صراعات “إخوان النفط” ضد الجنوب بعيدا عن الحوثي
رأي – نبيل الصوفي
صراعات “إخوان النفط” ضد الجنوب حول المعركة القومية في اليمن بعيداً عن الحوثي.
ربما كانت كل تلك الحرب بالأصل مصممة على “دور علي عبدالله صالح” ودولته، وحينما نفذ “الحوثي” ما كان يطالبه به “إخوان هادي” من 2011 وهو قتل “الرئيس السابق” الذي سلّم الدولة بحمولتها لهادي وعلي محسن وإخوانهما لكنه لم يسلم لهم “دوره” العام.
لذا، حين استشهد الزعيم، توقف تحرُّك الحرب شمالاً، من محاور الشرق والشمال، وأعلن “استوكهولم” موقفاً الحرب المنتصرة في الساحل الغربي.
وبدا التحول الحاد في مسار الحرب.. فبدلا من أن تواصل الحرب تحرير نهم تجاه صنعاء، انتقلت إلى “شقرة”.
وبدلاً من صمود إب والبيضاء والجوف.. كاد الحوثي يعود إلى “عدن” لولا “الضالع التي أوقفت صلفه عند أول قدم وضعها على ترابها.. ولم توقفه في الأزرقين وجناح.. بل استعادت منه قعطبة والفاخر واستمرت مريس صامدة.
قبلها كان قد استعاد “نهم” ثم أسقط “الجوف” ولم يأخذ وقتاً في البيضاء.
كانت انتصاراته بلا حروب تُذكر، فكل طاقة “إخوان هادي وعلي محسن” تحشد الحرب المعنوية والمادية جنوباً من سقطرى إلى المهرة إلى شقرة.
وبقيت “مراد” صامدة لم تنكسر منذ أول حروب الحوثي في 2015، فالتف الحوثي عليها قرابة 10 آلاف كم، هي مساحة البيضاء، مسقطاً “مديريات بيحان” هناك في البعيد داخل محافظة “شبوة” عائداً لـ”مراد” واليوم يقاتل داخل البلق وفي حدود “عبيدة” آخر قلاع مأرب الصامدة.
كان “إخوان النفط” منشغلين عن كل ذلك.. إما بوعي نهب كل ما يمكن نهبه قبل الفرار الأخير، أو بدون وعي الاعتقاد أنه يمكن اليوم مسالمة الحوثي الذي تمكن أخيراً من قتل “يمن علي عبدالله صالح” وهو العدو المشترك.
الحوثي يطرق أبواب مأرب، فيما المنطقة الثالثة ومركز قيادتها “مأرب” كلها هناك في شبوة ميممة وجهها جنوباً وشرقاً، تتحدث عن سقطرى وبلحاف وتمول جبهة “شقرة”، فيما قواطر النفط تواصل نهب “الدولة” وتورد غازها ومواردها لحسابات شخصية وحزبية لا تخدم الناس ولا تكترث لهم.. في الوقت الذي تفتح “عدن” عاصمة الجنوب، أذرعها لكل “الشمال” مواطنين عاديين وتجاراً وسياسيين وإعلاميين، وتتحمل عبء ميزانيات “البنك المركزي” المنكوب بانفصال موارد كل ما يقع تحت ذراع “قوارض الموارد” من إخوان وحلفائهم، فلا مأرب ولا شبوة ولا منفذ الوديعة تعرف إيراداتها طريق هذا البنك.. ومع كل ذلك، تشن ضد عدن والجنوب “الحملات” واحدة تلو الأخرى، باعتبارها هي الخطر، وهي من يجب أن تحشد ضدها الحروب.
وفي الوقت الذي ينهب “العيسي إخوان” موارد “قنا” يغطيه “ابن عديو اخوان” بخطاب تهريجي عن “بلحاف”.
وفيما يتسلل الحوثي إلى “بيحان”، فإن الهاربين من مأرب وقوات “لكعب” يوصلون مشروعهم ”إيذاء الجنوب”، من قتل “شجرة” إلى آخر قطرة دم لجنوب “النخبة” الشبوانية الذين كل جريمتهم أنهم “أمَّنوا شبوة من الإرهاب” ذات زمن.
ومع حفاظهم على “طربال” الحوبان شمالاً، وبالعكس جنوباً فتح “إخوان قطر” معسكرات تجاه الغرب والجنوب في الحجرية وما يحاددها.
فصل الجنوب عن الجنوب، من شبوة.. وإشعال الحرب بين الشمال والجنوب في “تعز ولحج” و“إشغال“ الشمال والجنوب في الساحل الغربي” بمعارك “هامشية بعد تثبيت حدود “استوكهولم”، كان هو المشروع المشترك بين أطراف ما بقي من ثورة 2011 وما قد انضم إليهم من نظام ما قبل وما بعد ذلك التاريخ أياً كان حزبهم.
كادت الحرب تختنق.. ولا يتنفس فيها الا الحوثي.. أما حتى “إخوان الفوضى وتحالف الفساد والإرهاب” فهم يختنقون أيضاً داخل المعركة الوطنية القومية ولا يبقى معهم إلا باب مخرج وحيد هو انتظار نقل ملكيتهم من التحالف العربي إلى محور طهران.
بذل التحالف العربي جهداً كبيراً لاحتواء الموقف.. فأي تصعيد حربي داخل المناطق المحررة، هو أيضاً يصب في خدمة “إيران”.. تولى “الجنوب” معاركه الميدانية في الضالع وفي شقرة، ومشاركته في الساحل الغربي مع المقاومة الوطنية غرباً وشمالاً..
وبدأت المعارك السياسية لإعادة ترتيب “المعركة القومية” التي كانت قد وصلت أطراف “محافظة صنعاء” ثم صارت فقط داخل المناطق المحررة على بُعد مئات الكيلومترات شرقاً وغرباً وجنوباً.
وُقع “اتفاق الرياض”.. الذي عُطل بعد ذلك بمماطلات لا حدود لها.. شكلت حكومة وأفرغت من محتواها، فلا إيرادات ولا ميزانية مبوبة، يعين أحد وجوه تحالف الفساد والإرهاب في منصب ومن يومه الثاني تبدأ مهمته سحب مليارات الريالات من ميزانية دولة مرهقة كمصاريف وعهد. إذ لا ميزانية ولا مرتبات.
وصل الحوثي إلى “البلق” حصن مدينة مأرب الأخير.. واستكمل “الجوف” محاصراً المدينة السبئية العظيمة من ثلاثة اتجاهات، لم يبق لها إلا طريق واحد للتنفس تجاه “العبر”.
وبلغت الروح القومية الوطنية لهذه الحرب “الحلقوم”.. وكاد ليلها “يروي سدوله”..
لكنه “الجنوب” يهب مرة أخرى.. هو قد يعارك “الإخوان” مهما كان ثمن العراك أمنياً وشعبياً وسياسياً، أما الحوثي فهذا الجنوب الذي كنا ضده في 2015 معتقدين أن “الحوثي” قد لا يسقط الدولة الوطنية أو أنها كانت حسابات مختلطة بين الصواب والخطأ.. بين الحق والمصلحة.. بين الخوف واليأس.
هذا الجنوب كالسيف القاطع حينما يتعلق الأمر بـ”الحوثي”.. مدهش هذا “الجنوب” وهو يحتفل بـ”فتح الطريق إلى بيحان” لاستعادتها من الحوثي.. كل ما يهمه الآن هو “الحوثي”، وفي الطريق إلى كسر “خشومه” يعرف الجنوب أن “الزبد يذهب جفاءً” ولا يمكن في الأرض إلا جنوباً ينفع الناس..
سقوط “بيحان” شرارة حوثية أيقظت المارد الجنوبي المختبئ أو المرهق من صراعات الشرعية وإخوانها وحلفائها.. وها هي تباشير التصحيح تعود مرة أخرى من الجنوب كما بدأت في 2016م.
وبدعم كل وطني قومي في اليمن والتحالف لهكذا معركة.. سيعاد تصحيح المسار.. والموعد في “مأرب” التي تستحق مكافأة تحرير تاريخي بعد صمودها الأسطوري رغم كل خذلان وعبث “شرعية الهروب” و “إخوان الهزيمة”.
والله غالب على أمره…
*من صفحة الكاتب على فيسبوك