المرسى – العين الإخبارية
عادة ما تعتمد المناورات العسكرية على إظهار القدرات والمصداقية، إلا أن مناورات الحوثيين تختلف، إذ أنها تقوم على الخداع والدعاية.
مليشيا الحوثي الإرهابية وعبر ترسانتها الإعلامية روجت مؤخرا عن إقامتها مناورة عسكرية وصفتها بـ”الضخمة” في مسرح عمليات “المنطقة العسكرية الرابعة” وزعمت مشاركة مختلف تشكيلاتها فيها.
وتظهر الفيديوهات الدعائية التي بثها الحوثيون تحليق طائرات من طراز “رجوم” الإيرانية ثم قيامها بإطلاق عديد القذائف على أهداف مفترضة بعد تحريرها عموديا من السماء، يتبع ذلك مشهد ضربات للمدفعية والدبابات ثم تمشيط ناري للهدف قبل اقتحامه من قبل مجاميع مسلحة.
واستهدف الحوثيون من خلال المناورة ابتزاز المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها لليمن هانس غروندبرغ، إذ جاءت بعد أيام من جولته إلى صنعاء وقدم خلالها مقترح للمليشيا يدعو لوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة لكن رد المتمردين كان كالعادة المراوغة ورفع لافتة “الإنسانية”، قبل أن يذهبوا لاستعراض القوة في مسعى لفرض شروطهم.
وتكشف “العين الإخبارية”، ما تعتبره مليشيات الحوثي أسرارا عسكرية لإخفاء هشاشة قواتها معتمدة على الدعاية الحربية للخروج من عزلتها المحلية والدولية في ظل جهود السلام.
متى وأين كانت المناورة؟
لم تحدد مليشيا الحوثي بدقة مكان وزمان المناورة المزعومة التي أعلنت عنها عبر إعلامها الحربي في 8 مايو/ أيار الجاري ببث مشاهد تمثيلية تنتهي عند إنزال “علم إسرائيل” وهو أسلوب تحرص عليه المليشيا للتغرير بعناصرها بتصوير الحرب أنها ضد “إسرائيل” وليست ضد اليمنيين.
وزعمت مليشيا الحوثي أن المناورة التي حملت عنوان “الوفاء للشهيد القائد” في إشارة لمؤسسها الهالك حسين الحوثي، أجريت على مساحة 100 كم مربع وأنها واحدة من أكبر التمرينات بزعم محاكاة الاستعداد القتالي واقتحام المواقع والمعسكرات.
“العين الإخبارية”، وبعد مطابقة بصرية للمعالم المرئية التي ظهرت في مقاطع الحوثيين في موقع الحدث مع صور الأقمار الصناعية والتأكد من مصادر ميدانية تبين أن المليشيات الإرهابية أجرت تدريباتها في بلدة “بني عروة” في مديرية الحداء، شمالي شرق محافظة ذمار في جغرافية متداخلة الأجزاء مع مديرية ولد ربيع بمحافظة البيضاء (وسط).
وبالنظر للمنطقة فهي ليس لها أهمية استراتيجية وتبعد مئات الكيلومترات عن جبهات القتال، عكس ما روج له الحوثيون بأن المناورة جرت في “مناطق ساخنة” بالقرب من مسرح العمليات النشطة مع المحافظات الجنوبية والشرقية المحررة والخاضعة للحكومة المعترف لها دوليا وحلفائها.
ومن الوضح، بالنسبة للزمن، فإن مليشيا الحوثي أجرت مناورتها خلال الفترة الممتدة من 29 مارس/ آذار الماضي حتى 7 مايو/ أيار الجاري، وهي فترة تتزامن مع زيارة المبعوث الأممي إلى صنعا، التي بدأها في 1 مايو/ أيار الجاري واستغرقت يومين.
ويشير التوقيت إلى أن مليشيات الحوثي لجأت لاستعراض القوة في مسعى لفرض شروطها وإرسال رسائل ابتزاز مفضوحة للوسيط الدولي مفادها أنها ما زالت قادرة على الحرب، وفق مراقبين.
كم تبلغ مساحة إجراء المناورة؟
من جانبه، قال خبير عسكري لـ”العين الإخبارية”، إن “مطابقة المعالم المرئية في موقع الحدث مع صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن مليشيات الحوثي أجرت مناورتها في المنطقة البالغ مساحتها التقديرية بنحو 85 كيلو مترا مربعا”.
وأضاف “لكن المساحة الفعلية التي أجريت عليها المناورة عند أقصى حد يشمل الانتشار لعناصر المليشيات الحوثية والتلة الجبلية والأهداف المستهدفة مساحة تقدر بـ 10 كيلومترات مربعة وهو مجال العملية بالكامل، وهو ما يدحض أكاذيب المليشيات بأن المناورة جرت بمساحة 100 كليو متر مربع.
وأوضح الخبير العسكري الذي طلب عدم تعريفه، أن الهدف (الموقع) في المناورة التي جرت بمناطق جبلية في بلدة “بني عروة” بمديرية الحداء بمحافظة ذمار، كان عبارة عن تلة بارتفاع لا يتجاوز 200 متر بطول 1.17 كيلومتر وعرض 300 متر، بمساحة إجمالية للتلة لا تتجاوز نصف كيلو متر مربع.
وتدحض هذه المعلومات التفصيلية بشكل كبير ما حاولت مليشيات الحوثي تضخيمه وتصويره من خلال دعاية استعراض وسائل الردع في مسرح عمليات واسع النطاق للدلالة على امتلاكها “قوة كاسحة” قادرة على تغير المعادلة.
ما حجم القوة المشاركة؟
زعم الحوثيون أن المناورة شاركت فيها جميع “وحدات المليشيات المسلحة” لكن ما تظهره مقاطع الفيديو بالإضافة إلى معلومات حصلت عليها “العين الإخبارية”، يشير إلى أن عدد العناصر المشاركة بلغ 64 عنصرا ضمن سرية قتالية واحدة فقط.
كما أن مليشيا الحوثي اعتمدت على استعراض سلاحها المعتاد في المناورة، لا سيما الطائرات بدون طيار من طراز “رجوم” المحملة بالقذائف والتي أصبحت أكثر أسلحتها المستخدم بالجبهات بالإضافة لمسيرات “راصد” التجسسية.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها “العين الإخبارية” من مصادر أمنية وعسكرية رفيعة فإن مليشيات الحوثي استخدمت في المناورة “3 دبابات من بينها دبابتان نوع “تي 62” ودبابة من نوع “تي 72” بالإضافة إلى 3 عربات بي إم بي وعربة مدرعة واحدة.
كما تشير المعلومات إلى أن مليشيا الحوثي استخدمت 2 مدفع رشاش من طراز “فولكان” نوع 6 مواسير، بالإضافة إلى مدفع واحد مضاد طيران عيار 23، ومدفع واحد مضاد طيران عيار 14 مزدوج، ومدفع رشاش 14.5 بوصة فردي، و5 مدافع هاون عيار 120، ومدفع 105، ومدفع بي 10 ومدفع هاوتزر 30’D عيار 122″.
وتهدف مليشيا الحوثي من إشراك هذه الأسلحة لتكثيف مصادر النيران والتي تعتمد عليها في تمشيط المواقع قبل اقتحامها، وهي بذلك أردت البحث عن مقطع مصور دعائي يضخم قوتها أكثر مما هو تطوير وتدريب فعلي لعناصرها.
يشار إلى أن هذه المناورة الحوثية جاءت بعد أقل من شهر ونصف على مناورة عسكرية أجرتها المليشيات الحوثية في شهر مارس/ آذار الماضي، في صحراء الجوف وأردت من خلالها طمأنة إيران بقدراتها القتالية وبعث رسالة مفادها أنها مستعدة لسيناريو الحرب، وفقا لمراقبين.