المرسى – العين الاخبارية
تقود قيادات إخوانية متطرفة حملة ضد ثالث أكبر جامعة تعليمية في هذا البلد، على خلفية إقرارها برنامج ماجستير في تنمية وتطوير المرأة.
وتهدد الحملة التي قادها كبار قادة تنظيم الإخوان الإرهابي بتسريح أكثر من 30 ألف طالب وطالبة يلتحقون بكليات جامعة تعز والتي تأسست عام 1993، بعيدا عن التعليم وذلك بسبب الشيطنة الرهيبة التي تتعرض لها الجامعة.
وعلى مدى الأيام الماضية، تم مطالعة، عشرات المنشورات التحريضية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” فيما قال سكان محليون إن الإخوان الذين يسيطرون على المساجد في مدينة تعز خصصوا خطبا هجومية على جامعة تعز واتهموها بنشر “الشذوذ” وسط المجتمع اليمني فضلا عن “الانقلاب على الدين الإسلامي”.
وكانت جامعة تعز قد أقرت مؤخرا برنامج ماجستير في تنمية وتطوير المرأة، بهدف تمكين النساء من خلال اكتساب حقوقها المشروعة والقانونية، وفقا لمبدأ المساواة والعدالة بين الجنسين؛ وهو توجه سبق واعتمدته جامعتا صنعاء وعدن، كبرى جامعات اليمن.
رؤوس الفتنة
ودفع هذا القرار كبار قادة الإخوان على رأسهم الدعاة المتطرفين عبدالله احمد العديني ونجله عبدالسلام، وعلي القاضي، والزبيري الخزرجي، ونبيل القاضي، وكذلك نجيب المخلافي، ثم إبراهيم الأبي، وآخر يدعى بلال غنام، للتحريض ضد جامعة تعز واتهامها بالترويج لـ “الشذوذ” و”الاختلاط”.
وشارك عدد من المساجد في الحملة الإخوانية أبرزها “مسجد النور”، “مسجد الغفران”، “جامع المعلمين”، مسجد “الضبوعة”، “و”الاعتصام”، والتي أقامت ندوات ومحاضرات مسائية يومية للتحريض ضد الجامعة وقياداتها الأكاديمية.
كما أصدر ما يسمى “علماء ودعاة تعز” بيانا هاجم بشدة جامعة تعز والمنظمات “المشبوهة” على حد وصفه، واتهمهما بنشر الانحلال وإلغاء الفوارق بين المرأة والرجل وتفكيك الأسر.
وتصاعدت الحملة المتطرفة ضد جامعة تعز وأكاديمييها، ووصلت إلى حد المطالبة بإعلان “قائمة سوداء” بأسماء أعضاء مجلس الجامعة المصوتين لصالح إقرار تعديل برنامج النوع الاجتماعي، الذي أقرت على أساسه الماجستير، في خطوة اعتبرها ناشطون “حملة ترهيب وتحريض تهدد حياة أعضاء وطلاب الجامعة التعليمية”.
إنجاز للمرأة يهدمه الإخوان
يُعد برنامج الماجستير في تنمية وتطوير المرأة في إطار النوع الاجتماعي في مركز بحوث ودراسات تنمية المرأة بجامعة تعز، أحد الإنجازات التي تحققت للمرأة من خلال الاهتمام بكل شؤونها ورفع قدراتها وتمكينها من المشاركة الفاعلة في تنمية للمجتمع.
ومفهوم النوع الاجتماعي وقضاياه بات اليوم حقلاً علمياً يدرس فيه الباحثون واقع المرأة ومشكلاتها؛ حيث تجرى البحوث والدراسات السكانية والجغرافية والمسوح الاجتماعية والاقتصادية المختلفة التي تهدف إلى فهم التباين والتنوع بين الجنسين في الظروف والاحتياجات الحياتية والمشاركة والتحكم في الموارد والتنمية واتخاذ القرار .
جامعة تعز تردّ
ونفت جامعة تعز في بيان أن يكون “برنامج النوع الاجتماعي “خروجا عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، أو التقليد الأعمى للثقافات الغربية، أو يعني السيطرة على الرجل والتمرد على القيم والعادات والتقاليد الأصيلة”.
وأشارت إلى أن هذا البرنامج “يمثل الركيزة الأساسية ونقطة الانطلاق لتفعيل دور المرأة في المجتمع؛ ويعد إضافة نوعية تقدمها جامعة تعز ؛ من خلال مركز المرأة تجسيدا وترجمة عملية لدور الجامعة في خدمة المجتمع”.
ولفتت إلى الصعوبات التي واجهت إقرار البرنامج “من قبل بعض من الذين يستقون معرفتهم عن مسمى البرنامج من مفاهيم أيدلوجية أو عقائدية أو من الإعلام الموجه؛ وكلا المصدرين يرسمان البرنامج كفكرة غربية خطرة تهدف إلى معاداة القيم الدينية وأخلاقيات المجتمع”.
من جهته، أعرب نائب رئيس جامعة تعز للدراسات العليا الدكتور صادق الشميري في رده على هذه الحملة الإخوانية عن أسفه “أن يتم التضليل على الناس بتفسيرات خاطئة لمفهوم النوع الاجتماعي لدرجة أن يصل الأمر إلى التحريض على من وافقوا على فتح البرنامج”.
وأوضح المسؤول الأكاديمي في مقال مطول له التعريف العلمي لمفهوم النوع الاجتماعي “الجندر” وأدواره والفرق بينه وبين مصطلح “الجنس”، مؤكداً بأن الموضوعات التي يمكن أن تتناولها الدراسات تحت مسمى النوع الاجتماعي في أي مجتمع تخضع لثقافة المجتمع ودينه وعاداته وتقاليده ولا يمكن أن تتجاوزها.
وأكد أن النوع الاجتماعي لا يختص بالمرأة فقط، ولا بالجنس ولا بالسيطرة على الرجل وليست حركة تهدف لتدمير العائلة، ولا لنقض القيم والعادات والتقاليد المجتمعية، ولا يعني أيضا تخلي المرأة عن رعاية أطفالها ولا ترك أنوثتها؛ بل نعني بالنوع الاجتماعي أدوار وحقوق وواجبات وممارسات المرأة والرجل في المجتمع.
تلويث رداء الدين
في السياق، نددت اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن بالحملة الإخوانية الشعواء التي تتعرض لها جامعة تعز، واعتبرتها حملة تستهدف “خلط المفاهيم بهدف تشويه وإجهاض أي دعوة أو فعل يسعى إلى تطوير وتنمية المرأة لتقوم بدورها في المجتمع”.
وأكدت اللجنة الوطنية اليمنية للمرأة في بيان أن “مفهوم النوع الاجتماعي لا علاقة له بتلك الهرطقات التي ألصقت به من قبل حملة المناوئين لتنمية وتطوير المرأة بل وتؤكد أنها حملة تقوم على التلبس برداء الدين من أجل تزييف الوعي وقمع كل دعوة للتقدم والنهوض شبيهة بشعار (من جمهر كفر ) الذي أطلقه الكهنوت الإمامي ذات يوم”، في إشارة للحوثيين.
ووصف البيان الذي تلقته “العين الإخبارية”، الحملة بـ”الشعواء” التي وصلت إلى حد استخدام منابر المساجد ووسائل التواصل الاجتماعي، للتحريض على الجامعة والبرنامج ومن يقفون وراءه.
ودعا البيان الحكومة اليمنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والكيانات المجتمعية والنقابية وكل الفعاليات النسوية إلى إدانة هذه الحملات، والتصدي لكل صوت يستهدف المرأة وتنمية وتطوير دورها في المجتمع.
سر الحملة الإخوانية
إلى ذلك، قال أكاديمي فضل عدم ذكر اسمه في جامعة تعز لـ”العين الإخبارية”، إن حملة الإخوان ضد الجامعة التي تضم 30 ألف طالب وطالبة تستهدف تسريحهم بعيدا عن مقاعدهم الدراسية لصالح جامعات خاصة شيدها الإخوان.
وأوضح الأكاديمي أن الإخوان يتعمدون شيطنة جامعة تعز من أجل هدمها لصالح جامعتهم الخاصة التي شيدت في مدينة تعز، كبرى مدن اليمن كثافة سكانية، وحولت التعليم العالي إلى تجارة مربحه تدر عليهم ملايين الريالات.