النازحون في اليمن الحلقة الأضعف أمام تواصل الحرب الطاحنة

المرسى- صحيفة العرب اللندنية

رافق اشتداد المعارك القتالية في محافظة مأرب اليمنية ومساعي الحوثيين المتواصلة للسيطرة عليها تبعات إنسانية على المشهد اليمني المعقّد والمثقل بالأزمات طالت النازحين اللذين يعدون الفئة الأكثر تضررا على مدار ستة سنوات من الحرب الطاحنة في اليمن.

ويسعى الحوثيون من خلال تكثيف هجماتهم المتكررة على محافظة مأرب التي تضم أهم تجمع سكاني للنازحين للسيطرة على آخر معاقل الحكومة بهدف استكمال سيطرتهم على الشمال اليمني.

واشتدت المعارك في الأسابيع الأخيرة وأصبحت تهدّد مخيم السويداء الواقع شمال مدينة مأرب أين أصبح النزوح أمرا معتادا لأسرة هادي الفقيرة المكونة من تسعة أفراد إذ تجد نفسها في كل مرة مضطرة لجمع حاجياتها، من الملابس إلى ثلاجة الطعام، والهرب نحو مخيم جديد في البلد الغارق في الحرب منذ منتصف 2014.

وينصب اليمني هادي أحمد هادي خيمة في خامس مخيم يفر إليه مع عائلته خلال العدد نفسه من السنوات بفعل الحرب، لكنه يخشى أن يدفعه اشتداد المعارك في مأرب الغنية بالنفط وآخر معاقل الحكومة في الشمال، إلى نزوح جديد.

ووصلت الأسرة في أواخر أغسطس الماضي إلى مخيم السويداء الممتد على مساحة كيلومتر واحد والذي يضم أكثر من 700 أسرة نازحة.

وبينما انشغل الوالد بتركيب الأسس الحديدية لخيمته الجديدة، جلس أطفاله السبعة بالقرب من بعض الأساسيات التي جلبوها معهم.

وقال هادي (46 عاما) “حتى هذه اللحظة، نزحنا خمس مرات”، مضيفا “وصلنا إلى هذا المخيم الذي لا توجد فيه أي مقومات للحياة”.

وروى هادي كيف أنه اضطر في عام 2015 للهروب مع أفراد عائلته من نهم شمال صنعاء بعدما اقتربت المعارك من منزلهم، قبل أن تبدأ رحلة التنقل من مخيم إلى آخر في عدة مناطق وصولا إلى مخيم السويداء في مأرب.

وقال “في كل مرة ننزح فيها أحاول طمأنتهم بأننا سنستقر. نترك أغراضا في كل نزوح لأننا غير قادرين على حملها”.

وكانت مدينة مأرب بمثابة ملجأ للكثير من النازحين الذين فروا هربا من المعارك أو أملوا ببداية جديدة في مدينة ظلت مستقرة لسنوات، ولكنهم أصبحوا الآن في مرمى النيران مع اندلاع القتال للسيطرة عليها.

وحتى بداية 2020، استطاعت مدينة مأرب أن تعزل نفسها إلى حد ما عن الحرب وآثارها بفضل النفط والغاز فيها، وقربها من الحدود الشمالية لليمن مع السعودية، والتوافق بين قبائلها.

وكان من بين الذين هربوا من مناطق النزاع وتوجهوا الى مأرب أطباء ورجال أعمال وأثرياء ازدادت بعيد وصولهم الاستثمارات وارتفعت أسعار العقارات.

وازدهرت الأعمال في المدينة شيئا فشيئا، من افتتاح المطاعم الى مشاريع البناء، إلى أن اشتعلت المعارك فيها هذا العام، مهددة بسقوطها في أيدي المتمردين ومتسببة بموجات نزوح ضخمة.

وتقول مصادر عسكرية تابعة للحكومة المعترف بها دوليا إن الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تضيق الخناق على المدينة من ثلاث اتجاهات وترسل مئات المقاتلين يوميا لمواجهة قوات الحكومة .

– أعلى معدل قتال في اليمن

ويرى ماجد المذحجي من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أنّ القتال الدائر حاليا في مأرب “يشكل أعلى معدل قتال في اليمن من ناحية عدد الاشتباكات”.

وقال إن ما يحدث حاليا هو عبارة عن “حرب استنزاف”. وكما هو الحال في المناطق الأخرى، فإن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن الأكبر.

ويؤكد سيف مثنى مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب أن “الحرب التي تدور في أطراف مأرب أدت إلى تدفق آلاف من الأسر إلى مديريات اخرى وتم إنشاء مخيمات جديدة”.

وبحسب تقرير صادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب، فإن 4847 أسرة يمنية نزحت في الفترة من 20 اغسطس إلى 15 من سبتمبر الماضي في المحافظة.

وتضم المحافظة 140 مخيما للنازحين بينها مخيم الجفينة وهو الأكبر في اليمن حيث يعيش فيه نحو 40 ألف شخص بحسب السلطات المحلية.

وتؤكد المتحدثة باسم منظمة الهجرة الدولية في اليمن أوليفيا هيدون أنه في سبتمبر “أدى التصعيد في القتال إلى نزوح 8000 شخص”.

ومنذ نهاية يناير مع بداية المعارك للسيطرة على مدينة مأرب، نزح أكثر من 70 ألف شخص إلى أو داخل المحافظة.

ووفقا لهيدون، فإن مدينة مأرب مزدحمة بالفعل إذ لم يجد نحو 80% من القادمين الجدد إي مكان للذهاب إليه مؤخرا “واضطروا للاستقرار في مخيمات مزدحمة للغاية”، مؤكدة “هذا أمر يبعث على القلق خاصة مع تفشي فايروس كورونا المستجد.

Exit mobile version