثناعشري أو الجعفري.
التمسك بالثوابت الوطنية محل أجماع مختلف القوى والاحزاب السياسية، وفي مقمتها مبادئ الثورة اليمنية والنظام الجمهوري، والديمقراطية وما ترتب عليها من قيم جديدة كالتعددية والتداول السلمي للسلطة، وحق المواطن في اختيار حكامه، وصون حقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ويتطلب ذلك قيام تحالف وطني في مواجهة الجماعة الحوثية التي تتبنى مشروعا مضادا، وشرعت في تنفيذه، كما يتبدى للعيان من خلال مصادرة الحريات العامة والخاصة، وانتهاك حقوق الإنسان، والقيام بعملية تدمير مبرمجة متعمدة مقصودة للحياة السياسية والتعددية الحزبية، وتكريس الاستبداد والتسلط الفردي، وإعادة إحياء نظام الإمامة المتخلف.

مصالحة وطنية تشمل مختلف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للتدخل الإيراني في اليمن أكان مباشرا أم بوساطة أدواته، وفي مقدمة هذه الأدوات الجماعة الحوثية.

خلق اصطفاف وطني واسع يوازي الاصطفاف العسكري في الجبهات، لحشد الطاقات المبعثرة لضمان تعزيز معركة الشعب اليمني في سبيل استعادة مؤسسات الدولة.

أن تغدو واحدة من الوظائف الأساسية للقوى الوطنية تحقيق المصلحة العامة، ويستتبع ذلك تعاونا وتنسيقا للجهود بين الحكومة والقوى الفاعلة، وبصورة اساسية يتعين أن يكون المواطن ومصالحه وحقوقه بمثابة قطب الرحى الذي ترتكز عليه اهتمامات الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية.
أن يظل اليمن عمقا استراتيجيا لأشقائه في دول الخليج والوطن العربي، ولن يكون مطلقاً تابعاً أو خاضعاً للمد الفارسي مهما كلفنا ذلك من ثمن ومهما بلغ حجم التضحيات. ويقين المكتب السياسي في هذه المسألة ضرورة التصدي للتدخل الإيراني دون مداهنة أو هوادة، فإيران كانت وما تزال طرفا مباشرا في الحرب منذ البداية، بل إن إيران هي الجهة التي تعمل بإصرار من أجل استمرار الحرب، وعرقلة مختلف الجهود الرامية لإيجاد تسوية للنزاع القائم في اليمن.

إن احترام استقلال اليمن والحفاظ على أمنه واستقراره يوجب على الدول غير المعنية الكف عن تدخلها في الشأن الداخلي، ومن يريد أن يقدم خدمات لليمن أو يناصر القضية اليمنية أو يعمل شيئا نافعا لليمن فليأت عبر هذا التحالف فهو مرحب وسوى ذلك فأن اليمن لا يقبل أي تدخل خارجي.

الحفاظ على الأسس التي بنيت عليها العلاقة مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومن تلك الأسس شراكة التحالف في إسناد قضيتنا العادلة – تحرير اليمن واستعادة الدولة وعودة المؤسسات والشرعية، وتقديم العون الإنساني، وإعادة الإعمار.

معالم في البناء المؤسسي
تلك كانت ملامح الرؤية الفكرية للمكتب السياسي، وفاقا لما يتوقع أن يفهمه أي مطالع للأدبيات، أو قل الوثائق التي صدرت عنه حتى الآن.. ولنعد الآن لاستئناف الحديث حول الجوانب التنظيمية، لنرى ما الذي أنجزه في سبيل تشييد بنيته المؤسسية.

لقد جرى التوكيد بأن المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، تيار سياسي وجد ليبقى، ويظهر لنا أن هذا ما تعبر عنه إجراءات بناء هيكله التنظيمي، ومأسسته بأنظمة ولوائح منظمة لأداء هيئاته العاملة.

لأسباب غير معروفة – ربما يكون لها علاقة بعمليتي إعداد وتحضير، واختيار أعضاء من بين عدد كبير من المترشحين، لم يعقد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية اجتماعه الرسمي الأول إلا في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر2021، أي بعد سبعة أشهر من إشهاره.. ومع ذلك فقد كان الاجتماع الأول (في مدينة المخا) الذي ترأسه رئيس المكتب قائد المقاومة الوطنية العميد طارق محمد عبدالله صالح، يؤسس مرحلة جديدة في تاريخه القصير.

بدأت المرحلة الثانية هذه، بالاجتماع الذي خصص لقضايا ثلاث:
الأولى، هي استعراض وتقييم أداء المكتب السياسي خلال الفترة مارس- أكتوبر، حيث شهدت هذه الفترة ردود أفعال محلية وخارجية حول إشهار المكتب السياسي، وفتح الباب أمام قيادات المكتب السياسي لعقد لقاءات مع ممثلي أظراف عربية وأوربية وأممية، وهناك تفاصيل بهذا الخصوص، سوف نشير إليها إجمالا عند الحديث عن العلاقات الخارجية.

القضية الثانية، تتعلق بوضع الجبهات، حيث أكد الاجتماع أن التزام المقاومة الوطنية في مجابهة ميليشيا الجماعة الحوثية، التزام لا استثناء فيه، وأن بندقية حراس الجمهورية سوف تظل بندقية الشعب اليمني الحر، دفاعا عن أهداف الثورة اليمنية، واستعادة الدولة، وإعادة اليمن إلى وضعه الطبيعي داخل البيت العربي، وأن المجابهة هذه المرة سوف تتخذ أشكالا وأساليب مختلفة ومتعددة، وفي الوقت نفسه فإن المقاومة الوطنية – ممثلة بألوية حراس الجمهورية، وبمكتبها السياسي- تقدر كل المساعي الإقليمية والدولية، والجهود التي يبذلها المبعوث الأممي والمبعوث الأميركي الخاص، فإن نجاح أي تسوية سياسية في اليمن مرهون بتقبل الجماعة الحوثية لوقف الحرب. كما نبه البيان الصادر عن الاجتماع الأول للمكتب السياسي إلى ضرورة تجاوز فكرة إلغاء الآخرين أو استبعادهم، إلى مبدأ المشاركة، بما في ذلك إشراك كل القوى الفاعلة على الأرض في عملية التسوية السياسية المتوقعة.

القضية الثالثة، هي القضية التنظيمية، ففي هذا الاجتماع تم تشكيل الأمانة العامة للمكتب والدوائر المنبثقة عنها، على أن تعقد الأمانة العامة اجتماعا لها في وقت قريب لتحديد الأولويات، ووضع خطة عمل تنفيذية لقرارات المكتب السياسي وتوجهاته، وتوزيع المهام والمسئوليات في مختلف الهيئات والأطر التنظيمية للمكتب السياسي.

الخطوة التي كانت مفاجئة هي تشكيل كتلة نيابية للمكتب السياسي، وقد أخذت الكتلة في النمو، حتى وصل عدد أعضائها حاليا إلى سبعة عشر نائبا في مجلس النواب، بينما تنظيمات سياسية عمرها أربعون سنة ليس لديها ممثل واحد في مجلس النواب.

وإعمالا لمقررات الاجتماع الأول أصدر رئيس المكتب عددا من القرارات في اليوم الثامن من شهر نوفمبر2021، بتعيين نائب أول ونائب ثانٍ لرئيس المكتب السياسي (1) (لمعرفة الاسم انظر الهامش في الصفحة الأخيرة)، وأمين عام للمكتب السياسي(2)، وأمين عام مساعد(3)، أسندت إليه أيضا رئاسة الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية (4). وفضلا عن الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية تم تشكيل ست دوائر متخصصة في الأمانة العامة، هي: الدائرة التنظيمية (5)، الدائرة القانونية (6)، دائرة الشباب (7)، دائرة المرأة(8)، دائرة الإعلام والثقافة والإرشاد(9)، دائرة المنظمات والشئون الإنسانية(10)، كما أصدر رئيس المكتب قرارا بإنشاء هيئة رقابة وتفتيش للمكتب السياسي، مكونة من رئيس(11)، وعضوين (12)، وتأسيس مركز دراسات وأبحاث في المكتب السياسي(13).

ولاحقا- في العام 2022- شرع المكتب السياسي في استكمال بنيته المؤسسية، نعني بذلك افتتاح فروع للمكتب في المحافظات، وهذه عملية تحتاج إلى وضع الملابسات التي تحيط بها قيد النظر، ومع ذلك تم افتتاح فرع للمكتب السياسي بمحافظة شبوة.

في الحادي عشر من شهر مارس 2022 سجل المكتب السياسي حضورا سياسيا في واحدة من أهم المحافظات الشمالية . كان هناك احتفال في مارب بمناسبة افتتاح فرع المكتب وانتخاب قيادة له.. وترأس قيادة الفرع ذياب بن معيلي، وهو شخصية مرموقة في مارب التي تعد بمثابة عاصمة مؤقتة للشرعية بعد العاصمة عدن، حيث بات معظم ثقل الشرعية في مارب، فأن يكون للمكتب السياسي فيها فرع، فهذا أمر غير عادي، في هذا الوقت. لكن على المدى البعيد سيغدو المكتب السياسي أمرا عاديا بعد أن تصبح العاصمة صنعاء هي المقر الرئيسي له وفقا للدستور.

هذا الفرع في مارب هو ثاني فروع المكتب السياسي خارج مركزه الحالي المخا، فأول فرع للمكتب السياسي كان في محافظة شبوة، وقد افتتح في شهر إبريل وبحضور النائب الأول للمكتب السياسي الشيخ ناصر باجيل والدكتور احمد المصعبي رئيس مركز الدراسات إلا أن افتتاح مكتب سياسي في شبوة قوبل بردود أفعال غير رشيدة، هي في الحقيقة ردود أفعال بعض أدعياء الديمقراطية.

العلاقات الخارجية
لأسباب مفهومة أيضا، لم تلتفت أي دولة، وبالأخص أي دولة أوروبية، نحو المقاومة الوطنية إلا بعد إشهار المكتب السياسي في مارس 2021، على الرغم من أن وجودها على الأرض قد سبق ذلك بنحو ثلاث سنوات. وقد اقتصرت عملية التواصل على كبار الموظفين الأمميين، كما في مثال مارتن غريفيثس المبعوث الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة، الذي أجرى اتصالا مع قائد المقاومة الوطنية في الأسبوع الأول من شهر إبريل 2020، ودار الحديث بينهما(عبر دائرة إلكترونية)، حول قضايا التسوية، ووضع النازحين، وفي ذلك الوقت لم يكن المكتب السياسي للمقاومة الوطنية سوى فكرة تجول في رؤوس قيادات المقاومة.

بعد مرور أربعة أيام على إشهار المكتب السياسي، بدأت أولى مظاهر الاهتمام الخارجي، وبرزت للعيان بداية من شهر إبريل، وفيه قام وفد المكتب السياسي (14) بأول نشاط خارجي، حيث التقى في العاصمة المصرية القاهرة المبعوث الخاص مارتن غريفيثس ومساعده معين شريم.

وبعد إشهار المكتب السياسي، وعقب اجتماعه التنظيمي الأول، كانت هناك لقاءات بين رئيس المكتب وسفراء أربع دول غربية (15)، ثم جاءت زيارة قائد المقاومة رئيس المكتب السياسي للعاصمة الروسية موسكو لتضفي على المكتب مسحة مشروع اعتراف دولي، إذ إن الزيارة تمت بناء على دعوة رسمية من حكومة روسيا الاتحادية.

لكن الخطوة الأهم، وهي واحدة من المستجدات الأخيرة- تلقي المكتب السياسي دعوة من المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة، للمشاركة في المشاورات التي يجريها في الأردن مع الأحزاب اليمنية، ولتقديم رؤية المكتب السياسي حول كيفية إنجاز التسوية السياسية في اليمن، التي ينبغي أن تسبقها ترتيبات عسكرية وأمنية من وجهة نظر المكتب، على أن هذه الدعوة من قبل ممثل الأمم المتحدة هي اعتراف دولي بالمقاومة الوطنية ومكتبها السياسي، وهذا أمر متوقع وطبيعي فالمقاومة الوطنية أصبحت رقما يحسب في المعادلة السياسية اليمنية.

قبل هذه الخطوة بنحو أربعة أشهر حقق المكتب خطوة لا تقل أهمية عنها، ففي العاشر من شهر نوفمبر2021، قام المبعوث الأممي الجديد هانس جروندبرج بزيارة لمدينة المخا، وكان الغرض منها مقابلة رئيس المكتب السياسي، في سياق اللقاءات التي عقدها جروندبرج في كل من عدن وتعز مع بعض ممثلي القوى السياسية اليمنية، وتم خلال اللقاء الذي عقد في المقر المؤقت للمكتب استعراض رؤية المكتب السياسي للتسوية السياسية، وتصوره حول ما يتعين أن يكون عليه النظام السياسي في المستقبل.
وماذا بعد؟

بعد هذا العرض التحليلي الذي يستند إلى يوميات المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي، نود تسجيل بعض الملاحظات، وهي في الحقيقة مقترحات.

في ما يتعلق بالبنية المؤسسية، من المهم التوكيد على ضرورة إعمال نظام داخلي، أو لائحة تطبق، تكون ملزمة. بمعنى أوضح، أن يكون الحكم حكم اللائحة وليس حكم الأشخاص في المكتب السياسي، فالعمل بنظام مؤسسة ما، أو تيار سياسي ما، أو حزب ما، هو الذي يصنع المؤسسة أو الحزب أو التيار، ودون ذلك اجتهادات تخطئ وتربك.

يتعين أن يختار المكتب السياسي نخباً متفرغة للعمل السياسي، يكون بين رجالها ونسائها تواصل مستمر، مع الأخذ في الاعتبار التمثيل الجغرافي. ويتعين اختيار هذه النخب من نساء ورجال مرموقين مجربين، مقبولين لدى الجميع، أو تتقبلهم أكثر القوى السياسية والاجتماعية، وسيكون مفيدا لو أن لكل واحد منهم علاقات مع هيئات إقليمية ودولية، فالمكتب السياسي يكبر بالكبار.

يتعين أن يكون للمكتب السياسي برنامج عمل سياسي مكتوب، يصاغ وفقا للرؤية الفكرية للمكتب السياسي التي أشرنا إليها قبل، ويتضمن في الوقت نفسه قضايا آنية،. بمعنى آخر أن يكون هذا البرنامج برنامج قضايا، وهذه القضايا قد وردت في كلمات القائد رئيس المكتب السياسي، وفي أدبيات المكتب والبيانات التي أصدرها. فالمعروف أن كل مواطن تهمه مصلحته بالدرجة الأولى، لا يهتم كثيرا بمكتب سياسي ولا مقاومة، ولا يهتم حتى بأي حزب لمجرد أنه حزب له تاريخ مشرف أو إنجازات سابقة، ما دام لا يتبنى قضية من قضاياه أو يحقق له نفعا.

الملاحظة الأخيرة، هي التفكير في تطوير وتعديل الهيكل التنظيمي للمكتب السياسي.. وللتوضيح أكثر تم البدء بالمكتب السياسي، لم تسبق لجنة مركزية مثلا، فلنفترض أن أعدادا كبيرة طلبت الانتماء إليه، فماذا سيكون عليه الحال؟ عدد هائل من الأعضاء، وكلهم قادة ما داموا أعضاء مكتب سياسي.. فأين نضع الأعضاء المبتدئين؟ أين نضع القيادات الوسطى؟

الهوامش
1- هما على التوالي: ناصر محمد علي باجيل، عبد الجبار عبده حسن زحزوح.
2 – هو عبد الوهاب محمد قائد العامر.
3- هو عبدالله علي حسين أبو حورية.
4- عين حامد أحمد أحمد غالب نائبا لرئيس الدائرة.
5 – عين وضاح محمد سالم بن بريك- رئيسا لها، وعين خالد حسين علي الأشبط نائبا لرئيس الدائرة.
6 – عين عادل مهدي علي المسعودي رئيسا لها.
7 – عين إبراهيم أحمد صغير المزلم رئيسا لها. وثلاثة نواب هم: جوير جابر أحمد حليصي، أبوبكر إبراهيم أبوبكر تجابير، محمد سيف أحمد حمود الظرافي.
8 – عينت إيمان يحيى محمد النشيري رئيسة للدائرة.
9 – عين محمد محمد عبده أنعم رئيسا لها.
10- عينت فتحية علي عبده المعمري رئيسة لها.
11- هو صادق عبدالله صالح دويد.
12- هما منصور علي محمد اليتيم، ومحمد عبدالولي الشرجبي.
13- عين أحمد عبدالكريم سيف المصعبي رئيسا للمركز.
14 – وفد المكتب السياسي إلى القاهرة ترأسه ناصر باجيل- 27 أبريل 2021.
15 – مايكل أرون سفير المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى إلى اليمن، وسفير مملكة هولندا بيتر ديريك هوف، وفلاديمير ديدوشكين سفير جمهورية روسيا الاتحادية، والسفير الفرنسي جان ماري صفا، ولقاء مع السفير الجديد للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى.

اشترك في اخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com