محمد الصلاحي يكتب.. اليوم العالمي للمعلم: تكريم عالمي ومعاناة يمنية في مناطق الحوثي

المرسى- رأي

يُحتفل باليوم العالمي للمعلم في 5 أكتوبر من كل عام، وهو فرصة للاعتراف بالدور الأساسي الذي يلعبه المعلمون في بناء المجتمعات وتنمية الأجيال.

يُقدّر العالم المعلم على جهوده في تربية العقول وغرس القيم، لكن هذا اليوم يحمل معنىً مختلفاً ومؤلماً للمعلمين في اليمن، لا سيما في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، حيث يواجهون تحديات قاسية تجعل من مهنة التعليم نضالاً يومياً من أجل البقاء والاستمرار.

في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، يعاني المعلمون من أوضاع مأساوية ومعقدة، حيث تم إيقاف صرف الرواتب منذ أكثر من عشر سنوات، مما جعلهم يعيشون في ظروف معيشية صعبة للغاية.

فقد أجبر العديد من المعلمين على البحث عن أعمال إضافية لتأمين لقمة العيش لأسرهم، بينما اضطر آخرون إلى ترك مهنة التعليم نهائياً والهجرة خارج اليمن.

كما أن انعدام الرواتب لم يكن التحدي الوحيد؛ فالضغط النفسي والتهديدات والمضايقات المستمرة من قِبل المليشيا زادت من صعوبة حياتهم بشكل عام.

تقوم مليشيا الحوثي أيضاً بتسييس التعليم بشكل كبير وممنهج، حيث قامت بفرض مناهج تعليمية جديدة تحمل أفكارها الطائفية والعنصرية وتروج لأيديولوجياتها السياسية، مما يتعارض مع القيم الوطنية والمهنية التي يتشبث بها المعلمون.

وهذا التسييس يضع المعلمين في مواجهة مع ضمائرهم، حيث يجدون أنفسهم مضطرين لتعليم أجيال جديدة وفقاً لمناهج تتعارض مع المبادئ التي يؤمنون بها.

إلى جانب ذلك، تعرّض العديد من المعلمين للاعتقال والمضايقات الأمنية بسبب مواقفهم الرافضة للسياسات الحوثية أو مشاركتهم في الاحتجاجات للمطالبة بحقوقهم.

فالمعلم الذي يُعتبر رمزاً للعلم والمعرفة في كل دول العالم، أصبح مستهدفاً بالقمع والتهميش واللامبالاة في مناطق سيطرة الحوثيين.

إن هذه الأوضاع المأساوية التي يعانيها المعلمون في اليمن تتناقض مع روح اليوم العالمي للمعلم الذي يهدف إلى تكريم هذه الفئة الأساسية في المجتمع.

فبدلاً من الاحتفال بجهودهم ودعمهم، يجد المعلم اليمني نفسه في موقف حرج بين مواصلة رسالته السامية وبين تلبية احتياجاته الأساسية.

في الختام، يُعتبر اليوم العالمي للمعلم فرصة للتذكير بأهمية دعم المعلمين في اليمن وتقديم المساعدة اللازمة لهم، سواء من خلال الضغط الدولي لإعادة صرف الرواتب أو توفير بيئة تعليمية آمنة ومستقلة بعيداً عن التسييس والاضطهاد.

Exit mobile version