يونس عبدالسلام يكتب.. العمامة التي انكشفت
المرسى- رأي
كان حسن نصر الله رمزاً في بداياته، محررا للجنوب اللبناني، أو هكذا تعاملت شعوب عاطفية مع الفكرة، تجسيد المقاومة ضد إسرائيل، في فترة ما، غاب الزعماء وأطلت عمامة نصر الله، صار الرحل بطلاً للعرب والمسلمين .
نتذكر الحكاية صغارا، في 2006 حملنا صور الرجل كشعلة، الصقناها على جدران المنازل، حفظنا خطاباته، رددنا عباراته ككلمات مقدسة، كان رمزا للمقاومة والتحدي، جسّد في أذهاننا الشخصية الوطنية المدافعة عن الكرامة.
كان هذا، قبل أن نفرق بين لونين من عمائم، بيضاء وسوداء، تحولت السوداء في رأسه إلى لغم ينفجر بنا حيثما اتجهنا، تحول بمرور الزمن إلى وجه آخر، وجه حرب طائفية وتشدد شيعي أعمى، أداة في يد إيران، تسوق لبنان والمنطقة نحو الهاوية.
أدركنا متأخرين أن الشعارات التي حملها لم تكن مقاومة، بل بداية لسنوات من الدم والدمار، أعلنها في وجهنا جهارا نهارا، في عموم المنطقة، في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حد أمنيته أن يموت مقاتلا مع الحوثيين ضد الشعب اليمني .
الصورة البراقة تآكلت، غُلفت بالقمع والهيمنة، كان اغتيال رفيق الحريري أولى خطوات الرجل نحو السقوط، ابتعد عن الطريق والقضية، وبقي مجرد ورقة في يد إيران ومشروعها الطائفي.
لم ندقق منذ البدء والا لرأينا الصورة بوضوح، حزب يستخدم العنف ضد أهله قبل أعدائه، لا يستحق الاحترام ولا التأييد ولو واجه اسرائيل، التي لم تعد العدو الأول للكثيرين في المنطقة .
لطالما برع الرجل في تسويق نفسه و سرديات المقاومة، لكنه في النهاية لم يصمد لمنازلة شهر أمام الحقائق القاسية، لأن الواقع غير المنابر والخطابات، يمكن أن تنهار الرموز الكبيرة تحت ضغطه.
اليوم وفي مواجهة، ليست حربا معلنة حتى، انهار الرجل بتأريخه الثقيل وحزبه، حدث لم يتخيله أحد، ذهبت العمامة أدراج الرياح، سقط هبل بعد أن نكلت به إسرائيل وكشفت هشاشته، قُتل بشكل درامي، تاركا خلفه حزبا معزولا في حالة من الانهيار، وحلفا مرعوبا من صعدة حتى طهران .
حكاية تعاش، يتجلى لنا فيها أن الرمزية والتستر بقضية عادلة كالقضية الفلسطينية لا يكفي لحماية المجرمين من دورة الأيام، وأن كل فكر يستند إلى العواطف والغرور لن يصمد طويلاً أمام عواصف الزمن.