محمود العتمي يكتب.. عن صالح وديسمبر: من فتح أبواب صنعاء للمغول؟

المرسى- رأي

هل تريدون عذرا أم حمارا؟
إذا كنتم تريدون عذرا لانقلاب 2014 ولا تريدون إرهاق أنفسكم بالتفكير؛ فالإجابة الأسهل هي “صالح”، هذا لا يتطلب أي جهد.

أما إذا أصرّيتم على الحمار وتبحثون عن المتاعب؛ علينا التفكير مليًّا والعودة قليلا للوراء.

تعرضت اليمن في 2014 لهزات ارتدادية دولية أثرت على كل مفاصل المشهد السياسي في اليمن بما يفوق قدرة صالح على احتواء ذلك التحول.

2014 لم يكن مجرد تاريخ عابر بالنسبة للعالم، فقد شهد الحدث الأهم خلال هذا القرن، وهو صعود الصين عقب إعلانها مشروع الحزام والطريق وتجاوزها الاقتصاد الأمريكي على أساس تعادل القوة الشرائية.

باختصار، بدأ “القرن الصيني” حينها، كما أسمته صحيفة الإكونومست. وهو الحدث الذي سيصبح محرك التغيير الأول في العالم، ولم تكن اليمن يومًا بمنأى عن السياسات الدولية.

تاريخيًا، في مثل هذه التحولات العنيفة، تُسحق مناطق الجذب الضعيفة والهامة. وكانت اليمن الضحية المثالية.

حدثان عنيفان هزّا المنطقة على التوالي: صعد إرهابيان على المنبر وأعلن كل منهما عن نفسه “أميرا للمؤمنين”. البغدادي وعبدالملك، كلاهما زعم انتسابه لآل البيت.

قدّم الحوثي نفسه للغرب كمحارب للإرهاب “السني” ممثلا بداعش. وبدعم دبلوماسي بريطاني، قامت الطائرات الأمريكية بدون طيار بتمهيد الطريق أمام الحوثيين لوقف تمدد داعش.

في العراق أيضا، كانت مليشيات الحشد الشعبي تقاتل تحت حماية الطائرات الأميركية بنفس الذريعة “داعش”.

على الصعيد العالمي، كان الحدثان الأبرز هما ضم القرم ومفاوضات الملف النووي الإيراني والتي ستؤدي إلى رفع العقوبات عن طهران وحصولها على موارد مالية ضخمة لدعم أذرعها.

في صنعاء بدأ هادي وحلفاؤه -كما فعل الآخرون- في استخدام الحوثيين لضرب خصومه ومنافسيه “آل الأحمر”. ذهب هادي إلى عمران معقل الأحمر بعدما سيطر عليها الحوثيون وقال عبارته الشهيرة عن العودة إلى حضن الدولة.

كان صالح يجيد قراءة المشهد الدولي، وقد حاول سابقا ومرارًا موازنة نفوذ القوى الكبرى الفاعلة دون جدوى، ولكنه آثر البقاء.

في 2017 ومع قدوم ترامب أُزيلت الكثير من الخطوط الحمراء الدولية، وسُمح بالتقدم في مناطق الحوثيين شمال اليمن. أدرك صالح أن لحظة الصدام آتية لا محالة فكان الثاني من ديسمبر.

وبين مشهد فرار علي محسن وغيره من صنعاء، وبين نهاية صالح وهو يقاتل داخل المدينة، لحظة تستحق التأمل وإعادة توزيع حصص اللوم على الجميع.

لطالما أسرفنا في الخصومة مع صالح، لكن وقد أصبح شماعة يُعلقون عليها كل الفشل بعد أن تقاسموا معه السلطة ردحا من الزمن، فقد آن الآوان أن يقرّوا بتحملهم الحصة الأكبر من اللوم.

اليوم علينا أن نتعامل مع صالح كقائد في مجلس الرئاسة، وليس قائدا للمؤتمر، وعلى أنصاره التصرف على هذا النحو.

Exit mobile version