المرسى – عدن
أقام مركز سوث24 للأخبار والدراسات، السبت، ندوة مسائية حول “رؤية الجنوبيين للسلام في اليمن”، في مديرية المعلا بمحافظة عدن، شارك فيها ممثلي عن بعض الأطراف الجنوبية الفاعلة، والمجتمع المدني وبحضور صحفيين ونشطاء.
وفي مستهل الندوة، رحَّب مدير مكتب مركز سوث24 في عدن، يعقوب السفياني، بالضيوف المتحدثين والحاضرين جميعاً؛ مشيراً إلى أنَّ هذه الندوة تأتي ضمن مسعى المركز لبلورة رؤية جنوبية مشتركة حول مفهوم السلام في اليمن.
ولفت السفياني إلى أنَّ الندوة تأتي في ظل متغيرات سياسية كبيرة تمثلت بإعلان مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي شاركت فيه لأول مرة شخصيات جنوبية تطالب بالاستقلال؛ وكذا الاتفاق على وضع إطار خاص لقضية شعب الجنوب في المفاوضات الشاملة بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة.
وكان ضيوف الندوة المتحدثون كل من د. خالد بامدهف رئيس مركز دعم صناعة القرار بالمجلس الانتقالي الجنوبي، العميد محمد جواس عضو رئاسة المجلس الأعلى للحراك الثوري، واعد عبد الملك عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، منال مهيم رئيسة مؤسسة المستقبل للتأهيل عن المجتمع المدني.
وتضمنت الندوة، التي أدارها الصحفي حمدي اليافعي، خمسة محاور أساسية:
1- مفهوم عملية السلام في اليمن
2- الأطراف الجنوبية الفاعلة التي من الممكن أن تساهم في صناعة السلام
3- الآليات والمبادئ المقبولة جنوبياً للمشاركة في عملية السلام
4- الحلول النهائية التي ينتظرها الجنوبيون في عملية السلام
5- كيف يمكن توحيد المواقف الجنوبية نحو أي عملية سلام
مفهوم السلام
اعتبر خالد بامدهف أنَّ مفهوم السلام في أي مكان في العالم هو نفسه مفهوم السلام في اليمن حيث يتعايش الجميع بصورة متساوية وينبذون العنف، مع وجود العدالة المجتمعية.
وبالنسبة لواعد عبد الملك، “لا يمكن الحديث عن السلام عندما يتفشى الفقر والجوع”. وقال القيادي بالحزب الاشتراكي إنَّ إحلال السلام مرهون بمدى قدرة مختلف الأطراف على تجاوز الخلافات والعمل على “تحسين جودة حياة الناس”.
وقالت منال مهيم إنَّ السلام هو المواطنة المتساوية والقيمة المجتمعية القائمة على العدالة. وأشارت القيادية بالمجتمع المدني إلى أنَّ السلام بتعدد مفاهيمه وتعاريفه يتصل بشكل عام بالتعايش، مشيرة إلى أنَّ “العدالة تأتي قبل السلام”.
من هي المكونات الفاعلة لصنع السلام؟
اتفق الضيوف المتحدثون إجمالاً على أنَّ الدور الجنوبي في صناعة السلام يجب أن تضطلع فيه كل القوى والمكونات الجنوبية. وقالوا إنَّ المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم أكثر حضوراً وإطار عام يجب أن يستوعب كل الجنوبيين.
ورأى العميد جواس أنَّه “لا توجد خلافات” بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمكونات والأطراف الأخرى حيث يتفق الجميع على هدف واحد وهو الانتصار لقضية شعب الجنوب. كما أشار واعد عبد الملك إلى أنَّ العديد من قيادات الحزب الاشتراكي ينضوون تحت مظلة الانتقالي.
وأكَّد خالد بامدهف أنَّ المجلس الانتقالي هو الطرف الذي سيمثل الجنوب في أي عملية سلام بوصفه “إطار كفاحي وطني سياسي انتقالي وليس إطاراً حزبياً”.
وقالت منال مهيم إنَّ المجتمع المدني هو “رمانة الميزان” في عملية السلام. ولفتت مهيم إلى أنَّ المجتمع المدني “هو من يوجه الهوية الوطنية والسياسية لأي مجتمع”. وانتقدت مهيم إهمال دور المجتمع المدني من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى السياسية الجنوبية.
فشل الوحدة
واتفق الضيوف المتحدثون أنَّ فشل الوحدة اليمنية بين دولتي الجنوب والشمال والحرب التي تعرض لها الجنوبيون قوضت عملية السلام في اليمن. وقالت مهيم إنَّ الجنوبيين “تمت معاملتهم كمواطنين من الدرجة العاشرة”. واعتبر خالد بامدهف أنَّ الظروف اليوم تؤكَّد استحالة استمرارية الوحدة “حيث يذهب شمال اليمن لإقامة دولة دينية مذهبية”.
وعن مشاورات الرياض الأخيرة وما رافقها من متغيرات قال بامدهف إنَّها قد تؤسس مقومات لسلام حقيقي وواقعي. ولفت القيادي بالانتقالي إلى أنًّ قضية السلام في اليمن أصبحت مسيسة، وأنَّ استمرار “نهب” ثروات الجنوب والتخندق وراء مشاريع النفوذ والسيطرة يعني أنَّ “السلام بعيد والقتال سيستمر”.
وقال واعد عبد الملك إنَّ “الدولة الفيدرالية الجنوبية المستقلة” هي ما ينتظره الجنوبيون من الحلول النهائية في عملية السلام. ويعتقد جواس أنَّ رؤية الجنوبيين للسلام في اليمن اليوم موحدة بشكل كبير حول استعادة دولة الجنوب وإنهاء الوحدة اليمنية.
واعتبر محمد جواس أنَّ “السلام لن يتحقق في اليمن إلا بإنصاف قضية دولة الجنوب، مستبعداً أن يكون إعلان مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي تم مؤخراً خطوة في طريق السلام. وقال جواس إنَّ عوامل كثيرة تشير إلى هذا.
وشدَّد خالد بامدهف على أنَّ أي محاولة لصنع السلام يجب أن تأخذ بالحسبان الواقع التاريخي للجنوب وخصائصه الدينية والثقافية، معتبراً أن البنى السياسية التي نشأت في الجنوب مثلَّت بواقع الحال البنى المجتمعية الجنوبية.
وأشار بامدهف إلى أنَّ البنى السياسية في الشمال كحزب الإصلاح الإسلامي تعكس البنى المجتمعية هناك القائمة على القبلية. وذكر أنَّ “مشروع” استعادة الدولة تم رفض مناقشته في برنامج الحوار الوطني في صنعاء آنذاك “مما سبب انسحابنا من برنامج الحوار”.
وعن مشاركة الانتقالي في مشاورات الرياض، قال بامدهف إنَّ ما حدث كان ديناميكية سياسية من قبل المجلس لتعزيز حضوره سياسياً وليس تعاطياً مع أي أجندات.