المرسى – الشارع
لليوم الرابع على التوالي، تتواصل عملية سحب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الحكومة الشرعية، الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح، من خطوط التماس في أبين، تنفيذاً للشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.
وقالت مصادر عسكرية محلية متطابقة لـ “الشارع”، إن قوات اللواء الثامن صاعقة، واللواء 11 صاعقة، التابعين لقوات المجلس الانتقالي، انسحبت، أمس، من مواقعها في “جبهة الشيخ سالم”، في أبين، إلى مناطق في “ردفان” و”يافع” و”طور الباحة”، محافظة لحج، بالتزامن مع انسحاب قوات اللواء 21 ميكا، واللواء 30 مشاة، التابعين لـ “الشرعية”، من منطقة “قرن الكلاسي” القريبة من “شقرة”، إلى منطقة “العرقوب” الجبلية (11 كم شرق شقرة)، تمهيداً لعودتها إلى المناطق التي كانت فيها قبل أحداث أغسطس قبل الماضي.
واللواء 21 مشاة ميكا هو لواء مشاة يتبع المنطقة العسكرية الثالثة، وكان يتمركز في مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، فيما اللواء 30 مشاة يتبع محور عتق، وكان يتمركز في إحدى مناطق محافظة شبوة.
وأفادت المصادر، أن قوات الطرفين انسحبت برفقة لجان عسكرية سعودية، وأعادت تموضعها في المناطق المذكورة حسب المصفوفة المعدة لتنفيذ بنود الشق العسكري من اتفاق الرياض.
وأوضحت المصادر أنه تم الإبقاء على اللواء الثالث دعم وإسناد، الذي يقوده نبيل المشوشي، في أبين لمكافحة الإرهاب، بموجب اتفاق تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض؛ فهذا اللواء ضمن قوات الحزام الأمني التي سيتم دمجها في وزارة الداخلية، بموجب الشق العسكري والأمني للاتفاق.
ومن المتوقع أن تستمر القوات التابعة لكلا الطرفين باستكمال الانسحابات من جبهتي القتال في أبين (الطرية والشيخ سالم) إلى جبهات القتال ضد الحوثيين على النحو الآتي: قوات المجلس الانتقالي إلى الضالع وكرش والصبيحة والساحل الغربي، وقوات “الشرعية” إلى جبهات مأرب والجوف وصعدة.
وكان مصدر مسؤول في “التحالف” قال، نهاية الأسبوع الماضي، إنه “تم استكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض”.
وشملت الترتيبات السياسية التوافق على تشكيل حكومة يمنية تضم 24 وزيراً، ومن ضمنهم وزراء المجلس الانتقالي الجنوبي ومختلف المكونات السياسية اليمنية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.
والخميس الماضي، أعلن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، في بيان صحفي نشرته وكالة الأنباء السعودية، إنه تم التوافق على تشكيل الحكومة التي يرأسها معين عبد الملك، مضيفاً أنه تم التوافق -بحسب المصدر- على إعلانها فور اكتمال تنفيذ الشق العسكري في غضون أسبوع.
ونشرت “الشارع”، أمس، قائمة بأسماء الوزراء في الحكومة الجديدة المزمع الإعلان عنها خلال الأيام القادمة، وكان قد تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وقالوا إنها مسربة، وأكدت لـ “الشارع” مصادر حكومية متطابقة، صحة هذه التسريبات بنسبة كبيرة.
مشيرة إلى إمكانية حصول تغيير في هذه القائمة خلال الأيام القادمة، قبل الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة.
وضمت القائمة 24 وزارة، 4 منها حصة الرئيس عبدربه منصور هادي، و4 حصة الانتقالي، و4 حصة المؤتمر الشعبي العام، و4 حصة حزب الإصلاح، وحقيبتان حصة الحزب الاشتراكي، وحقيبة للناصري، وحقيبة لحزب الرشاد، وحقيبة واحدة لمكون حضرموت الجامع، وحقيبة لمجلس المهرة وسقطرى، فيما حقيبتا (الاتصالات والكهرباء) لا يعرف من حصة أي حزب أو مكون، لكن مصادر رجحت أن يكون وراء التعيينات فيها جلال نجل الرئيس هادي، ورجل الأعمال أحمد صالح العيسي.
وقالت مصادر لـ “الشارع”، إن حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، حصل على أكبر من حصته، فإلى جانب الأربع الوزارات المخصصة له، حصل على وزارة الشؤون القانونية من نصيب المؤتمر، بينما حصل على وزارتي الدفاع والداخلية من حصة الرئيس هادي. مشيرةً إلى أنه يسعى للحصول على حقيبة أخرى.
وقال مصدر مطلع للصحيفة، إن ثمة اعتراض من قطاع كبير من القوى السياسية على وجود اسم “أحمد عرمان” في تشكيلة الحكومة “المسربة” ضمن حصة المؤتمر (وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان) مع أنه ينتمي إلى حزب الإصلاح.
وأفاد المصدر، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن ما حصل هو بمثابة استيلاء واضح على حقيبة من حصة المؤتمر، وهي حقيبة وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، والتي كان “الإصلاح” قد قاتل من أجل عدم تعيين “عثمان مجلي”، الذي كان قد رشحه المؤتمر الشعبي العام، إلى جانب اسمين آخرين، لشغل هذه الحقيبة الوزارية التي كانت من حصة المؤتمر.
وأضاف المصدر: “حين نجح حزب الإصلاح في استبعاد عثمان مجلي من التعيين في وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، مضى محاولاً الاستيلاء عليها بتعيين وزير فيها من أعضاء الحزب؛ أحمد عرمان”.
وفي التفاصيل، أوضح المصدر أن هناك عداءً شخصياً لدى علي محسن الأحمر، وقيادات “الإصلاح”
، تجاه عثمان مجلي، دفعهم للقتال من أجل عدم حصوله على أي حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة.
وقال المصدر: “كان عثمان مجلي يدخل على علي محسن ويصارحه في وجهه بالفساد الحاصل في الشرعية، ويقول له إنه، وحزب الإصلاح، هم السبب في تفكك جبهة الشرعية، وإطالة أمد الحرب بسبب فسادهم وتغليبهم مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة الوطن”.
وأضاف: “ذلك دفع علي محسن، والإصلاح، إلى عقد العزم على الحيلولة دون إعادة تعيين عثمان مجلي في أي وزارة في الحكومة الجديدة”.
وعلي محسن الأحمر حليف رئيسي وتاريخي لحزب الإصلاح، وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
وأثناء المداولات والمفاوضات حول توزيع حصص الأحزاب والمكونات في الحكومة الجديدة، قاتل حزب الإصلاح من أجل أن تكون وزارة الزراعة والري في الحكومة الجديدة ضمن حصته، أو حصة مكون سياسي آخر، حتى يستطيع ضمان عدم إعادة تعيين عثمان مجلي وزيراً فيها.
واستطرد المصدر: “مع ذلك كان اسم عثمان مجلي مطروحاً ضمن الأسماء التي يمكن ترشيحها لشغل حقائب الوزارات التي أصبحت من حصة المؤتمر، وكان الحديث يدور حول إمكانية أن يتم ترشيح اسمه لشغل حقيبة وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان.
حاول علي محسن، وقيادات الإصلاح، الضغط بكل ما لديهم، للحيلولة دون ذلك، مستخدمين علاقاتهم الشخصية وبعض الموالين لهم من قيادات المؤتمر”.
ومضى المصدر يقول: “في اجتماع ضم قيادات المؤتمر الشعبي العام في فندق الريدز (بالقاهرة)، كان مقرراً أن يتم الاتفاق على قائمة نهائية بالأسماء المرشحة من الحزب رسمياً لشغل حصته من الحقائب الوزارية، وهي أربع (الإعلام والعدل والنفط والشؤون القانونية)، شهد الاجتماع خلافاً كبيراً وصل إلى المشادات الكلامية والمهاترات، بين جناحين داخل قيادات الحزب، أحدهما يعمل لصالح حزب الإصلاح وعلي محسن، من داخل المؤتمر (بقيادة رشاد العليمي)، رفض رفضاً باتاً ترشيح اسم عثمان مجلي ضمن ترشيحاته لشغل منصب وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان”.
وأضاف: “مع ذلك، انتهى الاجتماع بترشيح اسم عثمان مجلي من بين ثلاثة مرشحين آخرين لشغل حقيبة وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان.
ورُفعت الأسماء إلى رئيس الجمهورية، الذي بدوره استبعد اسم عثمان مجلي، بحجة أنه لا يمكن أن يجمع بين عضوية مجلس النواب، وشغل منصب وزير (مع أن ليس هناك أي سند قانوني لذلك)”.
ولم يكتفِ حزب الإصلاح بكل ذلك، بل يبدو أنه يمضي باتجاه أخذ وزارة الشؤون القانونية نفسها، والتي هي من حصة المؤتمر، من خلال الدفع بأحمد عرمان لتعيينه فيها، كما تشير القائمة التي تم تسريبها؛ بحسب المصدر.
وأضاف المصدر: “القائمة تم تسريبها من قبل “إصلاحيين” يعملون داخل أروقة مكتب رئيس الجمهورية بهدف جس النبض، وقياس ردود الأفعال قبل الإعلان بشكل رسمي عن الحكومة الذي نحن على بعد أيام منه وفقاً لآليات تسريع تنفيذ اتفاق الرياض”.
وعثمان مجلي عضو في مجلس النواب، عن إحدى دوائر محافظة صعدة، ويشغل حقيبة وزارة الزراعة والري منذ حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر 2016م، وظل في منصبه في حكومة الدكتور معين عبد الملك 2018م.
وقاتل “مجلي” مليشيا الحوثي، قبل سنوات، في صعدة، وانتهت تلك الحرب بمغادرته للمحافظة، واستيلاء مليشيا الحوثي على منزله وكثير من ممتلكاته. وكان والد عثمان مجلي من أهم الشخصيات الاجتماعية التي أيدت ثورة 26 سبتمبر عام 1962، في محافظة صعدة.
وأمس، شن ناشطون تابعون لحزب الإصلاح، في وسائل التواصل الاجتماعي، حملة ضد عثمان مجلي اتهموه فيها بالفساد دون نشر وثائق تدعم اتهاماتهم.
ويحاول حزب الإصلاح جاهداً الاستيلاء على نصيب الأسد من الحقائب الوزارية، من خلال محاولة اختراق الأحزاب الأخرى، أو الدفع بتعيين أسماء من أحزاب أخرى، لكنهم موالون له. وبحسب المصدر، فإن “الإصلاح” يريد أن يحول الأحزاب الأخرى، إلى ديكور، خصوصاً حزب المؤتمر الشعبي العام، مستفيداً من تفككه.
وفي الحكومات السابقة، دفع “الإصلاح” ببعض الأسماء من المنتمين لأحزاب أخرى ليتم تعيينهم في حقائب وزارية على أنهم ممثلون لأحزابهم، مع أن أحزابهم لم ترشحهم رسمياً، بل رشحهم “الإصلاح” واشتغلوا لصالحه، فقط شكلياً بقوا محسوبين على أحزابهم.
وأضاف المصدر: “الإصلاح يريد أن يفعل الشيء نفسه هذه المرة، ووجود اسم “أحمد عرمان” في القائمة المسربة هو محاولة من هذا النوع، لكنها ليست كل شيء”.
وتشير المعلومات إلى أن إبراهيم حيدان، المعين وزيراً للداخلية، ضمن حصة الرئيس هادي المتمثلة في الأربع الوزرات السيادية، عضو في حزب الإصلاح، كما أن محمد علي المقدشي، المعين وزيراً للدفاع، موالٍ لحزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر، وتم إعادة تعينه في الوزارة استجابة لضغوط من “الأحمر” و”الإخوان”.
ورغم أن “الإصلاح” يسيطر على سبع حقائب وزارية، إلا أنه، طبقاً للمصدر، ما زال يناور من أجل الحصول على مقعد إضافي باسم مظلومية تهامة.
وغابت تهامة من قائمة أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة “المسربة”، وأثار ذلك
تذمراً واسعاً في أوساط أبناء تهامة احتجاجاً على تهميشهم.
وقال لـ “الشارع” مصدر مطلع، إن بعض التكوينات التهامية، مثل المقاومة التهامية، والحراك التهامي، يعدان لتحركات سياسية وأخرى على الأرض، من أجل الاحتجاج والتنديد بغياب أي تمثيل لإقليم تهامة في الحكومة، وفقاً للقائمة المسربة.
وأوضح المصدر، أنه وبالتوازي مع ذلك، يستعد “الإصلاح” عبر بعض قياداته من الحديدة وتهامة لركوب موجة الاحتجاجات على أمل أن يستطيع الحزب الحصول على حقيبة إضافية باسم مظلومية تهامة.