رأي – خالد سلمان
العطاس من حقه أن يقدم قراءته للأحداث، ولكن ليس من حقه أن يفر من شراكته في صناعة تلك الأحداث، فهو ليس مؤرخاً موضوعياً محايداً، بل شريك في صياغة حقب طويلة من صراعات السياسة.
اللافت في حديث العطاس أنه يقدم ليس لائحة اتهام بل حكماً باتاً نهائياً بشأن قاتل ومصير عبدالفتاح.
هكذا تتحول الذاكرة السياسية إلى انتقائية موجهة، وقراءة التاريخ إلى محاولة تصفية حسابات، وإحراق شخصيات، وتبرئة الذات وتنظيفها وإلباسها عباءة الاعتدال، ليكون بمباركة الرياض، بديلاً عن أسماء تاريخية حاضرا في مهرجان تقطيع، وتوزيع حصص حكم الجنوب.
إنها ذاكرة ملعوب بها، ومفصلة على مقاس رغبات ملوك ومشاريع سلاطين الجوار.
ليس هناك ماهو أسوأ من أن تدع الآخرين يكتبون شهادة وفاتك، يمهرون بختم عدم الصدق خاتمتك، ويكتبون على شاهدة قبرك:
هنا ينام رجل تعرى.
لو كان العطاس شخصية معتدلة غير عنفية، كما يحاول أن يسوق نفسه الآن، ويصف كل رفاقه بالتشدد، لما صدق وهو الرجل الوحيد المخول بالتوقيع، على أحكام إعدام أحداث 86 – مجرد عينة -.
مهما حاولت أن تغسل يديك، أنت من رجال الصف القيادي الأول، وجزء مقرر من تجربة حكم الجنوب، بكل تشابكاتها وتعقيداتها بمكاسبها ونكساتها وبما لها وبما عليها.
نعرف في السياسة الهروب إلى الأمام، أما الهروب إلى الخلف بهدف نيل شهادة حسن سيرة وسلوك،فهو علامة وماركة سياسية مستحدثة باسم العطاس.
قُل أخطأنا، ولا تقُل أخطأوا وأنا بينهم كنت النبي.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك