أدونيس الدخيني يكتب.. اليمن والتحولات الإقليمية.. فرصة أخيرة للحكومة لمواجهة مليشيا الحوثي

المرسى- رأي

فجأة، اختارت مليشيا الحوثي إطلاق الصواريخ يوميًا باتجاه الأراضي المحتلة. علنًا كان شعارها، إسناد غزة، وهو الإسناد ذاته الذي لم يحضر والاحتلال الإسرائيلي يدمر أحياء بكاملها، وأسر بكافة أفرادها في قطاع غزة على مدى أكثر من عامٍ، حينذاك، أطلقت ثلاثة صواريخ تقريبًا طوال ذلك العام، ومجموعة من الطائرات المسيرة.

ولم يكن هذا الخيار إلا محاولة استباقية لمنع ارتدادات التغير الحاسم في المشهدين اللبناني والسوري. وجدت المليشيا نفسها في هذا الطريق الإجباري للنجاة بنفسها، وذهبت إلى رفع وتيرة إطلاق الصواريخ وإخراج كل ما في حوزتها، لإبقاء الوضع في المشهد اليمني كما هو.

فما إن بدأت في تنفيذ هذا الخيار حتى نشطت إعلاميًا، للتحذير من أي معركة ضدها، واختلاق تصريحات عن دعوات إسرائيلية لدعم الحكومة في معركة ضدها.

أرادت تحشيد الشارع إلى جوارها، أو على الأقل حياده حال أي تطور في المشهد اليمني، وتوفير أسباب قمع أي احتجاجٍ ضدها في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح.

تعاطت سريعًا مع التغيرات في المنطقة. وعلى الضفة الأخرى، بدت الحكومة كما لو أنها في مأزق لا أمام فرصة لإحداث تغير في المشهد اليمني، واستئناف معركة تعيد الاعتبار للجمهورية، وتقضي على المليشيا تمامًا كما حدث في سوريا، ولبنان.

داخليًا، أعادت هذه التطورات المطالب الشعبية إلى الذروة وعاد الأمل الذي كان قد تبدد بفعل فساد صاحب أقدس المعارك الوطنية، وأخطاء سياسية وعسكرية عديدة، واحتشد الناس خلف مجلس القيادة الرئاسي الذي ارتفعت قيمه أسهمه.

وهناك أيضا، حالة الخوف التي تعيشها بقايا الإمامة، وكذلك الخطر الذي يجب اجتثاثه، وهو الخطر الذي أخذ يوسع انتشاره خلال السنوات الأخيرة مستهدفًا المؤسسات الحكومية بإعادة هيكلتها، والمجتمع بمحاولة تطيفه، والمؤسسات التعليمية بتحريف مناهجها، وعمل بشكل منظم للقضاء على كل شيء، إلا نفسه فقط.

وخارجيًا، تهاوى محور إيران، واستفاق المجتمع الدولي من وهمه، وشاهد خطر المليشيا وهو يستهدف سفنه في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب، وبدأ التحرك لتحييده، وسيتجه إلى دعم أو سيؤيد على الأقل أي تحرك ميداني ضدها، بينما انكفئ حزب الله على نفسه يحصى خسائره ويحاول إعادة بناء نفسه، ومثله طهران التي فضلت المضي في استراتيجية الصبر والاحتلال يستهدف طهران والعديد من المدن الإيرانية، وقررت الفصائل الإيرانية في العراق التخلي عن استراتيجية وحدة الساحات.

إلى اللحظة لم تتضح رؤية الحكومة بعد هذا التغيرات. لم تستثمر جيدًا في الفرص التي توفرت، وتوفر أسباب الانسحاب من التفاهمات التي كان الوسيط الدولي إلى اليمن هانس غروند برغ قد أعلن عنها، أي خارطة الطريق، التي كانت عمليًا تعنى استسلام حكومي، وترسيخ لبقايا الإمامة الإرهابية، وتسليم رقاب اليمنيين للمليشيا.

كان الاستثمار هو الطبيعي والضرورة الملحة للمعسكر الحكومي ككيان، ولمكوناته أيضا. أعنى كان مصلحة وطنية وانتهازية في آن واحد، باعتبار البديل يجرد كل هؤلاء من جميع الطموحات والامتيازات والمشاريع.

وأكثر من ذلك، كان يفترض أن تكون تجربة خارطة الطريق قد أعادت تشكيل الوعي السياسي للمعسكر الحكومي، واستيعابه لأهمية التماسك في كيان يواجه بقايا الإمامة، ويحيدها بالكامل. وطبقًا لما يبدو واضحًا، لا يتعلم العقل السياسي اليمني من أخطائه وتجاربه، ذلك أنه لا يعيد تقيم نفسه، ويظل عند رأيه أنه كان في الموقف الصحيح واتخذ الخيار المناسب حتى وهو غارق ولم يتبق سوى رأسه فقط، ولذلك، يكرر اخطائه دائمًا ويواصل ثقته بصوابه، باستثناء السياسي اليمني الراحل جار الله عمر الذي نقد نشاطه السياسي، وقال هنا أخطأنا وقيم سلوكه ورفاقه السياسي في تلك المراحل، بتجرد لم أشاهد مثله عند أي سياسي يمني أخر.

لم تتوفر الفرص أمام الحكومة اليمنية كما هو الحال في الأثناء. وإن ذهبت فقرؤا على كل مجلس القيادة وكل مكوناته السلام. وعلى الناس أن تبحث عن قيادة تحمل تطلعاتها وقضيتها، وتواصل أقدس معارك اليمنيين.

والأكيد، لن يخوض أحد المعركة نيابة عن اليمنيين. لا أشقاء ولا مجتمع دولي. دور هؤلاء مساند أو مؤيد فقط.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك

Exit mobile version