قطع للإنترنت والمكالمات الدولية.. شبح انتفاضة ديسمبر يطارد الحوثي بصنعاء
قطع للإنترنت والمكالمات الدولية.. شبح انتفاضة ديسمبر يطارد الحوثي بصنعاء
المرسى – نيوزيمن
كشفت مصادر مطلعة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بصنعاء عن قرارات وإجراءات غير معلنة اتخذتها قيادات مليشيا الحوثي تقضي بقطع الإنترنت والمكالمات الدولية في حال تجددت انتفاضة 2 ديسمبر التي دعا إليها الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، قبيل مقتله نهاية العام 2017م.
وأوضحت المصادر، أن القيادات الحوثية التي تسيطر على الوزارة والمؤسسات التابعة لها عقدت سلسلة اجتماعات منذ مطلع نوفمبر الجاري لتدارس الإجراءات الاحترازية المطلوب اتخاذها لمواجهة أي احتجاجات شعبية بالتزامن مع الذكرى الثانية لانتفاضة 2 ديسمبر، مشيرة إلى أن قيادات المليشيا الانقلابية تعيش حالة قلق وتوجس غير مسبوقة ليس لإدراكها حجم الغليان الشعبي الرافض لسلطتها الكهنوتية وشبح انتفاضة 2 ديسمبر الذي يطاردها فحسب، بل أصبحت في حالة طوارئ غير معلنة منذ خروج الاحتجاجات الشعبية في العراق ولبنان ومؤخراً في إيران، وألزمت القيادات التابعة لها في وزارة الاتصالات ببحث الإجراءات الواجب اتخاذها في حال انتقال الاحتجاجات من إيران ومناطق نفوذها في العراق ولبنان إلى مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين في اليمن باعتبارهم امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة.
ولفتت إلى أن اجتماعات قيادات المليشيا في الإتصالات أفضت لإقرار تشديد إجراءات الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي والتجسس على مستخدمي النت ومضاعفة عمليات التنصت على كل المكالمات الهاتفية خلال هذه الفترة كاجراءات احترازية مسبقة، على أن يتم تنفيذ إجراءات مشددة عقب بدء خروج أي تظاهرات منها قطع الانترنت على غالبية المستخدمين بمن فيهم منازل المناوئين لها في العاصمة صنعاء وفي المناطق الواقعة تحت سيطرتها، والإبقاء على خدمة النت للقيادات الحوثية والجهات ووسائل الإعلام التابعة للمليشيا.
وبينت تلك المصادر أن المليشيا الإنقلابية كانت أقرت منتصف نوفمبر ضمن إجراءاتها الاحترازية استئناف عملية حظر مواقع وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي فور خروج المظاهرات ضدها كما حدث إبان انتفاضة 2 ديسمبر، لكنها عادت وعدلت قرارها أواخر الأسبوع الماضي إلى قطع النت وتوسيع عملية التنصت وفقا لتعليمات تلقتها من خبراء إيرانيين في ضوء تمكن طهران عبر إجراءات مماثلة من قطع عملية التنسيق بين المحتجين في مدنها ما سهل لها قمع الاحتجاجات بعيدا عن وسائل الإعلام، ومكنها بالتالي من احتواء التظاهرات في عدة مدن.
وبحسب تلك المصادر فقد عكف مهندسون فنيون تابعون للمليشيا خلال الأسبوعين الماضيين على إعداد الإجراءات التنفيذية لقرار قطع الانترنت واستثناء الأشخاص والجهات ووسائل الإعلام التابعة للمليشيا، وباشروا بإجراء عدة تجارب بقطع النت على منازل من لا يوالون الانقلابيين، واستمرت تلك التجارب عدة ايام قبل ان تعيد تشغيل الخدمة مجددا وتعذرت بان القطع كان ناتجا عن خلل فني.
في حين كشف أحد المهندسين في المؤسسة العامة للاتصالات أن مليشيا الحوثي قامت باستحداث سنترال خاص في أحد مقرات الأمن الوقائي التابع لها في منطقة الجراف، وقامت بربطه بالسنترال الرئيسي في المؤسسة العامة للاتصالات، بما يمكنها من تسجيل كل المكالمات والتنصت على المواطنين وخاصة في مناطق سيطرتها عبر استخدام تقنيات إيرانية، بجانب الخدمة الأمنية المشغلة حاليا في جهازي الأمن القومي والأمن السياسي.
وأشار إلى أن مهندسين تابعين للمليشيا تم تدريبهم من قبل خبراء حزب الله يحاولون في الوقت الراهن إزالة أية إشارات أو تشويش عند بدء تسجيل المكالمة، وضمان وضوح أصوات المتصلين لتجنب إدراك المواطنين بأن هواتفهم تخضع لعملية التنصت.
يذكر أن مليشيا الحوثي كانت باشرت بعمليات رقابة مشددة على مستخدمي الانترنت في مناطق سيطرتها واليمن بشكل عام عبر تقنيات استقدمتها من إيران وكندا عقب انقلابها المسلح وسيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014، فضلا عن عمليات التنصت والرقابة على المواطنين ومكالماتهم الهاتفية وبشكل غير مسبوق.
واستحدثت المليشيا جهازا يسمى بجهاز الأمن الوقائي على غرار الجهاز الأمني التابع لمليشيات حزب الله اللبناني، وأسندت إليه عملياتها الأمنية القذرة وحوثنة جهازي الأمن القومي والأمن السياسي بما يضمن استغلال امكانيات الجهازين لتصفية المعارضين للحوثيين بصورة مباشرة وتلفيق تهم كيدية للشخصيات الاعتبارية تشمل خيانة الوطن والعمالة والداعشية، واجبارهم على الاعتراف تحت التعذيب بتلك التهم لينالوا عقوبة الإعدام عبر محاكمات شكلية في المحاكم الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية.
ويتحكم الحوثيون بخدمة الإنترنت التي تقدمها شركتا “تليمن” و”يمن نت” ومقرهما صنعاء، ويقومون بخفض سرعة البيانات المرسلة والمستقبلة عبر الشبكة في المدن المحررة.
وكانت مجلة فورين بوليسي الأمريكية كشفت أواخر العام الماضي 2018، عن تفاصيل خاصة ومهمة تتعلق بالتحكم الحوثي في الوصول إلى الانترنت وإخضاع منصات التواصل للمراقبة والتهكير.
ووفقاً للمجلة الأمريكية فإن الحوثيين لجأوا إلى شركة كندية تبيع تكنولوجيا خاصة للرقابة على صفحات الويب وحظرها، لهدف تعزيز قدرتهم في التحكم بالوصول إلى الانترنت، مؤكدة أنهم بموجب التقنية التي حصلوا عليها امتلكوا القدرة على اعتراض حركة المرور الالكترونية والتطفل على العديد من مستخدمي الانترنت.
ولفتت المجلة الأميركية إلى أن تلك التقنية أعطت ميليشيا الحوثي أفضلية التحكم والسيطرة والتجسس ومراقبة الناشطين والتراسل الإليكتروني والرقابة على كل نشاط على الانترنت في اليمن، طوال أربع سنوات منذ الانقلاب والحرب.
وبحسب تقديرات عاملين في قطاع الاتصالات بصنعاء، فقد بلغت عوائد ميليشيا الحوثي من قطاع الاتصالات نحو 280 مليون دولار عام 2018، ما يساوي 162 ملياراً و400 مليون ريال، مسجلةً زيادة عن السنوات السابقة جراء إضافة المليشيا ضرائب جديد منها معلنة وأخرى غير معلنة، فضلاً عن مضاعفتها رسوم الاشتراك في خدمة الانترنت بمختلف الباقات.