المرسى – العين الإخبارية
في محمية طبيعية على بعد نحو 90 كيلومترا عن عدن، شيّد إخوان اليمن قاعدة عسكرية لراجمات الصواريخ والـطائرات بدون طيار “درونز” التركية.
تحشيد على أبواب المدينة الواقعة جنوبي اليمن يدفع خبراء وقادة عسكريين يمنيين إلى التحذير من مخاطر مواجهة جديدة، يدفع لها التنظيم الإرهابي نحو عدن والجنوب وباب المندب والمخا.
حشود إخوانية في محاور مختلفة، ترمي -بنظر مراقبين- لخدمة الأجندة التركية وأطماع الخلافة التي يجهز لها التنظيم على المستوى الدولي.
ودعت القيادات العسكرية، في تصريحات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، التحالف العربي والحكومة الشرعية لاتخاذ موقف حازم لحماية “اتفاق الرياض”، وقطع الطريق أمام من يستهدف إفشال الحكومة المعترف بها دوليا واستكمال تنفيذ الاتفاق.
تصعيد
يواصل عناصر الإخوان التدفق إلى المناطق الحدودية الجنوبية، وتشييد المواقع القتالية في مناطق التماس مع القوات الجنوبية والمشتركة بين تعز ومدن الساحل الغربي، لتصل باليومين الماضيين إلى جغرافية محافظة لحج الجنوبية، بوابة عدن الشمالية.
وعاد إخوان اليمن لفتح جبهة جديدة صوب عدن من تعز التي يسيطر التنظيم الإرهابي على كل مفاصل القوة العسكرية والأمنية بالمناطق المحررة بالمحافظة، وذلك عقب تنفيذ “اتفاق الرياض” وإفشال هجومهم الدامي في شقرة بمحافظة أبين، الباب الشرقي للعاصمة المؤقتة.
ودشن الإخوان رسميا محورا عسكريا جديدا تحت مسمى “طور الباحة”، سبق وأن أثار غضب أطراف يمنية عدة، وذلك من خلال عرض عسكري دعائي وعدائي في الجهة الشمالية من محافظة لحج، وهو محور دون صفة شرعية ولم يصدر بإنشائه قرار رئاسي معلن، بحسب مصادر عسكرية.
ويقود هذا المحور العسكري مراسل سابق لصحيفة “الصحوة”؛ الناطقة باسم حزب الإصلاح (الذراع السياسية لإخوان اليمن)، وهو قيادي إخواني تم منحه رتبة “عقيد” في 2017، بعد عام من انضمامه للجيش، ثم عُين قائدا للواء الرابع مشاة جبلي.
ولم يكن التصعيد على الأرض فقط، حيث وجه متحدث محور تعز الإخواني العقيد عبدالباسط البحر، رسالة تهديد مبطنة للشرعية والتحالف، وتطاول إلى التشكيك بجهود تنفيذ اتفاق الرياض وروج لاتهامات، في تصعيد إعلامي سافر.
وبالتزامن مع ذلك، شن ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، هجوما إعلاميا مماثلا استهدف القوات الجنوبية والدول المساندة للحكومة المعترف بها دوليا، في إشارة واضحة لرسائل منسقة بين أنقرة وتعز.
من جانبها، وجهت الحكومة اليمنية تحذيرا شديد اللهجة للسلطات في تعز، وطالبتها بتغيير “منهجية عملها محليا وعسكريا وأمنيا”، في رسالة استبطنت استياء حكوميا من تجميد جبهات القتال مع الحوثيين، ومتاجرة الإخوان بمآسي الحصار فيما باتت المدينة وكرا لإدارة التهديدات الإقليمية على رأسها أجندة أنقرة.
محاور وعشرات الألوية
مصادر بينها مسؤول عسكري رفيع، قالت لـ”العين الإخبارية”، إن تنظيم الإخوان بات يجهز قوة عسكرية من 3 محاور عسكرية، تضم “ألوية القيادي الإخواني حمود المخلافي” بالحجرية، و”ألوية طور الباحة” بالمقاطرة وطور الباحة، وألوية”محور تعز” الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح وتتمركز في المدينة.
وأوضحت المصادر أن “محور طور الباحة” تشكل من “اللواء الرابع مشاة جبلي” بقيادة الإخواني أبوبكر الجبولي و”لواء الكمب”، و”القاعدة الجوية” في جبل محمية “إرف” المطلة على الطريق الساحلي الرابطة بين عدن وباب المندب، ويصل ارتفاعها إلى 1500 متر فوق سطح البحر.
وأكدت أن مليشيات الإخوان شرعت في تحويل المحمية البرية ذات الأشجار النادرة لتكون قاعدة للصواريخ والطيران بدون طيار المصنعة تركيا، والتي دخلت في الترسانة العسكرية للتنظيم مؤخرا، وأقر بذلك الإعلام الإخواني على ضوء تغطية تحركات قائد محور طور الباحة المستحدث أبوبكر الجبولي.
أما المليشيات التي يقودها حمود المخلافي، فبدأت بدعم تركي تشكيل المحور الثاني مؤخرا.
ووفق المصادر نفسها، فقد تم الانتهاء من مرحلة المعسكرات التدريبية، وتأطيرها في 5 ألوية عسكرية هي “ألوية الحمزة” و”لواء يفرس” و”اللواء الخامس دعم وإسناد” و”اللواء الثالث دعم وإسناد” و”اللواء 170 دفاع جوي”، والذي يرأس أركان حربه نجل المخلافي الأكبر “حمزة”، ويقع شمال غرب تعز، فيما تنتشر بقية الألوية بكافة جغرافيا في مديريات “الحجرية” الاستراتيجية.
بينما المحور الثالث عبارة عن ألوية تعز وتضم: 22 ميكا – 17 مشاة – 145 مشاة – الشرطة العسكرية – اللواء الخامس حرس رئاسي، بالإضافة إلى مليشيات الحشد الشعبي وتشكيلات ضمن قطاع الأمن.
فيما لا تزال قوات “اللواء 35 مدرع” خارج ألوية الإخوان رغم تعيين قيادي موالٍ لهم قائدا لها، وكذلك قوات “الأمن الخاصة” والتي تشكلت منذ البداية بعيدا عن أيادي قيادات التنظيم الإرهابية.
تقاطع مشاريع خبراء عسكريون دعوا حكومة اليمن والتحالف العربي للتحرك بشكل عاجل لوقف تحشيدات الإخوان وتقاطع المشاريع التركية والإيرانية لاجتياح الجنوب والساحل الغربي عبر مليشيات الإخوان والحوثي.
ووفقا للخبير العسكري العميد فيصل حلبوب فإن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإعادة تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة، والضغط على حزب الإصلاح للالتزام ببنود اتفاق الرياض، ووقف التهديد ومنع الحشود على أطراف محافظة لحج والصبيحة، قرب باب المندب ومديرية طور الباحة وأبين الشرقية من “قرن الكلاسي” و”شقرة” حتى “أحور” و”المحفد” بمحافظة أبين.
وأشار إلى أن الإخوان لا يزالون يراوغون في تنفيذ بنود الاتفاق، ولم ينسحبوا كليا من “شقرة” و”الكلاسي” و”العرقوب”، بل دفعوا بتعزيزات بأكثر من لواء عسكري قدمت من مأرب وشبوة وسيئون.
وحذر حلبوب من خطورة الحشود من اتجاه تعز واستقطاب الإخوان لآلاف الشباب والمقاتلين، ضمن مخطط يستهدف إحراق عدن وقطع الطريق عن قوات العمالقة الجنوبية في الساحل الغربي ومحاصرتها وجعلها فريسة سهلة لمليشيات الحوثي.
وفيما لفت الخبير إلى أن هذه السيناريوهات تُرسم وتُنفذ بمساعدة خبراء أجانب يقدمون الدعم اللوجستي والمادي عبر أكثر من مصدر خارجي، أشاد بامتثال المجلس الانتقالي لتنفيذ اتفاق الرياض، ومعالجة كافة القضايا وإحلال السلام وتوجيه كل الجهود لمحاربة الحوثي والمد الفارسي ودعم جهود الحكومة.
من جهته، اعتبر أركان حرب اللواء 31 مدرع بالجيش اليمني، المقدم فهمان الغبس، تحشيد الإخوان في “الحجرية” و”طور الباحة” ترجمة لاتفاقات سرية بين الحوثي والإخوان.
واللواء 31 مدرع؛ ينتشر إلى جانب ألوية الرابع حزم والتاسع صاعقة والحزام الأمني في سياج ملتهب من “كرش” وحتى “القبيطة” إلى جبهة “حيفان”، لتحصين عدن من أي عدوان حوثي.
وقال المسؤول العسكري إن تصعيد تأطير المليشيات في محاور خارج القوات المسلحة بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، يمثل تنفيذا لتوجيهات أطراف أخرى معادية لليمن.
وأضاف: “في الوقت الذي استبشر فيه كل المخلصين بتنفيذ اتفاق الرياض لتوحيد الجهود لإنهاء الانقلاب الحوثي وعودة الدولة وتحرير العاصمة صنعاء من التمدد الإيراني، ظهرت تحشيدات الإخوان لإشعال فتنة جديدة”.
كيانات غير شرعية
متحدث المنطقة العسكرية الرابعة بالجيش اليمني النقيب محمد النقيب رأى أن تشكيل الكيانات العسكرية التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي غير شرعية، وقد استغلت انشغال القوات المشتركة بمواجهة الحوثي بجبهات الساحل الغربي ولحج والضالع لتصعيد أعمالها العدائية ضد عدن والجنوب.
وأكد النقيب عدم صدور أي قرار عسكري بمحور طور الباحة الإخواني ومثله اللواء الرابع مشاة بقيادة الجبولي، وقد عمل منذ نشأته على محاربة قوات المعسكر المناهض للانقلاب الحوثي وهي مليشيات مثلها مثل الحشد الشعبي أحد أجنحة الإخوان العسكرية ومليشيات المخلافي التي تضم جهاديين متطرفين.
وأوضح أن هذا العداء بدأ مع توقيع اتفاق الرياض بهدف إفشاله، لكن عقب التنفيذ خصوصا في الشقين العسكري والسياسي، انتقلت المليشيات للاحتشاد تحت يافطة جديدة بمسمى محور “طور الباحة” وتشييد المواقع القتالية للانقلاب على التوافق.
وعن خطة هجوم هذه المليشيات، بيّن المتحدث العسكري أنها تتجه لبسط نفوذها على بحري العرب والأحمر والسيطرة على باب المندب، “وهي الأجندة التركية التي لطالما حذرنا منها لأنها تعمل على حرف معركة الشرعية عن مواجهة الحوثي إلى تحرير المحرر”.
ولفت إلى وجود شق طريق عسكري يربط “الحجرية” و”المقاطرة وتطوق بلدات قبائل “الصبيحة”، وتصل إلى الخط الساحلي على خليج عدن تزامنا مع مخططات تفكيك وتشويه الجهود الأمنية في طور الباحة المحررة، لتنفذ بذرائع مختلفة في مجتمع قبائل الصبيحة التي أكدت، بمختلف مشائخها، وقوفها بجانب المقاومة الجنوبية، ورفعت جاهزيتها القتالية العالية لمواجهة هذه الأجندة.
وأكد النقيب جاهزية القوات الجنوبية لمواجهة التحشيدات الإرهابية وإفشال كافة مخططاتها، داعيا التحالف لاتخاذ موقف حازم وسريع لكبح جماح التحركات الإخوانية التي تنفذ أجندة أنقرة باليمن.