أخبار وتقارير

تحقيق :الحوثيون يؤسسون إمبراطورية زراعية على جثة الفلاح اليمني

المرسى – العين الإخبارية

أصبحت أراضي اليمنيين الزراعية المنهوبة مصدرا يدر ملايين الدولارات لمليشيات الحوثي بعد مصادرتها بشكل منظم ومدروس والعمل على استثمارها زراعيا.

فالمليشيات الحوثية التي صادرت آلاف الهكتارات الزراعية في صنعاء والجوف وصعدة وحجة والحديدة وإب وذمار وتعز ظهرت مؤخرا تابعة لشركات وليدة تعمل في الزراعة، وتذهب عائدتها للخزينة الاقتصادية والحربية للانقلابيين.

وتتبعت “العين الإخبارية” نشاط أكثر من 12 شركة حوثية وليدة لا يتجاوز عمرها 8 أعوام، شيدتها مليشيات الحوثي للاستثمار في القطاع الزراعي وتحديدا في الأراض المنهوبة أو تلك الأراضي التي تم مصادرتها تحت مسمى أراض تابعة للأوقاف.

كما استحوذت مليشيات الحوثي على جميع المؤسسات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة والثروة السمكية في حكومة الانقلاب، وعمدت لتشييد كيان جديد يدعى “اللجنة الزراعية السمكية العليا” لإدارة شركات حكومية وأخرى خاصة استهدفت استثمار الأراضي المنهوبة زراعيا لجني الأموال.

كيانات النهب

إلى جانب “اللجنة الزراعية السمكية العليا”، التي يقودها ذراع عبدالملك الحوثي في القطاع الزراعي “إبراهيم المداني”، شيدت المليشيات 3 كيانات لإدارة الشركات الخاصة التي منحتها صلاحيات كاملة لنهب قوت الفقراء واحتكار وتسويق وبيع المنتج الزراعي المحلي في الأسواق اليمنية.

والكيانات الحوثية الـ3 هي “الاتحاد التعاوني الزراعي” بقيادة الحوثي مبارك القيلي و”الاتحاد التعاوني لجمعيات منتجي الحبوب” بقيادة الحوثي عابد الطاهري، فضلا عن “نقابة تجار المواد الزراعية” ويترأسها عادل أحمد دغسان المتحدر من أسرة التاجر الحوثي للمبيدات السامة “دغسان”.

وتحت هذه الكيانات الـ3 هناك عشرات الشركات والجمعيات والتي شيدتها مليشيات الحوثي كشركات واجهة وشركات وسيطة تتولى شراء المحاصيل بأسعار زهيدة جدا من المزارعين، لتبيعها بأسعار مضاعفة في السوق المحلية.

وأبرز هذه الشركات، هي “شركة تلال اليمن للاستثمار الزراعي”، “شركة رواد الوطن لصناعة مستلزمات الإنتاج الزراعي”، “شركة ملكة سبأ”، “مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية”، “المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب”، مؤسسة “بنيان” التنموية، ويدير هذه الأخيرة محمد المداني.

كذلك “مؤسسة أنعم” في الجوف “جمعية ثمار صعدة التعاونية الزراعية”، “شركة أصل العنب”، ويقودها الحوثي علي جار الله وشركة “تأصيل الوطنية لإنتاج أمهات الدواجن” يمن”، شركة “انتج للتجارة والاستثمار الزراعي المحدودة” وشركة “اكتفاء الخير للتجارة والزراعة والتنمية الاستثمارية”.

وتضم “شركة تلال اليمن للاستثمار الزراعي” كبار قادة النهب منهم “محمد علي الحوثي”، وسعت لتنفيذ ما يسمى “مشروع الزراعة التعاقدية” عبر التعاقد مع عشرات الجمعيات التعاونية المحلية والمزارعين والتجار وفق عقود مجحفة، فضلا عن ابتزاز التجار بحسب مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية”.

وأشارت إلى أن شركة “تأصيل الوطنية لإنتاج أمهات الدواجن” يمن” هي شركة مساهمة تضم 11 مساهما حوثيا بإشراف وزارة الزراعة والري في حكومة الانقلاب، وتعمل بجانب شركة “انتج للتجارة والاستثمار الزراعي المحدودة”، التي أبرمت معها المليشيات عقودا بـ13 مليار ريال في إنتاج الدجاج المجمد من المزارع المحلية.

كما أبرمت مليشيات الحوثي مع شركة “اكتفاء الخير للتجارة والزراعة والتنمية الاستثمارية” تولي شراء محاصيل الحبوب الداخلة في الأعلاف مثل الذرة الشامية، والصويا مقابل صفقة بلغت “10 مليارات ريال”، طبقا لذات المصادر.

طرق الاستيلاء على الأراضي

وعن دور هذه الشركات في نهب أملاك المزارعين، قال مزراع لـ”العين الإخبارية” إن المؤسسة الحوثية لتنمية وإنتاج الحبوب قامت باستئجار مزرعة بمساحة إجمالية 26 هكتارا في وادي الخارد الخصيب مقابل دفع 50 ألف ريال (أقل من 100 دولار) سنويا للمالك على كل هكتار واحد.

كما “تقوم باستئجار واستثمار عشرات المزارع في محافظة الجوف، لا سيما مدريتي “الغيل” و”المصلوب” وجميعها تذهب لجيوب مليشيات الحوثي الإرهابية.

أما “مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية” ويقودها الحوثي أحمد الكبسي وتملك مزارع الشعب في الجوف، فقامت مليشيات الحوثي بتسليمها أكثر من 53 هكتارا من الأراضي الزراعية التي نهبت من المواطنين بزعم أنها أراضي “أوقاف”، وفقا لذات المصدر.

شركات أخرى

وخلافا للشركات الوليدة، عمدت مليشيات الحوثي عبر القيادي إبراهيم المداني على الاستحواذ على 5 شركات حكومية تابعة لوزارة الزراعة والرأي وحولتها إلى شركات خاصة للمتاجرة وجمع الأموال لتمويل حروبها العبثية.

وأبرز هذه الشركات، هي “الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس” وعينت الحوثي همدان زيد الأكوع، وهي إحدى الشركات التابعة لوزارة الزراعة والرأي وتدر سنويا أكثر من 70 مليون ريال من فرع محافظة ذمار فقط.

وتضم الشركة تحت مظلتها “المؤسسة العامة لإكثار البذور المحسّنة”، ومقرها في ذمار وتملك تحت مظلتها عديد المزارع، منها مزرعة “قاع شرعة” في محافظة ذمار ومزرعتا “رباط القلعة” بمساحة 20 هكتارا في محافظة إب.

كما استحوذت على “مؤسستي “الخدمات الزراعية” و”تنمية وإنتاج الحبوب”و “الهيئة العامة لتطوير تهامة”.

وتعتزم مليشيات الحوثي احتكار المنتجات المحلية وتشييد “سوق مركزي لتسويق المنتجات الزراعية” في كل محافظة خاضعة لسيطرتها، وقد سعت لفتح أحد الأسواق في أجزاء محافظة تعز الخاضعة لسيطرتها.

كما تعتزم تأطير المزارعين في كل مديرية تحت جمعيات خاضعة لها، حيث تضم كل جمعية ألف مزارع على الأقل، على أن تتولى هذه الجمعيات إبرام اتفاقات الزراعة التعاقدية وتتولى مسؤولية الاستثمارات الزراعية في منطقتها وتدير الأسواق المحلية، وفقا لاعترافات إبراهيم المداني

الجوف والحديدة.. مسرح النهب الأكبر

اتجهت مليشيات الحوثي بشكل كبير نحو نهب أراضي محافظتي الحديدة والجوف الزراعية الخصيبة منها عبر المصادرة بقوة السلاح، بزعم أنها أراضي “بوار” ومنها إبرام عقود طويلة الأجل مع المواطنين مقابل مبالغ زهيدة.

ففي الجوف، شيدت مليشيات الحوثي مكاتب خاصة لتأجير الأراضي الزراعية واستثمارها منها “مكتب الاستثمار الزراعي لتأجير الأراضي الزراعية” في المحافظة

واستولت قيادات حوثية على أكثر من ألف و500 مزرعة في مديريات: “المتون”، “الخب والشعف” و”اليتمة”، و”الغيل”، بطرق وحيل متعددة، بينها النهب المباشر، أو عبر ما يسمى “الحارس القضائي”، أو حتى عبر الصفقات التجارية الخادعة.

ووفقا لمصدر خاص في وزارة الزراعة اليمنية لـ”العين الإخبارية”، فإن مليشيات الحوثي نهبت أكثر من 46 ألف هكتار في محافظتي الجوف وتهامة وسعت لاستثمارها في زراعة الحبوب لتحقيق ما يسمى مشروع “الاكتفاء الذاتي” الذي أطلقه زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي.

كما قامت بنهب 4900 هكتار وعمدت لزراعتها بالحبوب بزعم أنها أراضي صحراوية لا تتبع أحد في محافظة الجوف.

أما في تهامة، فنهبت مليشيات الحوثي مساحات شاسعة جنوب وشرق وشمال الحديدة إلى جانب مدريتي عبس وحرض في محافظة حجة وسعت لزراعتها حتى تخوم خطوط النار بزعم أنها أراض صحراوية لا تتبع أحدا.

ووثق تقرير للخبراء الدوليين قدم لمجلس الأمن مؤخرا، مصادرة الحوثيين حوالي 3000 معاد من الأراضي (يساوي المعاد الواحد 2484 مترا مربعا)، بقيمة حوالي 15 مليار ريال يمني في منطقة القصرة بمديرية بيت الفقيه.

 كما استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بمبلغ 80 مليار ريال يمني في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة بذريعة أنها أراضي أوقاف، على الرغم من مطالبات مواطنين محليين بملكيتها، وفقا لذات المصدر.

وذكر التقرير أن الاستيلاء الحوثي على الأراضي في الحديدة ومناطق أخرى أدى إلى طرد مئات الأسر المدنية وفقدان سبل عيشها.

ويقول البنك الدولي إن ما يقرب من ثلثي اليمنيين لا يزالون يعتمدون على الزراعة لتلبية احتياجات معيشتهم الأساسية، ويعيش أكثر من 75% في المناطق الريفية، حيث تمثل النساء نحو 95% من القوى العاملة.

اشترك في اخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com