المرسى – رأي
كل البلدان ترحب بالاستثمار الخارجي وتسعى إلى استقطابه باستثناء بلادنا، تنظر إليه على أنه احتلال ونهب الثروة، وهي طبعًا مشكلة حولت البلاد إلى بيئة طاردة للاستثمار.
صادق مجلس الوزراء، قبل أيام على مشروع ميناء قشن للتعدين في محافظة المهرة، فعادت عديد وسائل إعلامية ونشطاء وصحفيين وكتائب إعلامية كاملة للهجوم على الإمارات، ومماسة السفاهة مجددًا.
لم يذكر خبر المصادقة أن الشركة إماراتية لا من قريب ولا من بعيد، وبحسب وزارة النقل، الشركة التي حصلت على العقد هي “أجهام للطاقة والتعدين”، شركة يمنية حاصلة على كافة التراخيص من الجهات المعنية لمزاولة مهامها ومملوكة لمجموعة من المستثمرين من جالية يمنية من أبناء يافع.. لكن الأمر قده بالنسبة لكل هذه الكتائب الإعلامية هي عقده.
وحتى إن كانت شركة إماراتية فما المشكلة؟
هي عقود واتفاقيات محددة البنود والشروط.
في كثيرٍ من البلدان، كان الاستثمار الخارجي سواء كانت شركات أو دولا، واحدة من عوامل نهوض هذه البلدان اقتصاديًا.
ذات الوسائل، قبل أعوام شنت هجوما مماثلا تحت نبأ تمديد أنبوب نفط سعودي عبر محافظة المهرة، مارست الوسائل نفسها والكتائب ذاتها التسفيه والهجوم ذاته، وتصويره كما تصور في الأثناء اتفاق مشروع ميناء قشن للتعدين على أنه “احتلال”، قبل أن تنشر صحيفة “الشرق الأوسط” خبرًا أفاد ببحث الرياض مع مسقط مسألة تمديد أنبوب للنفط، لم يقل هناك أحد أنه “احتلال”، لأن هذا المرض ليس موجودا هناك، إنما هو امتياز خاص باليمن الذي يعيش أسوأ الظروف وهو بحاجة استثمارات ودعم يساعده في النهوض.
سأقول هنا، لولا التحالف العربي وفي المقدمة السعودية والإمارات، كان ثلاثون مليون يمني يحجون مجبرين حول قبر الصريع المقبور الهالك المدعو حسين الحوثي.
كل المحافظات اليمنية تهاوت أمام ميليشيات الحوثي الإرهابية قبل تدخل التحالف، باستثناء محافظة الضالع هي الوحيدة التي صمدت وقاومت وخاضت المعركة بمفردها، ولم ينل كل الانهيار الذي عم مختلف المحافظات اليمنية، من عزيمتها وقرارها في خوض المعركة.
وكل المقاومات التي اندلعت لاحقًا، كانت بدعم من التحالف العربي، وحتى اليوم.
وفي كل معركة حضرت الإمارات أنجزت.
من عدن إلى تخوم مدينة الحديدة غربًا، وشرقًا، حتى حضرموت التي حررت من تنظيم القاعدة، إلى جانب محافظتي مأرب وشبوة، والأخيرة مرتين، الأولى قبل عدة أعوام والثانية قبل عام، عندما سيطرت ميليشيات الحوثي الإرهابية على مديريات عين وعسيلان وبيحان في ظرف أيام دون أي قتال مع القوات الحكومية التي تقودها قيادات من حزب الإصلاح، قبل أن يستعيدها عمالقة المقاومة الجنوبية.
وفي أقدس معارك اليمنيين، قدمت أغلى ما تملك.
روت تراب بلادنا دماء العشرات من أبنائها وهي تساند أشقاءها اليمنيين في عدن، ومأرب، والساحل الغربي إلى أبواب مدينة الحديدة.
ولا يجد اليمن في الأخير، سوى هؤلاء وهو يعيش في أسوأ مراحله مضافا إليهما مصر والكويت. يجدهم إلى جانبه في مساندته عسكريًا، واقتصاديًا، وتنمويًا.
خلال العام الماضي، عشرات المشاريع التنموية والإغاثية، بما في ذلك، مشروع إنشاء مطار المخا الدولي، وشق وسفلتة طريق تربط مدينة تعز المحاصرة من قبل ميليشيات الحوثي بمدينة المخا، و15 مشروعًا للمياه في محافظة حضرموت، وعشرة مشاريع تطويرية لقطاع المياه والصرف الصحي في العاصمة عدن، ومشروع إنشاء سد حسان في محافظة أبين بتكلفة قدرها مئة مليون دولار، ومشروع تزويد العاصمة عدن بمحطة طاقة شمسية بقدرة مئة وعشرين ميجا.
ضف إلى ذلك، مليار دولار مقدمة دعمًا للاقتصاد اليمني، وقد وصل منها مليار ومئتا مليون درهم إلى حساب البنك المركزي، وفق تأكيد رئيس الوزراء معين عبدالملك في المؤتمر الصحفي الذي عقده قبل أسابيع.
وقبل كل هذا، عشرات المشاريع في مختلف المجالات خلال سنوات الحرب الماضية.
وإذا كان هناك مشاريع استثمارية فهي لمصلحة البلاد لا ضدها، ولا بد من التحرر من المرض والوهم الذي نعيشه، ونشاهد تجارب البلدان كيف نهضت، بدل الغرور بالذات، وكما يقال “والخط فاضي”.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك