ثورة 26 سبتمبر.. من ثقافة “مملوكك الحقير” إلى ثقافة الأخ الرئيس
رأي – محمد ناجي أحمد
لو لم يكن لثورة 26 سبتمبر من منجز سوى أنها وضعت أسس (الثقافة الجمهورية) في السياسة والاجتماع والاقتصاد والأدب والعمل النقابي والحزبي -لكفى.
لو لم يكن لثورة 26 سبتمبر من منجز سوى أنها جعلت الفلاح والعامل والمهني يتبوأ أعلى المناصب السياسية لكفى.
ولو لم يكن لها من منجز سوى أنها جعلت من المرأة اليمنية كيانا وجوديا ورقما في الحياة، بعد أن كانت مغيبة خلف حجب جدران البيوت وحجب الجهل وحجب الملابس التي تغطيها من رأسها إلى ساسها، إذا نوديت أطلقوا عليها اسما مذكرا مع تغييب اسمها وتحجيب أنوثتها ووجودها، وإذا نادت أطفالها استخدمت التصفيق لأن صوتها ووجهها وجسدها وظلها عورة، نساء اليمن اللواتي وصفت حالهن كلودي فايان في كتابها (كنت طبيبة في اليمن).
ولولم يكن لها من منجز سوى أنها حررتنا من تقبيل أكف الحكام وأقدامهم لكفى.
جاء في رسالة توصية أوردها أمين الريحاني في كتابه (ملوك العرب) أن ممثل الإمام يحيى حميد الدين- في عدن القاضي عبد الله العرشي أعطاهم رسالة تعينهم وتسهل له وصاحبه طريق الوصول إلى الإمام يحيى، وذلك عند زيارته لليمن عام 1922م، ومما جاء فيها:
“…أمد الله مولانا أمير المؤمنين والحجة على الخلق أجمعين، المتوكل على الله رب العالمين والسلام عليه ورحمة الله وبركاته يردد في كل وقت وحين.
وبعد فصدورها للسلام مقبِّلة بواطن الأكف والأقدام…”
ويختتم القاضي عبد الله العرشي بتوقيع رسالته بصيغة متداولة وقتها وهي “من المملوك عبد الله العرشي”.
ص89-ملولك العرب-الجزء الأول- أمين الريحاني-دار الجيل-بيروت.
هذا حال كبار رجالات الإمام يحيى فكيف بحال غالبية الشعب اليمني من فلاحين وعمال وحرفيين… الخ، فقد كانت العبودية التي تثقل كاهلهم أكثر تركيبا وقهرا بما لا يقاس، فكل هذه الدونية التي كان يعبر عنها موظفو الإمام من حكام وقضاة وعمال وكتبة كانوا يعكسونها في تعاملهم مع غالبية اليمنيين!
ليس عجيباً أن هذه الثقافة الإمامية التي كانت تتجسد في الممارسات والخطاب استمرت مع البعض في ستينيات وحتى منتصف سبعينيات القرن العشرين.
فهذا الشيح يحيى منصور بن نصر من مشايخ قوى خمر ومؤتمراته يختم رسالة له موجهة للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بقوله: “مملوكك الحقير…”.
المصدر: صفحة الكاتب على افيسبوك