التحرك ضرورة.. الحديدة المنكوبة بين كماشة الحوثي وكارثة الفيضانات
المرسى- محمد الصلاحي
في كل فصل ممطر، تعاني العديد من المدن اليمنية من الأضرار الناتجة عن تدهور البنية التحتية، وتدني مستوى الخدمات، والإهمال في تنظيف الجسور والقنوات المائية.
لكن في مدينة الحديدة، تكون الأمور أكثر تعقيدًا وإيلامًا، مما يثير القلق سواء على المدى القصير أو الطويل إذا لم يتم اتخاذ حلول جذرية.
تُعد المدينة الساحلية، الملقبة بـ”عروس البحر الأحمر” والتي تقع في غرب اليمن، رمزًا لواقع مرير بفعل عاملين: طبيعي وبشري. الطقس والتغيرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة هطول الأمطار الغزيرة هي عوامل طبيعية تؤثر على المدينة.
أما العامل البشري، فيتمثل في سيطرة مليشيا الحوثي التي أظهرت عجزها وفشلها في التعامل مع الأوضاع، مظهرة عشوائية ولا مبالاة تجاه المواطنين، رغم أن المدينة توفر لهم إيرادات كبيرة جدًا.
شهدت الحديدة خلال الساعات الماضية هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة، أدت إلى سيول جارفة دمرت الشوارع والمنازل، وأغرقت العوائل، وتشرد الكثير منهم.
وما زال عدد المفقودين في تزايد دون وجود إحصاءات رسمية. انهارت معظم الجسور، وتضررت البنية التحتية الهشة، حتى أن الطرق الرئيسية أصبحت غير صالحة لمرور السيارات والشاحنات، مما أدى إلى تعطل الحركة والتنقل وعزل الأحياء والقرى عن بعضها البعض.
في ظل هذه الكارثة، كانت آمال المواطنين معقودة على المساعدة الفورية، لكن موقف سلطات مليشيا الحوثي كان مخيبًا للآمال كعادتها. بدلاً من تقديم يد العون وتفعيل خطط سريعة وطارئة لإنقاذ الوضع، اكتفت بالمراقبة من بعيد. لم يكن هناك خطط استجابة عاجلة، ولا جهود إغاثة منظمة، ولا مركز إنذار مبكر، ولا وحدات إنقاذ مدربة.
بل تفاقم الوضع أمام أعين مسؤولي المليشيا الذين بدا أنهم غير معنيين بما يحدث. وفي نهاية المطاف، وتحت ضغط الرأي العام المحلي، أعلنت السلطات فتح باب التبرعات والتباكي بهدف المتاجرة والاسترزاق على حساب أبناء الحديدة البسطاء.
في ظل هذا الوضع المتأزم، تناشد الحديدة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل وتقديم المساعدة الفورية. هناك حاجة ماسة لتوفير خيام إيواء مؤقتة، ومياه صالحة للشرب، ومواد غذائية، وإمدادات طبية. كذلك، يجب أن تكون هناك جهود منسقة لإعادة تأهيل البنية التحتية وتحسين تصريف مياه الأمطار لمنع تكرار الكارثة.
لا يجب أن تواجه الحديدة هذه المآسي وحدها. العالم بحاجة لمشاهدة ومعرفة مقدار الخذلان الذي تعاني منه هذه المدينة النابضة بالحياة والمحاصرة بين غدر الطبيعة ولا مبالاة سلطات مليشيا الحوثي. لنضع جميعًا جهدًا لإيجاد حلول جذرية تدعم الأسر المنكوبة وتخفف معاناتها.