كيف تدير مليشيا الحوثي اقتصادها الموازي؟
المرسى – تقارير
عمدت مليشيات الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة إلى تحويل الاقتصاد اليمني، خاصة الواقع تحت سيطرتها، إلى اقتصاد عشوائي غير منظم، مع سعي حثيث ومكثف لتدمير هياكل الاقتصاد الوطني ومؤسساته ومراكز القوى فيه.
ففي القطاع المصرفي همشت المليشيات البنوك وأدخلتها في سلسلة أزمات مفتعلة أبرزها أزمة السيولة والتي بموجبها دفعت عدداً من المصارف إلى حافة الإفلاس، والعجز عن تلبية طلبات العملاء أو القيام بأي من خدمات تقديم الإئتمانات والتسهيلات للتجار وكبار المستوردين، كما أفقدتها حتى القدرة على دفع التزاماتها تجاه صغار المودعين.
وفي مقابل تهميش وتدمير القطاع المصرفي أنشأت المليشيات الحوثية نحو ألف شركة صرافة وشبكة تحويلات مالية بهدف شرعنة الأموال المنهوبة التي نهبتها وإدماجها في الدورة النقدية، ومن ثم إعادة تحويلها إما إلى استثمارات داخلية، أو تهريبها إلى الخارج عبر السوق الموازية.
ويرى اقتصاديون أن تهرب الحوثيين من القطاع البنكي نظراً لالتزاماته بالاتفاقيات المنظمة لعملية مكافحة غسل الأموال، ناهيك عن أن البنوك تمر بعدة إجراءات تخضع لرقابة المعايير الدولية للعمليات المصرفية، فيما لا يتطلب ذلك في شركات الصرافة أثناء عمليات التحويل أو تهريب الأموال من وإلى خارج اليمن.
وفي قطاع المشتقات النفطية أصدرت قراراً بتحرير تجارة المشتقات النفطية وعملية توزيعها، لإتاحة المجال أمام قياداتها لإنشاء شركات خاصة باستيراد وتوزيع المشتقات النفطية وتسهيل عملية الحصول على المعونات النفطية الإيرانية بكل سلاسة وتحت غطاء شرعي، تستطيع من خلاله تجاوز أي إجراءات للتفتيش ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحتى بعد استيرادها للوقود تفتعل المليشيات أزمات متكررة في الوقود في مناطق سيطرتها من أجل تعزيز الأسواق السوداء والتي تباع فيها المشتقات النفطية بأسعار خيالية لا يوجد أمام المستهلك من خيار سوى دفع السعر الذي تحدده الشركات الحوثية، والتي تصب جميعها في خزائن الحوثي.
ويؤكد اقتصاديون أن تعمد الحوثيين بيع الوقود في السوق السوداء بأسعار باهظة من أجل حرمان التجار المنافسين للشركات الحوثية من هذه الميزة، حيث تنفذ شركة النفط الخاضعة للمليشيات عمليات تفتيش ونزولات ميدانية تستهدف فقط التجار المنافسين مقابل غض الطرف عن الشركات الحوثية وأسواقها السوداء المنتشرة في كافة مناطق السيطرة الحوثية.
ومن بين الأسباب التي دفعت الحوثيين لتعزيز السوق السوداء، من أجل استمرار أكبر قدر ممكن من الكتلة النقدية اللازمة في عمليات تجارة وبيع المشتقات النفطية خارج الاقتصاد المنظم وخارج السجلات الرسمية التي تلزم بموجبها جميع الشركات أياً كانت بدفع الرسوم الضريبية والجمركية للدولة الخاضعة لسيطرتهم والتي في ضوء ذلك ستكون ملتزمة بدفع المرتبات والأجور.
كما أنعشت المليشيات الحوثية قطاع العقارات والذي يعد أسرع وأسهل قطاع استثماري لشرعنة الأموال الحوثية المنهوبة من ممتلكات المواطنين بعيداً عن أي سجلات رسمية أو رقابة محلية أو خارجية، مستخدمين هذا القطاع في إعادة تشكيل وإعادة توطين لعناصر وقيادات الجماعة في المناطق التي دخلوا فيها قادمين من كهوف صعدة.
ولجأت المليشيات الحوثية كذلك إلى قطاع الأدوية والتطبيب فأنشأت المئات من المراكز الطبية والمستشفيات، في مقابل تدمير القطاع الصحي الحكومي، وسخرت الهيئة العليا للأدوية في إيقاف وكالات الأدوية المنافسة للشركات الحوثية الجديدة التي أغرقت السوق بالأدوية الإيرانية والتي تحصل عليها المليشيات كمعونات لدعم الجماعة وقياداتها أشبه بشحنات النفط الإيراني.
المصدر: وكالة خبر للأنباء