المرسى | متابعات
شاركت فرقة “A-WA”، وهي فرقة مؤلفة من ثلاث شقيقات إسرائيليات من أصول يمنية، هذا الأسبوع، في برنامج “Tiny Desk Concerts” الشهير الذي يُذاع على أثير الإذاعة العامة الأمريكية “NPR”.
ليرون وتاغيل وتاير حاييم، هن ثلاث شقيقات من تل أبيب، اشتهرن في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 بعد صدور ألبومهن الشهير “حبيب قلبي”، وهاهن يعُدن إلى الجمهور بألبوم كامل استعرضنه على الجمهور الأمريكي عبر هذا البرنامج ويحمل عنوان “بيتي في راسي”، وهو الأغنية الرئيسية في الألبوم التي تستحضر رحلة جدتهن الطويلة بين اليمن وإسرائيل.
الولادة والنشأة
وُلدت الأخوات حاييم في مستوطنة شهاروت؛ وهي مجتمع يضم نحو 30 عائلة في وادي أرافا الصحراوي في جنوب إسرائيل، لأب من أصل يهودي يمني وأم ذات أصول يهودية أوكرانية-مغربية.
حصلت تاير على شهادة البكالوريوس في الموسيقى من كلية ليفينسكي. أما الشقيقة الثانية ليرون، فهي مهندسة معمارية، وتعمل الشقيقة الثالثة تاغيل كمصممة جرافيك ورسامة، ولديهن أيضًا شقيقتان صغيرتان، شير وتزيليل، وشقيق أصغر هو إيفياتار، الذي شارك في إنتاج ألبومهن الأول “حبيب قلبي”.
موسيقى مميزة
الأسلوب الذي اعتمدته الشقيقات الثلاث منذ صدور ألبومهن الأول كان مثيرًا للانتباه؛ فهن يمزجن موسيقى الهيب هوب والموسيقى الإلكترونية بالأغاني اليمنية التقليدية، وهو ما كان مفاجئًا بالنسبة إلى الجمهور، فأغنيتهن الشهيرة “حبيب قلبي” لاقت رواجًا كبيرًا في العالم العربي؛ لكنها أيضًا تصدرت المركز الأول في المبيعات وقائمة الأغنية الأكثر استماعًا في إسرائيل، وهي المرة الأولى التي تصل فيها أغنية تحمل عنوانًا عربيًّا إلى هذه المرتبة في الدولة العبرية.
بيتي في راسي
في ألبومهن الأخير “بيتي في راسي”، خصَّصت الفتيات الثلاث مساحة أكبر لعائلتهن المتحدرة من اليمن؛ فقصة الألبوم تدور حول رحلة جدتهن الكبرى راشيل، التي هاجرت من اليمن إلى إسرائيل ضمن تسعة وأربعين ألف يمني من أصول يهودية طلبوا اللجوء إلى الأراضي الإسرائيلية، خلال عملية “البساط الطائر” في عام 1949 .
وعبر هذه الأغنية تحكي الفتيات قصة الهجرة بأعين جدتهن التي تمردت على أوضاع النساء في اليمن، ابتداءً من الزواج القسري للقاصرات، وصولًا إلى عدم قدرتهن على التعبير بحرية عن آرائهن، فكسرت الجدة كل تلك القواعد، وطلبت الطلاق لترحل مع أولادها إلى مكان جديد؛ بحثًا عن الأمل والرزق.
الأغنية الثانية في الألبوم “هنا ماش هو اليمان” أو (هنا ليس هو اليمن)، وتتحدث عن مدى صعوبة قبولك في بلد الوصول أو الهجرة، تقول كلماتها: “جئت إليكم، عابرة، ورأيتني بدائية، ورأيتك الفرصة الأخيرة”، وهذا النص بالذات يحمل بين طياته إشارة صريحة إلى الوضع الحالي للاجئين في جميع أنحاء العالم، من فنزويلا إلى سوريا ودول إفريقيا.
ولكن حتى لو كانت الموضوعات التي تتحدث عنها أغاني هذه الفرقة النسائية صعبة ومؤثرة إلى حد ما، إلا أن الألحان التي يتم الاعتماد عليها في أغنياتها مرحة وتدفع بالرغبة في الرقص.. إنها ميزة يتمتع بها “لحن الهيب هوب اليمني” أو الموسيقى الشعبية اليمنية، كما تشرح الشقيقة ليرون: “كلمات الأغاني اليمنية حزينة أحيانًا، لكن الإيقاعات والجانب الموسيقي سعيد ومرح”.
بيئة يمنية
لم تهمل الأخوات الثلاث الجانب البصري في أعمالهن، فمقاطعهن المصورة تتوافق مع تلك الموسيقى التي يستحضرنها دومًا في أعمالهن، فهي عبارة عن مزيج ملون من ثقافة الهيب هوب والملابس اليمنية؛ رغبةً في إيصال رسائل عدة عن تعدُّد الثقافات وتمازج الحضارات.
تقول ليرون: “لقد استلهمنا ما أعجبنا من صور في الأفلام المصرية القديمة التي كنا نشاهدها ونشأنا عليها، ونحاول مزجها مع ثقافة الهيب هوب الخاصة بنا”، كما أن بعض أغانيهن المصورة أيضًا قُمن بتصويرها في شهاروت؛ حيث نشأن في جنوب إسرائيل، هناك نجد عديدًا من المشاهد الصحراوية والتي تشبه أجزاءً من اليمن.
الفتيات الثلاث لم يتجاوزن بعد العقد الثالث من أعمارهن ويعشن في تل أبيب، ويشعرن بالحزن الشديد لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، التي تحض الفنانين على عدم تقديم عروض في إسرائيل، وتقول إحداهن: “المقاطعة ليست حلًّا أبدًا، نحن نعاقب السكان والفنانين الذين لا علاقة لهم بقرارات الحكومة”.