الوحدة مع إيران؟
يتجدد الجدل في مايو من كل عام حول الوحدة اليمنية، ونحن نجدد السؤال: الوحدة مع من؟
على الأرض شمال تحكمه إيران، وعاصمة دولة الوحدة خارج سيطرة الدولة، وفي المقابل جنوب متّحد ومستعد لمد يد العون لتحرير الشمال أولا ثم الحديث عن الوحدة.
تريدون الوحدة؟ يسأل الجنوبيون الطرف الآخر ببساطة: أين هي محافظاتكم وعاصمتكم؟
الوحدة هي شراكة في الحكم بين مساحتين جغرافيتين. خسرت القيادات الشمالية جل أراضيها (حصتها في الشراكة) لكنها تصر أن تدير الشركة وحدها برصيد وهمي من المناطق الخارجة عن نفوذها.
في قيادات الشرعية المدافعة عن الوحدة يبرز اسم عبدالغني جميل، أمين العاصمة اليمنية صنعاء الافتراضي، المقيم في الأجنحة السياحية بالرياض.
ترك عبدالغني الحديث عن صنعاء واتجه لمهاجمة الانتقالي لأنه يعلم أن دولة الوحدة الافتراضية بدون “الشعبطة” بالجنوب ليست شيئا يذكر.. ترك صنعاء ليرسل منها الإيرانيون رسائلهم المتفجرة إلى عدن “الانفصالية”.
ومع ذلك، فإن القيادات الوحدوية الافتراضية أمثال ((أمين العاصمة صنعاء)) تريد إقصاء محافظ العاصمة الفعلية عدن القيادي بالانتقالي أحمد لملس المتواجد في محافظته متحديًا الإرهاب.
الإقصاء هو السم الذي يقتل الوحدة، وليس الانفصاليون. بدأ الإقصاء منذ حرب صيف 94 ووصل ذروته بعد سيطرة تنظيم الإخوان على السلطة الشرعية في اليمن.
لم يكن لدى الجنوبيين مطلب سوى حقهم بالشراكة في السلطة فحسب، وعندما زاد الإقصاء عن حده ظهر المجلس الانتقالي الجنوبي كردة فعل طبيعية ولكنها أقوى هذه المرة.
انشغلت نخبة الشمال وعامته برصد تفاهات الغوغاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وانخرطت في موجة سياسية موجهة لنشر الشائعات ضد الجنوب والانتقالي وتضخيم الحوادث المحدودة، متناسيةً واقع الشمال الأليم.
ظنت تلك النخبة أن خروج مظاهرة ضد الانتقالي في محافظة جنوبية، أو قيام ناشطين جنوبيين بمهاجمة الانفصال، يمكن تصويره على أن المجلس بلا حاضنة شعبية، وما هو مصدرهم؟ حسابات وهمية على تويتر.
رسالة الجنوبيين بشأن الوحدة واضحة منذ البداية: سنساعدكم أيها الشماليون في تحرير محافظاتكم واستعادة عاصمة الوحدة ثم بعد ذلك يمكننا التفاوض بشأن مصيرنا، لا يهم دولة أو دولتان أو ثلاث.. المهم أن لا تكون فيها عمامة سوداء واحدة.
الحوثيون ومن ورائهم إيران وضعوا حدًا فاصلا ووضعوا فيه جمركا لـ”دولة” أخرى.. لا يمكن القفز على هذا الواقع.
رئيس التحرير
