باتت ألغام مليشيا الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر، الخطر الأكبر على الملاحة وخطوط التجارة العالمية.
فمنذ عام 2015 نشرت المليشيا مئات الألغام البحرية في المياه اليمنية بالبحر الأحمر، وانجرفت العشرات منها مسافة 90 كيلومتراً بين جزر “حنيش” ومضيق “باب المندب” و”خليج عدن”.
حينها، لم تلق الواقعة أي اهتمام دولي، كالتي حظيت به هجمات إرهابية شنها الحوثيون عشوائيا على سفن الشحن بالصواريخ المضادة للسفن والزوارق المفخخة.
لكن، وبعد بدء تحالف دعم الشرعية في اليمن عملية السهم الذهبي لتأمين خطوط الملاحة مطلع 2017، عثر على عشرات الألغام البحرية، من بينها نوع متطور ذات قدرات فتاكة على سفن الشحن ومصدره “إيران”.
وأعلنت قوات التحالف العربي، أمس السبت، اكتشاف وإزالة 157 لغما بحريا نشرتها مليشيا الحوثي عشوائيا في البحر الأحمر في إشارة لاستمرار تهديد خطوط الملاحة والتجارة العالمية بمضيق باب المندب وخط إمداد الإغاثة لملايين اليمنيين عبر ميناء الحديدة.
والألغام البحرية نوعان، منها المتطور بوزن 42 كيلوجراما شديدة الانفجار، وهي ألغام اعتراضية وموجهة، واكتشف منها حتى اللحظة أعداد محدودة بالساحل الغربي لليمن وتبين أن مصدر قدومها إيران، وعدت أحد الأدلة الدامغة ضد إرهاب نظام طهران في اليمن.
أما النوع الآخر، فهي ألغام طافية بدائية التصنيع، وتظل خطورتها قائمة حتى 10 أعوام، وهي على شكل عبوات الغازات المنزلية، وتضم مواد شديدة الانفجار وبأحجام متعددة، أكبرها يزن 70 كيلوجراما.
هذا النوع من الألغام تزوده المليشيا برأسين أو 4 رؤوس تفجير، قادرة على اختراق “5 سنتيمترات” من فولاذ أي سفينة، وفقا لتقارير دولية وخبراء يمنيين قابلتهم “العين الإخبارية”.
وأقرت مليشيا الحوثي بنشر الألغام العائمة في البحر الأحمر مطلع 2018 وأسمتها “مرصاد”، وبثت لقطات حية في فيديو دعائي لعملية زراعتها وربطها بالسلاسل في مراس غير ثابتة، وهي أنواع نزع منها المئات بالفعل من قبالة “ميدي” وأجزاء من “عبس” غربي حجة و”باب المندب” و”ذباب” و”المخا” غربي تعز، و”الخوخة” و”التحيتا” و”الدريهمي” جنوبي الحديدة.
حواجز الموت
ومنذ 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، بذلت الأمم المتحدة جهودا كبيرة بنزع الألغام بما فيها الأنواع البحرية وفقا لاتفاق ستوكهولم، وذلك من أجل تحييد موانئ الحديدة الثلاثة، وتجنبا للمجاعة وتأمين خط إمداد الإغاثة لملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين.
وعلمت “العين الإخبارية”، من مسؤولين يمنيين أن الشريط الساحلي البالغ طوله 200 كيلومتر ويسيطر عليه الحوثيون شمالي الحديدة، لا يزال مفخخا بعشرات الألغام البحرية البعض منها مزروعة على مقربة من السفينة النفطية “صافر”.
وحددت “وثيقة”، اطلعت “العين الإخبارية” عليها ولا يسمح بنشرها، 3 حواجز متقطعة من مئات الألغام العائمة تطوق عشرات الجزر قبالتي سواحل محافظتي الحديدة وحجة، أكبرها وأخطرها حقول تطوق “ارخبيل جزيرة كمران” وتحاصر خمسة آلاف مدني.
وخلال 2017، عثرت البحرية الإماراتية العاملة ضمن التحالف على ألغام بحرية متطورة مصنعة من الألومنيوم المركب عند تحرير ميناء المخا، ويحسب تقرير خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، فإنها من طراز “قاع” الذي كشف عنها الحرس الثوري الإيراني في معرض للأسلحة عام 2015.
كما يذهب الخبراء، إلى أن الألغام البدائية التي ينشرها الحوثيون ومصنعة بعيوب تجعلها لا ترسو مكانها، وذات “خطر محقق” على خطوط الاتصالات البحرية والملاحة ويمكن أن تظل عائمة في البحر الأحمر حال عدم اكتشافها من 6 إلى 10 سنوات.
ألغام مهربة ومجمعة
ويؤكد كبير الخبراء في مكافحة الألغام البحرية بالساحل الغربي لليمن، العميد ركن عبدالسلام المحرمي، أن الألغام البحرية المتطورة نقلتها إيران إلى البلاد قطعا صغيرة حتى يصعب اكتشاف مصدرها، ويسهل تهريبها، فيما النوع البدائي معبأة ومجمعة محلياً، لكن بمواد وخبرات إيرانية.
ويقول الخبير اليمني لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيا الحوثي زرعت في الأيام الأولى عندما بدأ الضغط العسكري باتجاه ميناء الحديدة كميات كبيرة جداً، مضيفا أن “الرياح لا تزال تجرفها إلى موانئ الاصطياد الآمنة جنوبا، ما يبقي الخطر محدقا على النقل البحري لأن مهامها تدميرية وليست إعاقة فحسب”.
من جانبه، أعرب العميد ركن أحمد عباس، وكيل مصلحة خفر السواحل اليمنية، عن قلقه تجاه استمرار خطر الألغام البحرية على إعاقة الملاحة الدولية، مؤكدا أن الجهود الأممية “الآن لا تدور حول عملية انتزاع الألغام وإنما على تأمين إغاثة اليمن”.
ويقول المسؤول اليمني لـ”العين الإخبارية”، إن “الحوثيين نشروا عدداً كبيراً من الألغام في السواحل غير المحررة، بما فيها أنواع متعددة شديدة الانفجار، وأخرى اعتراضية وموجهة”.
ويوضح أن “هذه الألغام تشكل عائقا كبيرا أمام وصول سفن المساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة”، لافتا إلى أنه “لا يمكن أن يكون الميناء الحيوي ذات قيمة اقتصادية وإغاثية طالما الألغام لا تزال في البحر وعلى مقربة منه”.
خطر إيراني غير مسبوق
وتصاعدت الأنشطة الإرهابية التي تنفذها مليشيا الحوثي بتخطيط وإيعاز إيراني في البحر الأحمر وباب المندب من تسيير للزوارق المفخخة ونشر الألغام البحرية بشكل عشوائي منذ وصول الضابط في فيلق القدس الإيراني إلى صنعاء، حسن إيرلو.
ونددت الحكومة اليمنية، بذلك، واعتبرته تأكيدا لعدم اكتراث مليشيا الحوثي بجهود إحلال السلام في اليمن، ومضيها في تنفيذ الأجندة الإيرانية لنشر الفوضى والإرهاب في المنطقة.
ووصف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، تصاعد وتيرة الأعمال التخريبية للحوثيين مؤخرا مع وصول الضابط في فيلق القدس الإيراني حسن إيرلو للعاصمة المختطفة صنعاء، ما يشكل “خطرا إرهابيا غير مسبوق” على خطوط الملاحة الدولية.
وقال الوزير اليمني في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع “تويتر”، إنها “لا تمثل تهديدا لأمن واستقرار اليمن ودول الجوار بل أمن وسلامة السفن التجارية وإمدادات النفط العالمي.