“العين الإخبارية” ترصد الانتشار العسكري الحوثي بالحديدة “المعزولة”

المرسى – عدن

صارت محافظة الحديدة اليمنية وموانئها منطقة عسكرية معزولة، تنتشر فيها مليشيات الحوثي بدعم إيراني بكثافة وتعمل على تحقيق مصالحها المتنوعة على حساب المدنيين.

ومنذ توقيع اتفاق ستوكهولم في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 وتوقف العمليات العسكرية للقوات اليمنية المشتركة، دخلت المحافظة تحت مظلة رقابة بعثة الأمم المتحدة لكن هذه البعثة عجزت عن كبح حملات التجنيد الحوثية في الأحياء والقرى، كما لم تستطع القيام بأدنى واجباتها الرئيسية منها حماية المدنيين من بطش المليشيات.

وفيما ظل تحرك البعثة الأممية محصورا في شوارع محدودة في مدينة الحديدة، يعمل الحوثيون في أرياف المحافظة على تكثيف نفوذ النظام الإيراني على الأرض، حيث أصبحت معسكراتها في مختلف البلدات، كما لم تتوقف أنشطتهم الطائفية لاستقطاب كل الفئات بما فيهم الفتيات والأطفال.

وتقدم “العين الإخبارية”، خارطة مفصلة عن الانتشار العسكري الكثيف لمليشيات الحوثي التي يتجاوز عدد عناصرها الآلاف في المحافظة الساحلية، التي تعد أهم منفذ لإيران ومليشياتها على البحر الأحمر.
وشرع خبراء إيرانيون ومن حزب الله الإرهابي مؤخرا في تشكيل كتائب عسكرية محلية تدين لنظام طهران بالولاء المطلق وتم تدريبهم على الاقتحامات والعمليات الخاطفة وحفر الأنفاق والهجمات البحرية وزرع العبوات الناسفة والألغام البحرية وقرصنة السفن، وفق مصادر أمنية وعسكرية يمنية لـ”العين الإخبارية”.

وبدأت مليشيات الحوثي باكرا على تقسيم محافظة الحديدة إلى 4 مربعات عسكرية وهي المربع الشمالي (8 مديريات) والشرقي (6 مديريات) والجنوبي (9 مديريات) ومربع المدينة (3 مديريات)، فضلا عن مربع الموانئ (ميناء الحديدة، الصليف، رأس عيسى) الخاضعة للمليشيات البحرية الحوثية.

وعينت مليشيات الحوثي لكل مربع مشرفين بالجانب العسكري والأمني والثقافي وجميعهم قيادات متطرفة منحدرة من صعدة وحجة تتولى إدارة المعسكرات وتأمينها وحشد واستقطاب الشباب والأطفال.

وبخلاف المليشيات البحرية والأمنية، تخضع اسميا جميع المعسكرات والمجاميع الحوثية في الحديدة لما يسمى “المنطقة العسكرية الخامسة” التي يقودها الإرهابي يوسف المداني، أحد أخطر أذرع إيران العسكرية باليمن وكان مرتبط بشكل وثيق بالقائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أمريكية مطلع 2020.

ويعتمد المداني، طبقا للمصادر، على العديد من الأذرع أبرزهم “رياض بلذي” ويكنى “أبو رياض” وتمنحه المليشيات رتبة “عميد” ويشغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية بالمنطقة ونائبه إبراهيم المداني، حيث اعتمد لفترات طوال على غرفة عمليات مركزية شيدها في الخط الدائري الجنوبي لمديرية المراوعة شرقي الحديدة لإدارة انشطته الإرهابية.
كما سعت مليشيات الحوثي بتوجيهات إيرانية لعمل غرفة عمليات عسكرية مشتركة وعينت رئيسا لها قياديا إرهابيا يدعى “حسين الضيف” برتبة “عميد”.

أذرع عسكرية بغطاء مدني

وتعتزم مليشيات الحوثي الإطاحة بمحافظ الحديدة محمد عياش قحيم، وهو أحد أبناء المحافظة وينحدر من بيت الفقيه تحديدا، وقد استخدمه الانقلابيون لسنوات واجهة لتصفية المناهضين حتى خلت الساحة لقياداتها وعناصرها القادمة من صعدة وحجة.

ورجحت المصادر أن تعين مليشيات الحوثي محمد قادري، وتمنحه رتبة “لواء”، وهو أحد أذرعها في المليشيات البحرية التي شيدتها في الحديدة ويقودها فعليا الإرهابي “منصور السعدي” المكنى “أبو سجاد”.

وطيلة تصدر “قحيم” واجهة المحافظة، ظل القيادي “أبو يونس” واسمه عبد الجبار أحمد محمد الجرموزي، الحاكم الفعلي للمحافظة بمنصب “وكيل محافظة”، ويعد ذراع النهب الطولية للقيادي النافذ “محمد علي الحوثي”، عضو مجلس الحكم السياسي للمليشيات.

كما اعتمدت مليشيات الحوثي على أحمد مهدي البشري وهو كبير المشرفين العسكرين في محافظة الحديدة بمنصب “وكيل أول طبقا، لذات المصادر.
ورغم أدوارهم العسكرية، إلا أن مليشيات الحوثي قلدتهم مناصب مدنية كوكلاء محافظة أو مدراء للمكاتب التنفيذية وللمديريات لإضفاء الجانب المدني وتجنيبهم مخاطر الاستهداف باعتبارهم أهم القادة العسكرين المتطرفين بما فيهم القياديان “فيصل الهطفي” و”قاسم الحمران”، مشرفي الجانب الثقافي والسياسي في المحافظة.

وعلى مستوى مربع مدينة الحديدة وتضم مديريات (الحالي، الحوك، الميناء)، كانت مليشيات الحوثي تعين قياداتها مشرفين عسكرين، لكنها مؤخرا نصبتهم كمدراء مديريات بعد استكمالها حوثنة كافة مرافق الدولة ومؤسساتها في محافظة الحديدة.

وأبرز هؤلاء القادة العسكرين ” عبدالله الهادي” بمنصب مدير مديرية الميناء، و”مؤيد المؤيد” مدير مديرية الحالي، حيث شرعوا في تقسيم المديريات إلى مربعات أمنية صغيرة استهدفت تسهيل تغلغلهم في المجتمع التهامي وغدا لهم في بعض الأحياء العريقة مقار عسكرية.

وأشارت المصادر لـ”العين الإخبارية”، إلى أن مليشيات الحوثي تشيد مقار عسكرية لقياداتها منها في مربعات غليل ومدينة العمال، حيث حولوا مقرا لجمعية خيرية غرفة أمنية وحارة الحوك، بجانب بريد المشرع، كما تستحدث مقار عسكرية في حارة السور والسلخانة في مباني حكومية وأخرى تابعة لأحزاب سياسية.
كما استحدثت على بعد بضعة كيلومترات من ميناء الحديدة الحيوي، مقرا عسكريا لما يسمى مليشيات “النجدة” التي تملك مقرا فعليا بشارع جيزان.

بالإضافة إلى مقار عسكرية للمليشيات البحرية والدفاع الساحلي في “الكثيب” و”القاعدة البحرية” وذلك خلافا على المعسكرات التي كانت تتبع البحرية اليمنية والجيش اليمني سابقا، بحسب المصادر.

مربعات الأرياف

يتركز أهم تواجد عسكري لمليشيات الحوثي في المعسكرات الريفية التي استحدثتها في المربعات “الشمالية والجنوبية والشرقية”، وفقا لتقسيمها العسكري.

ويتراوح أعداد المجندين الذين تنشرهم مليشيات الحوثي في هذه المعسكرات من 100 إلى 400 عنصر، تعمل على تدريبهم ثم دفعهم إلى الجبهات وتقوم بحشد وتجنيد غيرهم بشكل دوري كل 3 شهور على الأقل.

فشمالا، أو ما تسميه المليشيات المربع الشمالي ويضم مديريات (الضحي، القناوص، الزهرة، الصليف، المنيرة، اللحية، الزيدية، كمران، المغلاف) يعين الحوثيون القيادي “فاضل الضياني” ويكنى “أبو فاضل” و “أبو هاشم” وتمنحه المليشيات رتبة “لواء” ويتحدر من صعدة.

وفي هذا المحور تملك المليشيات عديد المعسكرات، منها معسكر “الرسول الأعظم” في القناوص ومعسكرات تدريبية استحدثتها في “الكدن” كواحد من معسكرات مزارع الضحي ومعسكر غرب بلدة “الخبت” ومعسكر سري للحشد في مديرية اللحية الساحلية.

ووفقا للمصادر فأن مليشيات الحوثي تستخدم أيضا بلدة “بحر السر” في اللحية، وهي بلدة ساحلية كثيفة الأشجار ورخوه لتدريب مجموعات إرهابية لا تزيد كل مجموعة على 6 عناصر لشن هجمات بحرية عبر زوارق صيد سريعة ومطاطية وعلى قرصنة سفن الشحن والتعامل مع أجهزة التوجيه والاتصالات.

ونبهت المصادر إلى التغير الدوري لأماكن المعسكرات الحوثية خصوصا تلك التي يتواجد فيها عناصر من حزب الله وإيران من خبراء التدريب العسكري في تفخيخ القوارب وشن الهجمات البحرية، بعضهم ينتشرون في “الجبانة” و”الصليف” شمالي الحديدة.

شرقا، أو المربع الشرقي (باجل، المراوعة، برع، السخنة، الحجيلة)، نصبت مليشيات الحوثي قيادي يكنى بـ”أبو عمار العماري”، ومنحته رتبة “لواء” مشرفا عسكريا، وأخرى يدعى “قعوان شويان” مشرفا أمنيا.

وأهم معسكرات هذا المحور، وفق مصادر مطلعة لـ”العين الإخبارية”، تنتشر في و”ادي سهام” وفي بلدة “عبال” وشرق جنوب مدينة السخنة ومعسكرين سريين في بلدة “عرج” غرب مديرية باجل، ومحمية برع، ومعسكر في بلدة “هيجة الكحلاني” في المراوعة.

وأوضحت المصادر أن مليشيات الحوثي حولت مواقع في محمية برع، وهي محمية طبيعية، إلى مناطق لتطوير وتجميع الصواريخ قصيرة المدى وبعيدة المدى.
أما المربع الجنوبي (بيت الفقيه، المنصورية، زبيد، الدريهمي، التحيتا، الجراحي، جبل راس) فعينت مليشيات الحوثي المدعو “مطهر يحيى الهادي” مشرفا عسكريا ويدير عديد المعسكرات في مزارع الجراحي وزبيد وبيت الفقيه وآخرى في وادي ريمة قرب الحسينية.

ويعد هذا المربع محورا متقدما لمليشيات الحوثي نحو جبهاتها في جبل راس والجراحي والتحيتا، حيث تشير مصادر إعلامية إلى تشيد المليشيات سور ملغوم خلف خطوط التماس باستخدام حاويات نقلتها من ميناء الحديدة.

بهشاد الإيرانية

تقوم الميليشيات الحوثية التابعة للحرس الثوري الإيراني بتهريب الأسلحة عبر ميناء الحديدة بغطاء البضائع وشحنات الإغاثة والمواد الغذائية وتسند هذه المهمات عادة للقياديين “محمد أبو بكر” ونائبه “يحيى شرف الدين”، الذي يشرفا على مؤسسة موانئ البحر الأحمر.

وتنبه المصادر إلى الدور المتنامي والخطر لسفينة “بهشاد” الإيرانية المسجلة كسفينة شحن وتمارس أعمالا عسكرية وترسو منذ يوليو/تموز 2021، وتساعد مليشيات الحوثي في تهريب السلاح ومدهم بالمعلومات اللازمة عن سفن الشحن.

و”بهشاد” هي سفينة عسكرية بغطاء تجاري أحضرتها إيران بعد تعرض سفينتها “سافيز” لهجوم في أبريل/آب 2021، ويرجح أن يكون لها دور في قرصنة سفينة “روابي” التي ترفع علم الإمارات لتزويد الحوثيين ببيانات استهداف السفن وممارسة تهديدات أكثر خطورة على الملاحة الدولية.

Exit mobile version