المرسى – رأي
يقدم الحوثي لأنصاره سرديات ومجموعة رؤى غير متماسكة بل إنها متضاربة في كثير منها، ويبدو أنها ناحجة مؤقتاً، على الأقل؛ نتيجة سيطرة (ذهنية الأحداث الكبيرة) بفعل العصر والإعلام وعدم التدقيق أو التفكيك للخطاب المقدم وبالتالي تبقى شعارات مثل غزة وفلسطين وأحداث مثل إطلاق صاروخ هي المسيطرة على أحاديث الناس وليس الوضع الاقتصادي أو مدى قدرة الصاروخ على جلب راتب مثلاً أو مدى قدرة (المنعة والعزة والسيادة) في صنع سيادة اقتصادية.
يقدم الحوثي لأنصاره السردية التالية: قوة مؤيدة من الله لها حق شرعي في التراث الإسلامي كله وفي الشيعي الزيدي تحديدا في حكم الناس خرجت مظلومة تنادي ضد أمريكا ودول الجوار التي كانت تحتل اليمن بشكل غير مباشر أو مباشر فقام العالم والإقليم والداخل بحرب ضدها ولكنها هزمت 17 دولة عربية وخلفها أمريكا وبريطانيا وأفشلت عاصفة الحزم ثم أصبحت تمارس ردعا صاروخيا مع دول الجوار ثم أصبحت صناعية عسكرية وأصبحت جزءاً مهماً في معركة تحرير فلسطين وتقاتل أمريكا وبريطانيا وتنتصر عليهم في البحر والبر وهي اليوم دولة منيعة ذات سيادة تستطيع أن تأتي بما تريد بقوتها وصناعاتها..
ويقدم الحوثي لذات الأنصار السردية التالية عن وضعهم الاقتصادي: عدوان خليجي مستمر سعودي إماراتي بدعم من أمريكا، حصار للموارد، إغلاق مطار صنعاء، ميناء الحديدة، منع البلد من استخدام ثرواته بفعل احتلال الإماراتي والسعودي الجغرافيا كلها للبلد تقريبا وبالتالي خنق الحوثي والشعب اقتصاديا ولهذا الشعب بدون رواتب وهذا قد ينتهي الحوثي حسب عبدالملك الحوثي عندما قال: (ان ما يحصل هي الخطة ب وهي تنويم الحوثي بالحديث عن مفاوضات ثم عدم اعطاء الحوثي شيئا، واستغلال موت الشعب اقتصاديا للثورة عليه)!
من السرديتين تتناسل اسئلة منطقية وهي: لماذا لا يسأل أنصار الحوثي انفسهم هذا السؤال وهو الأهم ولب الموضوع وهو: لماذا لا تقوم دولة المنعة والسيادة والصواريخ التي هزمت 17 دولة ثم امريكا وبريطانيا كما هو في (السردية الأولى).. بفرض استقلال اليمن وجلب الرواتب وصنع مستوى اقتصادي للشعب تحت ظل الصواريخ وهو الذي يعاني كما في (السردية الثانية)؟
وكذلك: لماذا الشعب الفلسطيني أعز عند الحوثي من الشعب اليمني، لماذا من اجل مدينة فلسطينية محاصرة كانت هناك صواريخ وحرب في البحر الأحمر لماذا لم ولن يفعل ذلك الحوثي من أجل المدن اليمنية كلها المحاصرة من دول العدوان، كما يقول؟
وكذلك: يقول الحوثي إن فلسطين محتلة ويجب تحريرها وأنه سخر قوته لذلك ولكنه يقول إن اليمن كذلك محتلة من دول العدوان في اغلبها فلماذا يقاتل من اجل تحرير فلسطين ولا يقاتل من اجل تحرير ارضه اولا؟ وهل يستطيع من ارضه محتلة وشعبه مهان اقتصاديًا ولم يستطع رفع الحصار عنه ان يفعل ذلك لشعب آخر؟
الحوثيون وأنصارهم فكروا فيها (هل من يملك المنعة والسيادة والصواريخ ومن هزم كل الدول.. وضعه انه محاصر وبدون راتب ويشحت ام ان المفترض ان صواريخه ومنعته وقواته صنعت له واقعا اقتصاديا حرا وعزيزا؟!).
من صفحة الكاتب على إكس