يعرف الكثير من ابناء تهامة أسم العلفي من مستشفى العلفي الذي غير الحوثيون أسمه إلى “مجمع الساحل الغربي” مؤخراً كجزء من حملة انتقامية لتغير اسماء معالم خلدت رموز اليمن خاصة ممن سجلوا مواقف بطويلة في القضاء على حكم الإمامة.
وحديثنا اليوم ليس على محمد العلفي الذي اخترقت رصاصات سلاحه جسد الأمام أحمد حميد الدين عام 1961 أي قبل عامين من انفجار ثورة 26 سبتمبر 1963 وانما عن بطل تهامي آخر ترك قصة ملهمة للأجيال وكان وقودا لمعركة التحرير ومزج بين السلاح والكلمة، وحين أبصرت الجمهورية النور وعاش في كنفها سلم روحه في شهر الثورة.
إنه “يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن الشحاري ،المولود في الحديدة عام 1932، صوت تهامة وشاعرها، المحارب والسياسي والأديب الذي تحل اليوم الذكرى الـ 24 لرحيله 16 سبتمبر2024.
والشحاري، الذي كان في قلب ثورة 26 سبتمبر 1962، هو واحداً من الأبطال الذين قادوا عمليات حساسة في مواجهة الإمامة، ولم يتوقف عند البندقية، بل امتد إلى صفحات الصحف والكتب، كصوت معبر عن آلام وآمال اليمنيين.
كما لم يكن الشحاري لم يكن مجرد قائد عسكري أو سياسي، بل كان أيضاً مثقفاً يتفاعل مع قضايا العصر ويبحث عن مستقبل أفضل لشعبه. لقد ناضل من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية، ودافع عن القيم الإنسانية التي تؤكد على الكرامة والحرية والعدالة. وما يجعل شخصيته فريدة هو قدرته على المزج بين الكفاح السياسي والموقف الأدبي، حيث كان يرى أن الكلمة يمكن أن تكون أداة للتغيير تساوي الكفاح المسلح.
يوسف الشحاري ليس مجرد اسم يمر مرور الكرام في تاريخ اليمن، فقد ثار ليكتب مصيره بيديه كشخصية متعددة الأبعاد، أصبحت رمزاً وطنياً يصعب تجاوزه.
وقبل عرض نبذة من سيرته، كم شحاري اليوم في تهامة تحتاجهم البلد، بعد عودة الأمامة مجددا بوجهها القبيح والتي أحالت الحديدة إلى قاعدة عسكرية لإيران، ونهبت مواردها فيما ابنائها لا يجدون ما يسد رمق عيشهم.
لكن تهامة التي أنجبت شحاري 26 سبتمبر، هي أرض ولاده، وهي قادرة على الالتفاف خلف شحاري جديد اليوم ينبعث من بين الرماد والظلم يطرد جماعة إيرانية ظلامية أهلكت الحرث والنسل، ويعيد تهامة إلى موقعها في الخارطة اليمنية والعربية، فأبن الأرض قادم يؤمن البحر، يثور، يكسر القيد ويتحدى سجن “قلعة الكورنيش” ولسانه حاله دوما يردد:
ولنعش لحظة من العمر قوما
حرروا من خساسة الانحناء
فإلى نبذة زمنية من سيرة حكيم ثورة 26 سبتمبر:
– ولد يوسف الشحاري عام 1932م في مدينة الحديدة، عاصمة تهامة الأزلية.
– 1954م أنهى دراسته الأساسية والثانوية ..وفي ذات العام 1954م التحق بكلية الشرطة.وتخرج منها عام 1957م وعين بعد التخرج مباشرة مديرًا للأمن في مدينة (اللحية) شمال غرب مدينة الحديدة.
– وفي 1958م التحق الشحاري بمدرسة الأسلحة بالكلية الحربية في صنعاء وفي 1959م عين معلما في كلية الشرطة بصنعاء..وفي ذات العام 1959م ساهم مع عديد من زملائه الضباط الاحرار في تأسيس تأسيس كتائب الحرس الوطني بمحافظة الحديدة.
– في عام 1962 ساهم الشحاري في تأسيس منظمة شباب الثورة خلال الانتفاضة المسلحة والتي اسقطت محافظة الحديدة من قبضة النظام الأمامي، كما تولى بعد عامين من الثورة مسؤولية أمن المحافظة في منصب مدير شرطة الحديدة.
– في1965م عبن مدرساً وكبيراً للمعلمين في كلية الشرطة بصنعاء ثم نائبا لمدير كلية الشرطة.. كما عمل ضابطًا لأمن إذاعة صنعاء، ثم مديرًا للتحرير في صحيفة (الثورة) اليومية في مدينة صنعاء.
– وفي1970م عين عضوا منتخباً عن مدينة الحديدة في مجلس الشورى وفي 1972م اختيرا وكيلا لرئاسة المجلس..وفي 1979م نائبًا لرئيس مجلس الشعب التأسيسي.
– وفي 1982م رئيسا للجنة العليا لانتخابات المجالس البلدية..وفي 1987م تم انتخابه عضوا ووكيلاً لمجلس الشورى..وفي يونيو1989م شارك ضمن وفد اليمن الشمالي في الدورة التاسعة عشرة للاتحاد البرلماني العربي والتي عقدت في ابوظبي والقى كلمة وفدي شطري اليمن قبل الوحدة في تلك الدورة.
– كما شارك على راس وفد في اللقاء البرلماني الدولي والعربي والحوار العربي الأفريقي والحوار العربي- الأوربيراس.
– كما كان أحد شهود توقيع اتفاق اعادة الوحدة اليمنية..وعضوًا في هيئة رئاسة مجلس النواب وعضواً في لجنة إعداد أول دستور للجمهورية اليمنية عقب قيام الوحدة..وفي1992م عين مستشارًا لرئيس الجمهورية، وفي 1993م رئيسا منتخبا لاتحاد الادباءوفي 1995م عضوا في اللجنة العامة وفي 1997م عضوًا في المجلس الاستشاري للرئاسة
– في 16سبتمبر2000م سلم اللواء حكيم الأدباء والثورة يوسف محمد الشحاري روحه إلى الله، تراكا قصته تلهم أجيال اليمن وتهامة خاصة التي وأن تأخرت شرارة عودتها إلا أنها حتما قادمة طال الزمن أو قصر.