أدونيس الدخيني يكتب.. المعركة.. الأداة الوحيدة لاستعادة الجمهورية
المرسى – راي
المعركة هي الأداة الوحيدة القادرة على انتزاع كل مطالب اليمنيين. انتزاع صنعاء، ومؤسسات الدولة، وفتح الطرقات، وإعادة الخدمات الأساسية، وإنهاء الأزمات، وقبل ذلك استعادة الجمهورية.
عبدالملك العجري أقر بنفسه ضمنياً عدم الاعتراف بالجمهورية. قال إن المأجور “الحوثي سيظل المرجعية السياسية العليا في اليمن وهذا غير قابل للنقاش”.
مقابلته مع مجلة “الاتلانتيك” الأمريكية، أعلنت رسمياً وفاة الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.
هذا إذا كانت الحكومة ما زالت تبحث عن مفاوضات تحت سقف الجمهورية، والمرجعيات الثلاث، مع أن الأخيرة لم تعد موجودة في كل تصريحات المبعوث الأممي وإحاطاته.
تصريحه هو تأكيد عن إمامية الدولة القادمة. هذا تصور ميليشيا الحوثي للحل السياسي. وهو التصور الذي يؤكد ما هو مؤكد، أن اليمني وميليشيا الحوثي لا يلتقون في أي طريق.
فلماذا، إذن، الاستمرار في خيار التفاوض مهما كانت الضغوط؟
ناورت ميليشيا الحوثي في السنوات الأولى من الحرب، مؤكدة تمسكها بالنظام الجمهوري.
وشيئاً فشيئاً، ذهبت إلى المساس بثوابت اليمنيين، بدءاً من إخفاء كل ما يتعلق بثورة سبتمبر المجيدة من المتحف الحربي، إلى دفن المأجور الصريع المقبور المدعو صالح الصماد الذي لقى مصيره المستحق بغارة جوية للتحالف في الحديدة، جوار النصب التذكاري للجندي المجهول في ميدان السبعين.
ولاحقاً، شرعت في تغيير المناهج الدراسية وحشوها بالدروس الطائفية التي تدمر وتدجن المجتمع وتحاول استعباد الجيل النشء والشباب بتغيير المناهج الجامعية، وإقامة الدورات الطائفية الإجبارية. هذه الدورات استهدفت مختلف فئات المجتمع، وإجبارياً في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي بقوة السلاح.
حاولت ميليشيا الحوثي جس نبض اليمنيين أكثر من مرة في ردهم على مشروع النظام الإمامي، تارة بمحاولة تقديم مظلومية النظام الإمامي البائد، وتارة، بمهاجمة النظام الجمهوري، وتارة ثالثة، بالقضاء على كل ما له صلة بالنظام الجمهوري، بما في ذلك الاحتفالات الوطنية واستبدالها بالفعاليات الطائفية.
من هنا، اكتملت ملامح مشروع مليشيا الحوثي، وظهرت أهمية وقداسة المعركة التي يخوضها اليمني ضدها.
تفاجأت وهي تشاهد الحشود الكبيرة التي احتفت بثورة السادس والعشرين من سبتمبر في صنعاء وبقية المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح وواجهتها بقمع مفرط، لم يفلح في إثناء الناس عن التمسك بثوابت بلادهم.
كانت تلك الاحتفالات واحدة من فصول أقدس المعارك. خرج اليمني متحدياً ميليشيا الحوثي، ويتوقع الموت ورأى ذلك واجباً وطنياً للدفاع عن هذه البلاد.
كسرت تلك الاحتفالات حاجز الخوف، وبدأت تتشكل سلسلة من الإضرابات في المقدمة اضرابات المعلمين المطالبين بصرف رواتبهم المنهوبة للعام التاسع على التوالي.
فجاءت الجهود الاممية لتشكل فرصة للمليشيا الحوثية عبرها حاولت الحصول على الرواتب واحتواء الغضب الشعبي المتصاعد، وانتزاع المزيد من المكاسب التي تساهم في ترسيخ وجودها باسم الملفات الإنسانية.
رفضت مناقشة كل الملفات الأخرى على أن تكون في مرحلة لاحقة، وحصرت المفاوضات على بنود تحقق بها المكاسب السياسية وحصلت على ذلك. وجاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ليشكل فرصة ثانية تستثمره ميليشيا الحوثي، والهدف هنا، هو تحسين صورتها المشوهة في صفوف اليمنيين عبر القضية الفلسطينية التي تحتل مكانة بارزة في قلوبهم.
تراهن ميليشيا الحوثي على رغبة المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية بأي صيغة كانت، لتحقق باقي المكاسب، وعلى الهجمات في البحر الأحمر على سد الجميل لإيران بالسيطرة على مضيق باب المندب، وتحسين صورتها لدى اليمنيين، وكلها باسم القضية الفلسطينية.
رأى العجري في الأثناء، أن المناخ بات مهيأً للإعلان عن سقف المفاوضات التي تكافح الأمم المتحدة لإقامتها بين الحكومة وميليشيا الحوثي.
الأهم هو موقف الحكومة في الأثناء. لم تفقد أوراقها بعد، لديها المساحة الأكبر، والمحافظات المهمة والغنية بالنفط، ولديها الدعم الشعبي أكثر من أي وقت مضى.
هي بحاجة فقط إلى الإرادة والتحرر من الضغوط. تراهن على عدالة القضية، وإرادة اليمني التي لا تهزم. وهي الإرادة ذاتها التي انتصرت في ظرف أسابيع بمحافظة شبوة، وصمدت في مأرب وتعز والساحل الغربي والضالع ولحج.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك