المرسى – العرب
وصف مراقبون سياسيون تجدد العمليات الجوية للتحالف العربي على مواقع الحوثيين بأنه تعبير عن فشل الرهانات الحوثية على اختبار صبر التحالف الذي تقوده السعودية واستمرار المجاملة الدولية وخصوصا الأميركية للجماعة المدعومة من إيران.
يأتي هذا في وقت يؤكد فيه وزير الخارجية اليمني السابق خالد اليماني في تصريح لـ”العرب” أن الرسائل الأميركية متناقضة حول الملف اليمني.
ونشر تحالف دعم الشرعية في اليمن صورا تظهر بعض المواقع التي استهدفها طيران التحالف العربي في مجمّع دار الرئاسة بصنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون.
وكشفت الصور التي وصفها البيان بالاستخبارية عن ارتباط قصر دار الرئاسة بمنشأة سرية تحت الأرض تقع جنوب دار الرئاسة وترتبط بجبل النهدين، كما توضح الصور آثار ما بعد القصف لاستهداف طائرات التحالف عملية نقل أسلحة من المنشأة السرية بعد استهداف التحالف لها، إضافة إلى استهداف منصات إطلاق صواريخ وورش لتصنيع الطائرات المسيّرة ومخازن للأسلحة.
ووفقا لمصادر مطلعة تؤكد تلك التطورات المتسارعة على تحول في الموقف الدولي من الناحية السياسية، إلى جانب الدلالات العسكرية التي تحملها عمليات التحالف العربي ومن أبرزها الحصول على بنك أهداف جديد في مناطق سيطرة المتمردين وتراجع فاعلية الطائرات الحوثية المسيرة في مقابل تلك التي كان الحوثيون يعوّلون عليها كسلاح للردع والتوازن العسكري.
وأكدت مصادر محلية متطابقة وشهود عيان في صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية عودة الانفجارات التي تستمر لساعات في أعقاب قصف التحالف العربي لما يعتقد أنها مخازن أسلحة.
وترافق التصعيد العسكري في مناطق الحوثيين مع كسر الهجمات الحوثية التي كانت تستهدف السيطرة على مركز محافظة مأرب الاستراتيجية والتي يعتقد الكثير من المحللين أنها باتت أحد أركان التصعيد الرئيسية مع إصرار الحوثيين على إسقاط المحافظة الغنية بالنفط والغاز ورفض التحالف فرض المتمردين لشروطهم الخاصة بإيقاف إطلاق النار والمشاركة في مباحثات سلام بعد إكمال سيطرتهم على مأرب.
ويعزو عدد من المراقبين والخبراء السياسيين اليمنيين التحولات المفاجئة في مسار العمليات العسكرية في الحرب اليمنية إلى تغيّر في المزاج الدولي والأميركي تجاه الحوثيين بعد فشل كل المحاولات لجرّهم إلى طاولة الحوار السياسي، إضافة إلى شعور الإدارة الأميركية بالإحباط والحرج نتيجة إقدام الحوثيين على اقتحام مبنى السفارة الأميركية بصنعاء واعتقال العشرات من العاملين المحليين فيها.
وفي تصريح لـ”العرب” حول التغير الذي طرأ على الموقف الأميركي من الحوثيين وهل أن تجدد عمليات التحالف وعمليات الساحل الغربي نتيجة ضوء أخضر دولي للضغط على الحوثيين، قال خالد اليماني إن التغيير الوحيد الذي يمكن تلمّسه بالفعل على أرض الواقع هو الذي حصل بعد إدراج ثلاثة أسماء من القيادات الحوثية في قائمة العقوبات الموحدة بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة هي التي دفعت نحو هذا القرار المهم.
ولفت اليماني إلى التحول في تصريحات المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ والتي اتسمت بنوع من النبرة الحادة وغير المألوفة مقارنة بمواقف إدارة الرئيس جو بايدن في يناير الماضي حيث كان خطابها يوحي وكأنها تريد أن تتواصل مع الحوثيين أو أنهم يتجاوبون مع المطالب الأميركية بإنهاء الحرب.
وقال اليماني إن السياسة الأميركية تجاه المنطقة وخصوصا الملف اليمني تتسم في جزء كبير منها بالابتزاز وهو ذات الأمر الذي يمكن أن تصنف فيه مواقف الإدارة الحالية التي “أرسلت رسائل متناقضة، رفعت الجماعة الحوثية من قائمة العقوبات وأوقفت الإمدادات العسكرية الهجومية للسعودية وعادت بعد شهرين وطلبت من الكونجرس أن يرفع بعض العقوبات لأنها أرادت أن ترسل أسلحة إلى السعودية”.
وعن أبرز التحركات والمواقف الأميركية المتصلة بملف الحرب في اليمن أضاف اليماني “عاد الحديث مجددا في الكونجرس عن كيفية إعادة الحوثيين إلى قوائم العقوبات، وهي رسائل لا تجدي نفعا لأن جماعة الحوثي لم تترك مجالا للتواصل معها كما أنها لا تريد التواصل أصلا لأنها لا امتلك قرارها، فالقرار في طهران”.
وفي تفسيره للتذبذب الحوثي بين خطاب السلام ونبرات الحرب، تابع اليماني “كلما تعرضوا إلى ضغط عسكري حقيقي في الجبهات عادوا إلى الحديث عن السلام وإذا تقدموا على الأرض وأحرزوا انتصارات عسكرية يعودون إلى تجاهل كل أحاديث السلام مدفوعين بالشعور الزائف بالنصر”.
وبدا وزير الخارجية اليمني السابق متفائلا بانتهاء وشيك للحرب في بلاده، التي يرى أنها تتأرجح منذ سنوات بين موجات من الحرب والهدوء النسبي حيث سرعان ما تعود هذه الحرب إلى رتابتها المعتادة والمخيفة التي قال إنها تقتل اليمنيين وتفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي المتردي في ظل عجز المجتمع الدولي عن التدخل ووضع حد لانتشار المجاعة مع توقف دفع رواتب الموظفين منذ سنوات.
وأشار اليماني إلى أن المخاطر المترتبة عن الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يواجهه اليمنيون اليوم أخطر من ذلك المتعلق بالجانب العسكري وهو الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي ومكوناته الفاعلة السعي الجاد والحثيث لإيجاد نوع من أنواع تخفيف الضغط على الجانب الاقتصادي ومحاولة استقرار العملة وأن يحصل المواطن اليمني على الحد الأدنى من قوت اليوم حتى تستمر الحياة لأن هذا هو التحدي الأكبر.