حسام حسن
في كافة المدن والتجمعات السكانية المكتظة بمئات الأسر التهامية المهجرة أو حتى المقيمة جيوش من الجوعى والعاطلين والشباب التائه والأطفال الغائرة عيونهم من سوء التغذية الحاد وآلاف البيوت المبنية من القش والصفيح التي تجتاحها الحرائق ، ومئات المخيمات التي تدمرها الرياح العاتية أو تجرفها السيول السنوية أو ضحايا ألغام أرضية أو مسيرات جوية إيرانية غادرة .
في كل المجتمعات تجد رؤوس القوم يتصدون لقيادة الناس والأخذ بأيديهم و مواساة الأسر المعدمة والمساعدة في مداواة الجرحى وتفقد أسر الشهداء بل تأسيس مؤسسات تعمل بشكل منتظم وبطريقة مؤسسية لإيجاد مجتمع تكافلي وبناء الوحدات السكنية لهم وإنشاء المخططات السكنية وصرفها للشباب وحل مشاكل المجتمع .
في مجتمعنا التهامي لم يحصل شئ من ذلك فقادتهم تملأ صورهم وأخبارهم فقط المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الإجتماعي ويحضرون في مناسبات أعراس شخصيات معينين أو تربطهم علاقة مصلحة خاصة بهم أو واصلين في الدولة هذا هو حال القادة التهاميين ،، نسوا كيف كان حالهم قبل أن يكونوا في مواقع قيادية من البؤس وشدة المعيشة والقرب من آلام وآمال الناس نسوا أصحاب المهن البسيطة والشريفة الذين كانوا يقفون معهم في نفس المهنة في بيع وشراء السمك و تحصيل الرزق من موتور صوته كان يزعج الحارة والوقوف في باب مشرف لبيع الفل أو الحلاوة أو حتى الخاجلة في رمضان والهريسة والعتر والبطاط المغلي أو المشوي على الزيت في بقية أيام السنة نسوا دماء الشهداء الذين ملأت دماؤهم ساحات دوار الجمل ومدينة الصالح وكيلو 16 وهم مندفعين لاستعادة مدينتهم من أيدي مليشيات الكهنوت.
لقد تحول الزمان وخرج من رحم ذلك المجتمع البسيط قادة كانوا في يوم من الأيام يقولون نحن مهمشون نحن مضطهدون وبلادنا تتعرض للإستغلال واليوم وهم في سدة القيادة يمارسون على الآخرين أبشع أنواع التهميش وأشد أنواع إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان : نهب أراضي الآخرين ونسوا يوم كانوا يحضرون الأمسيات ويرددوا أغيثونا من الناهبين وسلخوا جيوب الناس حين باعوهم الكهرباء التجارية بأسعار خيالية ولم ترجعهم الذاكرة حين كانوا يصلون الجمعة في الشارع وينامون الليل على الأرصفة وهم يتضرعون نريد كهربا نريد كهربا .
ها هم قد انسلخوا عن معاناة المجتمع ولم يعودوا يحسون ببكاء الأطفال من الصيف اللاهب وذهبوا إلى الإستثمار في الغلاء وصرف العملات وفتح الحوالات وتهريب المشتقات والذخيرة لأعداء الحياة وتجار إقتصاد الحرب وبيع الأراضي والبسط على أملاك الآخرين بالقوة الغاشمة من أطقم ومدرعات كان يفترض بهم أن تكون في الخطوط الأمامية لدحر خروقات المليشيات والتأهب لاستكمال التحرير واستعادة الدولة من أذناب إيران واستغلال مكانتهم القيادية ودعم الأشقاء لتحرير الأرض وإعادة الكرامة للإنسان.
فإذا لم تذهب هذه القيادة لحل معاناة أبناء مناطقهم فمن من ستأتي النجدة والفزعة من قادة آخرين لديهم مجتمعات ومستضعفين في مناطقهم وهموم واستعادة دولة ومؤسسات ، فأبناؤكم أيها القادة التهاميون يعولون عليكم وينتظرون منكم عمل المستحيل والضغط على الجهات العليا لإيجاد الخدمات الحكومية المدعومة وليست التجارية (ماء ، غاز ،بترول ، كهرباء ،أسكان ، رواتب … ألخ)، لإيجاد الفارق الحقيقي بين المناطق المحررة وبين مناطق الحوثة حيث كل شئ تجاري ولا دور ملموس لمظلة الدولة .