نص الرؤية:
تمهيـــد:
بعد مرور سبع سنوات كاملة على الحرب البربرية التي تشنها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على اليمن واليمنيين، وما خلفته من ضحايا وخراب ودمار وأزمات وكوارث، وبعد فشل كل المحاولات والمساعي المحلية والإقليمية والدولية لاحتوائها وإيقافها بالطرق الدبلوماسية السلمية، وعجز قيادة البلد الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في إخمادها من خلال الحسم العسكري.
إيران تبني مليشيا الحوثي
وبعيدا عن المغالطات والمجاملات، نحن لو نظرنا لطبيعة العلاقة التي تربط مليشيا الحوثي بداعمها الرئيسي «ايران»، نجد أن «إيران» كانت ولا زالت حريصة كل الحرص على دعم مليشيا الحوثي، وتقويتها وتعزيز وجودها وسيطرتها، ودعم مواقفها، دعماً كاملاً، بحيث أصبحت قادرة على مهاجمة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومحاصرة مأرب، ومهاجمة الضالع وغيرها من المحافظات المحررة.
التحالف يهدم الشرعية
في حين نجد في المقابل التحالف العربي الذي يعد الداعم والراعي الأول للشرعية اليمنية وللأسف يعمل على استغلال ضعف الشرعية، وتشتيتها، وجعلها أداة طيعة بين يديه، عاجزة عن القيام بأدوارها وواجباتها وتحمل مسئولياتها بشكل فاعل ومؤثر على ارض الواقع، ولسنا بحاجة هنا لسرد الأمثلة على ذلك لثقتنا بأن الجميع يدركها .. ويكفي أن نشير بأن تكوين المجلس الانتقالي الجنوبي، وتكوين المقاومة الوطنية التابعة لطارق عفاش، وتكوين قوات عسكرية مدعومة وتابعة للتحالف أو الإمارات، كان ذلك ضد وجود الشرعية.
وما يجب التنبه إليه هنا هو أن مسألة إضعاف الشرعية، وتجزئتها وتشتيتها، وتغذية الصراعات والخصومات بين مكوناتها، لا يصب سوى في خدمة مليشيات الحوثي ومن وراءها ايران .. وأن استمرار الوضع الحالي لا شك سيقود مستقبلا إلى تحويل الحوثي من مليشيات انقلابية إلى دولة.. ومسألة تحولها إلى دولة تعني أنها ستكون مسنودة ومدعومة من إيران، التي نعي جيدا أنها دولة عميقة لها تاريخ ممتد من ألاف السنين.
تصحيح وضع الشرعية
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن للتحالف العربي، ونخص بالذكر هنا قيادة المملكة العربية السعودية باعتبارها قائدة هذا التحالف، والحاضن الرئيسي للشرعية – أن تغير وضع الشرعية وتصحح مسارها، وتعالج وتتلافى المشكلات والأخطاء والقصور التي تشهدها؟!.
وللإجابة على السؤال: نؤكد بأن تصحيح وضع الشرعية مرهون بتصحيح وضع التحالف وتوحيد الرؤية لعلاقته بالشرعية وعلاقته بالحرب في اليمن، وتغيير أسلوب تعامل قيادة التحالف معها.. وذلك التغيير بما يفضي إلى إصلاح ومعالجة كافة الاختلالات التي تشهدها من الداخل، وتوحيد مكوناتها، وتمكينها من امتلاك زمام قراراتها، واستعادة هيبتها، وقوتها، ووجودها على أرض الواقع اليمني. بحيث تكون قادرة على الوقوف في مواجهة مليشيا الحوثي وهزيمتها بكل قوة.. ونؤكد هنا أنه إذا لم يتم تحقيق ذلك، وإعادة الاعتبار للشرعية اليوم، فإنها ستظل ذلك الكيان الهامشي العاجز والضعيف، ولن تقوم لها أي قائمة طال الزمن أو قصر، وبذلك يفقد التحالف العربي مبررات تدخله في اليمن.
محددات وخطوات تصحيح وضع الشرعية
يمكن تصحيح وضع الشرعية، من خلال قيام التحالف العربي باستخدام نفوذه للتفهم أو الضغط على قيادة الشرعية لمعالجة الاختلالات التي تشهدها من الداخل، وبما يضمن تحويلها من مجرد كيان خامل وفاسد في فنادق الرياض إلى دولة حقيقية تمتلك زمام القرار، وتمارس مهامها من على أرض الوطن اليمني.. ويمكن تنفيذ ذلك من خلال القيام بالعديد من الإجراءات البسيطة المتعلقة بتصحيح الوضع الداخلي. وفيما يتعلق بتصحيح مسار ووضع الشرعية العام يمكن تحقيق ذلك من خلال الخطوات التالية:
أولاً: إصدار قرارات جمهورية:
تجنبا لإصدار إعلان دستوري يربك الشرعية دستوريا، نرى أن تصدر قرارات جمهورية تصحح أوضاع الشرعية، وتعيد ترتيب مؤسساتها، وتمكنها من مواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية بشكل مباشر على الأرض، وحسم الحرب معها عسكرياً، بدعم من التحالف العربي. ويتم ذلك من خلال قيام التحالف العربي، وتحديدا قيادة المملكة العربية السعودية بالاتفاق مع رئيس الجمهورية الفريق عبدربه منصور هادي، وبالتوافق مع المكونات السياسية، بإصدار القرارات الجمهورية الآتية:
- إصدار قرار جمهوري يقضي بإعفاء نائب رئيس الجمهورية الحالي، الفريق علي محسن الأحمر من مناصبه الحكومية وإحالته إلى التقاعد.
- إصدار قرار جمهوري يقضي بإعفاء وزير الدفاع الحالي الفريق محمد علي المقدشي، من مناصبه الحكومية وإحالته إلى التقاعد.
- إصدار قرار جمهوري بتشكيل مجلس أعلى للدولة يتكون من رئيس الجمهورية وستة نواب لرئيس الجمهورية بدلا عن مساعدين، لأن المساعدين تبقي الاختصاصات والصلاحيات للرئيس، بينما النواب تنتقل اليهم الاختصاصات. على أن يكون رئيس الجمهورية فيه رئيسا سياديا، وليس رئيسا تنفيذيا وقائدا أعلى للقوات المسلحة وهو منصب سيادي ليس تنفيذي. الجانب التنفيذي يتولاه مجلس الرئاسة بالكامل، حيث تصدر قرارات المجلس بشكل جماعي إما بالتوافق أو الأغلبية، وأي قرار يصدر من خارج المجلس الرئاسي يصبح قرارا لا دستوريا ولا يعمل به. ونقترح أن يضم المجلس الشخصيات التالية:
- الفريق الركن صغير علي صغير – نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والدفاع والأمن.
- د. أبوبكر القربي – نائبا لرئيس الجمهورية للشئون السياسية والخارجية.
- د. ناصر الخبجي – نائبا لرئيس الجمهورية للشئون المالية والاقتصادية والتخطيط والتنمية.
- يحيى محمد الشعيبي – نائبا لرئيس الجمهورية لشئون السلطة المحلية والشئون الإدارية.
- د. ياسين سعيد نعمان – نائب لرئيس الجمهورية لشئون التعليم والثقافة والإعلام.
- 6- د. بلقيس أبو أصبع – نائبا لرئيس الجمهورية لشئون المرأة وحقوق الإنسان .
- إصدار قرار جمهوري يقضي بدمج أعضاء مجلسي النواب والشورى في مجلس واحد.
- إصدار قرار جمهوري يقضي بتشكيل لجان عديدة من أعضاء مجلسي النواب والشورى تتولى إحصاء القوات العسكرية والأمنية وتصحيح الكشوفات في جميع المناطق العسكرية. إلى جانب إحصاء المعدات والعتاد العسكري ومن ثم إلغاء كل الأسماء الوهمية إن وجدت، وتقديم مقترحات لتطوير القوات المسلحة والأمن بالكامل. وذلك تحت إشراف وزارة الدفاع.
- إصدار قرار جمهوري يقضي بتشكيل حكومة كفاءات ووحدة وطنية مستقلة، بالتوافق مع المكونات السياسية، تتولى مهام السلطة التنفيذية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً. وتعيين الدكتور مصطفى أحمد نعمان – رئيسا لها.
- إصدار قرار جمهوري يقضي بإقصاء وتحييد كل الشخصيات المدنية والقبلية قيادات وأفراد من قيادة الجيش الوطني النظامي، وجمعهم في معسكر واحد يكون ضمن ما يسمى بالمقاومة الشعبية..وايكال مهام قيادة قوات الجيش النظامية لشخصيات عسكرية مؤهلة وتتمتع بخبرات عسكرية كبيرة.
ثانيا: استكمال تنفيذ اتفاقية الرياض:
قبل التذكير بضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض. نؤكد أنه بات من الضروري إعادة النظر فيه في الوقت الحالي. وذلك من خلال ما يلي:
- العمل بشكل جاد وسريع على إعادة النظر في بنود الاتفاق الخاصة بالشق العسكري والأمني. بحيث يراعى في ذلك تجنب إلزام جميع القوات التابعة لكل الأطراف للتحشيد والاستعداد لخوض معركة التحرير ضد مليشيات الحوثي الانقلابية ترعاها وزارة الدفاع والداخلية. وذلك بما يضمن تشكيل قوات عسكرية كبيرة تضم مختلف التشكيلات التابعة لكل الأطراف. وتكون قادرة على هزيمة مليشيا الحوثي وتحرير البلاد منها. ونقترح أن يتم توزيع مهام التحرير فيما بينها على النحو الاتي:
- تكوين هيئة أركان القوات المسلحة بطريقة تضم قيادات الوحدات العسكرية الموجودة الحالية ضمن هيئة الأركان التي ترسم الخطط العسكرية وتوزيع المهام والعتاد العسكري بين التشكيلات العسكرية المختلفة، وتقسيم المناطق «المطلوب تحريرها» الخاضعة لسيطرة المليشيات الانقلابية، إلى محاور توزع بين القوات العسكرية، بحيث تتولى قوات كل طرف من الأطراف المشاركة في اتفاقية الرياض تحرير المناطق المحددة لها. إلى جانب تولي مسألة إدارة المعارك، والإشراف عليها، والتنسيق بين جميع التشكيلات العسكرية الموجودة في ساحات القتال.
- إلزام كل القوات العسكرية التابعة للشرعية اسميا، الموجودة في الجنوب بمغادرة مواقعها والتفرغ لمواجهة مليشيا الحوثي، وذلك بحسب المهام التي ستوكل لها من قبل وزارة الدفاع. على أن تحل محلهم في مسألة حفظ الأمن والحدود قوات من المنطقة الثانية بقيادة محافظ حضرموت البحسني.
- إلزام جميع التشكيلات العسكرية والأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بمغادرة أماكنها في عدن وبقية المحافظات الجنوبية والتفرغ لمواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية، وذلك بحسب المهام التي ستوكل لها من قبل وزارة الدفاع.
- إلزام قوات من ألوية العمالقة إلى جانب القوات الأمنية السابقة بتولي مهام حفظ الأمن في العاصمة المؤقتة عدن، وتأمين الرئاسة والحكومة وكل المنشآت الحكومية.
ثالثا: ترتيبات عودة قيادة الشرعية إلى الوطن:
بعد استكمال الترتيبات السابقة وتأمين المحافظات المحررة حاليا، تبدأ إجراءات الترتيب لعودة كل قيادات الشرعية الموجودة في الخارج «السعودية – مصر – الإمارات – قطر – تركيا» إلى أرض الوطن، وتحديدا إلى المحافظات المحررة سابقا وذلك وفقاً للاتي:
1- بالنسبة لرئيس الجمهورية ونوابه، وأعضاء كلا من الحكومة ومجلسي النواب والشورى يعودون للعاصمة المؤقتة عدن، ومن أحب منهم الانتقال لمحافظة أخرى له ذلك، باستثناء نواب رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة.
2- إبلاغ جميع المسئولين والقيادات الموجودة في الخارج بأن جميع المخصصات المالية التي يتقاضونها بالدولار ستتوقف وسيتم تحديد مخصصات ومرتبات لهم بالريال اليمني عند عودتهم إلى اليمن، ومن يتخلف عن العودة يتحمل مسئولية نفسه.
3- إعادة النظر في أوضاع جميع السفارات اليمنية في الخارج، وتخفيض عدد الممثلين الدبلوماسيين فيها إلى الحدود الأدنى بحيث لا يبقى إلا الأشخاص الضروريين. وتحديد مرتبات السفراء والموظفين، بطريقة معقولة وبعيدا عن العبث.
رابعاً: تصحيح العلاقة بين التحالف مع الشرعية:
هناك قول مأثور يقول: «الاعتراف بالخطأ أول خطوات النجاح والإصلاح»، ونحن ندرك أنه لولا الأخطاء التي شابت العلاقة بين التحالف نفسه وثم بينه وبين الشرعية، خلال السنوات الماضية، لما وصل الحال بالأخيرة إلى ماهي عليه اليوم، من الوهن والضعف والانقسامات وغياب التأثير على أرض الواقع. وبالتالي فإن الطريق إلى إصلاحها يتمثل في اعتراف التحالف العربي بتلك الأخطاء، والعمل على تصحيحها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال ما يلي:
- إعادة النظر في العلاقة والطريقة أو الألية التي يتم من خلالها التعامل والتعاون بين الشرعية والتحالف العربي، وذلك من خلال ابرام وتوقيع اتفاقيات أو معاهدات صريحة وعادلة بينهما، تعيد الاعتبار للشرعية باعتبارها كيان لدولة مستقلة ذات سيادة، وليست أداة تابعة تدار وتسير وتُوجه من قبل دول التحالف. إلى جانب تحديد طرق وآليات ومجالات وحدود التعامل والتعاون القائم بينهما بشكل واضح وصريح، يضمن تجنب الفوضى والعشوائية التي سادت بينهما خلال الفترات الماضية.
- تقديم دعم حقيقي وواضح للشرعية، سيما في مجالي الجيش والأمن، بما يمكنها من استعادة دورها ومكانتها وهيبتها كقيادة شرعية للبلد قادرة على إدارة الدولة، ومواجهة وهزيمة مليشيا الحوثي الانقلابية، وتحرير البلاد من شرورها، وبسط نفوذها على كامل الأراضي اليمنية.
- تقديم دعم كبير للاقتصاد الوطني «البنك المركزي» بالقدر الذي يمكن الشرعية من مواجهة ومعالجة كافة الأزمات الآنية التي تعصف بالبلاد، ووقف عملية انهيار العملة المحلية، والحد من شبح المجاعة الذي بات يهدد غالبية الشعب اليمني.
- تمكين الشرعية من بسط سيطرتها على كافة الموانئ والمطارات والجزر والمنافذ اليمنية، وكذا المناطق النفطية، وجميع المؤسسات الإيرادية ومصادر الدخل، بما يمكنها من رفد موازناتها، والاعتماد على نفسها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
هذا ما رأيناه.. نأمل أن تصل هذه الرؤية إلى جميع المعنيين من قيادات المكونات السياسية اليمنية، وقيادة التحالف العربي، والمندوبين الأممي والأمريكي. وأن يتم التعاطي معها بشيء من العقل والمنطق. وذلك مراعاة لمصلحة اليمن وظروف الشعب، ومصالح المنطقة بالكامل.
وبالله التوفيق،،،،
إعداد مجموعة من المفكرين الوطنيين
بإشراف الأستاذ: محمد عبدالله الفسيل
تاريخ: 10 مارس 2022م