المرسى – العين الإخبارية
ملحمة وفاء وفخر تسطرها الإمارات لشهدائها الأبرار، في يوم الشهيد، الذي أضحى مناسبة وطنية تخلد جهود الإمارات في نشر السلام بالعالم.
فالإمارات، وهي تحيي الثلاثاء “يوم الشهيد” تستذكر بفخر وامتنان تضحيات وبطولات شهدائها الأبرار في الداخل والخارج.
تضحيات وبطولات خلد بها شهداء الوطن اسم بلادهم بأحرف من نور في تاريخ الإنسانية كدولة رائدة في نشر السلام ودعم الاستقرار في العالم.
وتحيي الإمارات يوم الشهيد في 30 نوفمبر من كل عام، تخليدا ووفاء وعرفانا بتضحيات وبطولات الشهداء الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الامارات خفاقة عالية وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة.
أول شهيد
ويتزامن “يوم الشهيد” مع ذكرى صعود روح الشهيد سالم بن سهيل بن خميس إلى بارئها ليسجل اسمه في التاريخ كأول شهيد إماراتي، في مثل هذا اليوم من عام 1971 قبل أيام من إعلان تأسيس دولة الإمارات.
واسُتشهد سالم على يد القوات الإيرانية الغازية عندما هاجمت جزيرة طنب الكبرى بينما كان يؤدي واجب الحراسة في مركز شرطة الجزيرة؛ التي تتبع إمارة رأس الخيمة.
وتحل المناسبة هذا العام في وقت تحتفل به الإمارات بيوبيلها الذهبي، لتؤكد أن تضحيات شهدائها لم تذهب سدى، بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن وقيادته الرشيدة والعمل دائما لرفعة الوطن في مختلف الميادين.
تحل المناسبة، في وقت تمضي فيه الإمارات قدما على أكثر من صعيد، وبشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيتها الحكيمة الساعية لنشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.
حفظ السلام.. محطات تاريخية
ويعد دور القوات المسلحة الإماراتية في عمليات حفظ السلام الدولية، من الأمثلة الحية التي تجسد الدور الفاعل لسياسة الدولة الخارجية، في نشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات.
ومنذ عهد الرئيس المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرست الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.
وهو دور ما تزال الإمارات تقوم به تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وخلال العقود الماضية شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
كما سطر الإماراتيون قيادة وحكومة وجيشا وشعبا أروع معاني الوفاء والدعم والحب للكويت وشعبها، حيث شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي، و قدّمت 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وترجمة لالتزام الإمارات بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في “عملية إعادة الأمل” ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
ووقفت الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب.
وأسهمت الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة على إعادة الأعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
كما أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم “كوكس” بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.
فقد كانت الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2001 ، كان للقوات الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.
بعد ذلك بعامين شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان “إيساف”، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركة في القوة أكثر من 1200 عنصر، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.
وإثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وفي عام 2014، استشهد الملازم أول طارق الشحي في حادث التفجير الإرهابي في منطقة الدية في البحرين، حيث كان يعمل ضمن قوة “أمواج الخليج” في مملكة البحرين، المنبثقة عن اتفاقية التعاون الأمني الخليجي المشترك، مسجلا بدمائه ملحمة بطولة جديدة.
وانضمت الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
أول شهيد إماراتي باليمن
وفي مارس 2015 ، شاركت الإمارات في عملية “عاصفة الحزم” التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.
وفي يوليو 2015، استُشهد الملازم أول عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي (24 عاما)، ابن منطقة الفوعة في مدينة العين، كأول شهيد إماراتي في عملية “إعادة الأمل” للتحالف العربي، لدعم الحكومة الشرعية في اليمن.
شهداء الدبلوماسية
ومن ميادين القتال إلى ميادين الدبلوماسية والإنسانية، حيث قدمت الإمارات عام 1977 الشهيد الثاني في تاريخها، وأول شهدائها في المجال الديبلوماسي، وهو سيف سعيد بن غباش المري، الذي كان أول وزير دولة للشؤون الخارجية، واغتالته رصاصات غاشمة خلال محاولة لاغتيال وزير الخارجية السوري آنذاك، عبدالحليم خدام، في مطار أبوظبي.
وفي يناير 2017، قدمت الإمارات مجموعة جديدة من الشهداء في المجال الإنساني والديبلوماسي.
وطالت يد الإرهاب الغاشمة 5 دبلوماسيين أثناء تنفيذهم مجموعة من المهام الإنسانية والخيرية والتنموية في إقليم قندهار جنوب أفغانستان، قبل أن يلحق بهم في فبراير من العام ذاته جمعة عبدالله الكعبي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية أفغانستان، سفير شهداء الإنسانية، متأثرا بجراح أصيب بها في التفجير الإرهابي.
واحة الكرامة.. 196 شهيدا
وانطلاقاً من حرص القيادة الإماراتية على تخليد ذكرى شهداء الوطن الأبرار الذين جادوا بأرواحهم الطاهرة تأدية للواجب الوطني، أنشئت واحة الكرامة التي تم افتتاحها رسمياً في 30 نوفمبر 2016، كصرح يجسد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالبطولات المشرفة لشهداء الوطن، و عرفاناً لما قدموه من تضحيات وبذل، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن و كرامته، و حمايةً لمكتسباته و منجزاته.
وتضم واحة الكرامة جناحاً للشرف يضم أسماء 196 شهيداً من أبناء الإمارات البواسل، الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، في رسالة تؤكد اعتزاز القيادة الرشيدة بتضحيات شهدائها.
مبادرات تاريخية
ومع الاحتفال بيوم الشهيد الإماراتي يستذكر العالم أيضا مبادرات الإمارات في نشر السلام حول العالم.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للإمارات وللشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، عددا من المبادرات التاريخية، أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
من أبرز تلك المبادرات اتفاق السلام التاريخي بين الإمارات وإسرائيل، 15 سبتمبر من العام الماضي، وتدخل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شخصيا لتخفيف حدة التوتر في عدد من أماكن العالم، كان من أبرزها جهوده في نزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا في يوليو 2018.
كما رعت الإمارات اتفاق سلام تاريخي، وقعته الحكومة السودانية، مع حركات الكفاح المسلح في 3 أكتوبر، من العام الماضي، أنهى سنوات من الاقتتال في البلاد، بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة، لحل عقود من الصراعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
دور الإمارات الهام في نشر السلام، كان محل تقدير دولي، عبر عنه العالم قبل أيام بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 11 يونيو الماضي دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس مكانة دبلوماسية الإمارات القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.