رأي – ادونيس الدخيني
ارتبط اسم جبهة الضباب غداة اندلاع الحرب، بتوفيق الوقار وعرفات دماج. الاثنان هما ابطال المعارك الميدانية، المعارك الأعنف والأشد ضراوة. استشهد عرفات دماج وهو يقود معارك عقاقة بعد أشهر من اندلاع الحرب، واستمر الوقار يقود ويخوض أشرس المعارك مع رفاقه حتى حسم المعارك وكسر الحصار جزئيًا الذي فرضه مرتزقة إيران على مدينة تعز، بفتح البوابة الغربية للمدينة.
خاض الوقار المعركة منذ اليوم الأول، وكان مفرق جبل حبشي ميدان النزال الأكبر بينه وبين ميليشيات الحوثي. هناك نصب الوقار ورفاقه الكمائن لعناصر ميليشيات الحوثي وهي متجهة إلى مدينة التربة لاستكمال السيطرة على كامل مدن المحافظة، وأرسل العشرات من العناصر الإرهابية إلى المقابر في ذلك اليوم، بعد أن شارك وإخوانه أيضا في المعركة داخل مقر اللواء 35 مدرع، ضد المليشيات الإرهابية.
وفي جبهة الضباب، استمر النزال مرات عديدة، ولم تكن المعارك الميدانية الأعنف، والهجمات المكثفة تحسم إلا بتوفيق الوقار ورفاقه. يرتقي اليوم البطل الجمهوري الكبير، توفيق الوقار شهيدًا بقصف شنته ميليشيات الحوثي الإرهابية عبر طيران مسير في منطقة الكدحة في ريف مدينة تعز.
ظل العقيد الوقار وفيًا للمعركة الوطنية رغم كل الحروب التي شُنت ضده وقادها الإخوان في مدينة تعز. كما غيره من ابطال المعركة الأولى، تعرض الوقار لحروب الإخوان والسعي إلى تحيده. فعندما كان مديرًا لمديرية جبل حبشي، شنت ميليشيات الإخوان هجومًا عليه لتحييده وتصفيته، وقاد خالد فاضل بنفسه المعركة ضده في مفرق جبل حبشي، تحت عناوين شتى، كان يسوقها الإخوان عند تصفية كل خصم لهم في المدينة.
ولم تنج أسرته من وضاعة الإخوان التي تصدرها اللواء خالد فاضل والعميد محمد سالم الخولاني. اختطف الإخوان والده المسن وشقيقه إلى السجون، وبالمناسبة كافة أفراد أسرته كانوا في الميدان، وخالد فاضل بذاته كان يعلم ذلك، وكان يشاهدهم بعينيه في جبهة الضباب، لكنه جبان، كافئ الرجل المسن بسجنه، هذا غير اقتحام منزله ومنازل اسرته، وقبل ذلك، قصفها، وترويع من بداخلها.
لجأ إلى الساحل الغربي، وانضم للمقاومة الوطنية، مواصلًا مسيرة الكفاح الوطني ضد أسوأ ميليشيات إرهابية وأكثرها وضاعة، واليوم يودع المعركة وهو بطلًا من ابطالها الكبار.
هذه خسائر كبيرة للجمهورية وأقدس معاركها، في وقتٍ هي في أمس الحاجة إلى المناضلين الشجعان. توفيق هو الشجاعة والفداء والإقدام وبطل الميدان الذي لا يعرف الانتكاسة أو الانسحاب، إنما التقدم، والانتصار.
إن عظمة هذه التضحيات التي تُقدم ستكتب الانتصار. لن يبيع اليمني جمهوريته وبلاده لمرتزقة إيران، ولن يخون هذه التضحيات، حتى وإن خانها مجلس القيادة الرئاسي في سوق مساومات الاستسلام.
سيواصل اليمني خوض المعركة كما خاض أجداده معركتي سبتمبر وأكتوبر، وسيكتب انتصاره بدماء وتضحيات ابطاله الكبار الذين اختاروا مقدمة الصفوف، دفاعًا عنه، وقدموا أسمى التضحيات من أجل تراب بلادهم الطاهر.
وداعه الله ياتوفيق الوقار، المجد والخلود لك، والعزاء للجمهورية باستشهاد واحد من ابطالها الكبار.