المرسى – وكالات
حذر مراقبون يمنيون من تداعيات شطب جماعة الحوثي من لائحة الإرهاب، وأبدوا مخاوف من إلغاء أمريكا للقرار دون تنازلات حوثية لدعم السلام.
ورغم أن واشنطن أبقت العقوبات المفروضة على زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي وذراعيه العسكرية والاستخباراتية، غير أن توقيت إعلان قرار شطب اسم الجماعة ككل في خضم تصعيد حوثي على الأرض ومهاجمة الأعيان المدنية كمطار أبها بالسعودية من شأنه أن يمنح المليشيات الجرأة لرفع سقف شروطها للمشاركة في أي تسويات مقبلة، وفقا للخبراء.
وجاء رد الفعل الحوثي مطابقا لما حذر منه الخبراء، ففور إعلان الخارجية الأمريكية لقرار شطب الجماعة الانقلابية من قائمة الإرهاب قال القيادي البارز في التنظيم محمد علي الحوثي إن جماعته تترقب المزيد لـ”تهيئة خطوات السلام”، على حد زعمه.
وفجر شطب الحوثي من لائحة الإرهاب جدلا واسعا في الشارع اليمني، حيث اعتبره الكثيرون ضربة مميتة لضحايا العدوان الحوثي ومكافأة لمليشيا استوفت كل المعايير القانونية لمنافسة التنظيمات الإرهابية سيما عقب التورط في هجوم مطار عدن الدامي لاغتيال الحكومة اليمنية بالصواريخ الإيرانية.
ومن المقرر أن يدخل قرار إلغاء جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، الثلاثاء، المقبل، حيث تعهدت واشنطن باستمرار مراقبة “النشاط الخبيث لجماعة الحوثي وتحديد أهداف إضافية للتصنيف”، معتبرة أن الشطب يأتي ضمن أولويات إنهاء الحرب وتحسين الوضع الإنساني ودعم الحل السياسي.
ولم تعلق الحكومة اليمنية حتى اللحظة على القرار، لكنها اعتبرت في وقت سابق، أي إلغاء يعد هدية لإيران، ويحبط تعهداتها عقب سريان قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية بـ19 يناير/ كانون الثاني الماضي لاحتواء المخاوف الدولية بشأن معالجة الأزمة الإنسانية والتسويات السياسية.
وكانت الحكومة تعقد آمالها على إدراج الحوثيين رسمياً كإرهابيين كخيار ضغط دولي لمنع أي كيان من تزويدهم بالدعم المادي خاصة إيران ووأد محاولات المليشيا وخلفها طهران من حشد الاعتراف الدبلوماسي وشرعنة الانقلاب شمال اليمن بقوة السلاح وعدم إفلات قياداتها من العقاب على آلاف الضحايا والجرائم.
ويشير مراقبون إلى أن اتخاذ قرار التصنيف ثم الإلغاء دون أي تنازلات تدعم جهود التسوية يضع مصير السلام على المحك باعتبار الانقلابيين جزءا من منظمات إرهابية شيدتها طهران لفرض الهيمنة بالمنطقة وتراهن على ابتزاز العالم بالأزمة الإنسانية ووقف الحرب.
رسائل غامضة
السياسي اليمني، فيصل الصوفي، يقول إن شطب مليشيات الحوثي من القائمة السوداء يبعث برسائل غامضة من الإدارة الأمريكية لبلد يشهد أكبر أزمة إنسانية ويعتقد أن ذلك سوف يطيل أمد الحرب، ويصبح السلام بعيد المنال.
وأرجع الخبير اليمني في تصريح لـ”العين الإخبارية” إلى أن الشطب تزامن مع استئناف المليشيات الحوثية الحرب بقوة لإسقاط مأرب، التي يقول القادة الانقلابيون إنها معركتهم “المصيرية” وكذا الجوف، عوضا عن ارتفاع معدل الهجمات على السعودية والتحشيد القتالي نحو مزيد من التصعيد في الحديدة المشمولة باتفاق سلام أممي هش.
وحذر الصوفي من رسائل غامضة تصاعدت بعد بحث الأمم المتحدة الأزمة اليمنية مع إيران مع تراخي الإدارة الأمريكية بشأن تدخلات طهران، وهو مما قد يشجعها على تضخيم دورها وشرعنة تدخلها في البلد الذي يؤجج فيه أسلحتها ووكلاؤها الحوثيون الحرب.
وأبدى السياسي اليمني مخاوفه الشديد من تمكين “واضح لطهران من الملف اليمني”، متسائلا عن ماهية الضمانات التي سوف تجبر دولة مارقة مثل إيران والتي تعد السبب الرئيسي خلف إشعال البلد، للقيام بدور يشجع على إنهاء الحرب أو لعب دور بناء في السلام؟
واستشهد الصوفي بتصريحات وزير الخارجية الإيراني الأيام الماضية وزعمه أن دول الغرب بما فيها أمريكا غير معنية بشؤون المنطقة، مبديا رغبة طهران بالحوار مع السعودية بشأن قضايا المنطقة، أبرزها وقف الصراع اليمني.
وأشار إلى أن ذلك يستهدف منح طهران نفسها حق تقرير مصير البلدان العربية، بفرض الحرب والسلام، حيث سبق أن قدمت مبادرة بعد الانقلاب الحوثي لحل الأزمة اليمنية، تضع لدورها ووكلائها الحوثيين اليد الطولي على الأراضي والسلطة اليمنية.
وقال إن “إيران تضغط لتقديم مبادرتها كحل وحيد للأزمة اليمنية، وتشترط مشاركة مليشيات الحوثي في أي تسويات وفقا للجغرافية التي تسيطر عليها” وبالتالي فهو تمكين واضح للحوثي شمالا.
وفي أول رد للمليشيات الحوثية حول الإلغاء قامت برفع سقف اشتراطاتها قبل أي تسويات، مثل الحصول على شرعية لحكومتها الانقلابية خلافا لقرارات مجلس الأمن 2216 – 2201، وهي مطالب لا تنفصل عن موقف طهران التي ترنو أن تكون طرفا يقرر حال اليمن، وفي الإقليم كله، وفقا للسياسي اليمني.
جماعة إرهابية
من جانبه، اعتبر رئيس تحرير الموقع الرسمي للقوات المشتركة بالساحل الغربي لليمن، أمين الوائلي، تجزئة إلغاء قرار تصنيف الجماعة وإبقاء قياداتها على لائحة الإرهاب تخفيفا خطأ، إذ يمنح التنظيم الأم طاقة ولاء لحشد أتباعه بعد أن كان وصف الإرهاب يحد من الانضمام إلى منظمة إرهابية عالمية.
وقال الوائلي في حديث لـ”العين الإخبارية” إن مليشيا الحوثي تعد جماعة دينية لا ينفصل تنظيمها الهرمي عن قيادتها، وهي تطابق القاعدة وداعش، وبالتالي لن يؤثر إبقاء العقوبات على القيادات، إذ سبق فرض عقوبات على 5 قادة ولم يتغير الأمر.
وطالب المسؤول الإعلامي اليمني واشنطن بإعادة دراسة الأدلة التي بني عليها قرار إلغاء التصنيف وعدم منح المتطرفين والجماعات المتشددة في نشر دوامة العنف على مساحة الجرح اليمني الغائر، مشيرا إلى فداحة مباركة تدخلات إيران في خطوات تستثمرها المليشيات كنصر معنوي لتجنيد مزيد من أبناء اليمن.
وحذر الوائلي من سياسات توطين الحرب الأهلية باليمن واستنساخ تجربة العراق، مؤكد أنه لا قوة فوق إرادة الشعوب وسلب حقها الطبيعي والوطني في المقاومة الشعبية رفضا لمشاريع إيران التدميرية.