المرسى – العين الاخبارية
لطالما توارى قادة الحوثي الأمنيين عن الأنظار وحاكوا المخططات من خلف ستار إلا أن سجلهم القاتم لم يعد يخفى على اليمنيين الذين شهدوا جرائمهم خلال 9 أعوام.
فمن حجة إلى صنعاء، لا تزال جدران السجون الملطخة بالدماء تحفظ جيدا اسم “أبومالك اليوسفي”، القيادي الأمني الذي أدمى جراح المعتقلين قبل تقلده مهاما أمنية عدة كان آخرها تسلمه الملف الأمني في الجنوب.
واليوسفي أبومالك يدعى “زيد علي اليوسفي” وتمنحه مليشيات الحوثي رتبة “عميد” وينحدر من عزلة “جمعة بن فاضل ولد عياش” في مديرية حيدان، المعقل الأم لمليشيات الحوثي في محافظة صعدة، أقصى شمالي البلاد.
ويعد اليوسفي أحد أخطر القيادات الأمنية الشابة ورجالات الظل لمليشيات الحوثي والتي عبثت بوزارة الداخلية في صنعاء وحولتها إلى وكر للإرهاب والجريمة المنظمة سواء في المناطق المحررة أو غير المحررة.
وتجسّد قصة اليوسفي من عدة نواح مثالا أصيلا على خطورة القيادات الأمنية الحوثية الشابة المتعطشة لإراقة الدماء والتي يعتمد عليها زعيم مليشيات الحوثي للبطش في المجتمع اليمني وإحكام قبضته الأمنية بالحديد والنار.
من هو اليوسفي؟
ينتمي اليوسفي لأسرة عقائدية، جعلته يتشرب الفكر الحوثي منذ صغرة وذلك بفعل تلقيه التعليم في الحوزات الطائفية للمليشيات وقد أوكلت له المليشيات مهمة استقطاب أتباع جدد ونشر مشروعها التدميري في أوساط المجتمع.
ومع انطلاق مشروع المليشيات الحوثية في التسعينيات دفعت المليشيات باليوسفي ومعه العديد من أتباعها رغم صغر أعمارهم لأداء “الصرخة”، شعار الموت التي ترفعه المليشيات وذلك في الجامع الكبير بصنعاء قبل أن يقع في قبضة الأمن السياسي (المخابرات) للحكومة اليمنية.
آنذاك، قدمت مليشيات الحوثي اليوسفي ومن معه كباش فداء بزعم كسر الخوف في أوساط المجتمع اليمني ومن أجل لفت الأنظار إلى نشاط مشروعها الطائفي وكسر القبضة الأمنية التي فرضها النظام اليمني على تحركات الجماعة.
وبعد إطلاق سراحه من سجن المخابرات عاد اليوسفي إلى صعدة وشارك فيما عرف بالحروب الـ6 (2004-2009) التي خاضتها مليشيات الحوثي قبل تعرضه للإصابة.
وقالت مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية” إن “اليوسفي بعد عودته من الإصابة عمل ضمن تشكيلات أمنية أو ما يعرف بـ(اللجان الأمنية) بقيادة طه المداني والذي أسس أول جهاز أمني للمليشيات، ولقي مصرعه 2015 بغارة لقوات التحالف العربي”.
وعقب عمله الأمني اعتمدت عليه مليشيات الحوثي في تأمين العديد من الفعاليات الطائفية وأسندت له أدوار تجسسية منها ضد أتباع المليشيات خصوصا القيادات، وأخرى ضد الشعب اليمني ممكن تخشى المليشيات من انتفاضتهم.
مهام أمنية
وبرز اسم القيادي الحوثي أبومالك اليوسفي إلى واجهة المشهد اليمني خلال تسلمه الملف الأمني في محافظة حجة (شمال غرب) والتي تعد بمثابة الحديقة الخلفية لمعقل مليشيات الحوثي صعدة، وكان ذلك أول منصب أمني رفيع يتقلده الرجل قبل وبعد انقلاب المليشيات أواخر 2014.
واستغل اليوسفي منصبه الأمني من خلال تعينه “نائب مدير شرطة حجة” ثم “القائم بأعمال مدير عام شرطة المحافظة” في تشييد السجون السرية لعشرات المختطفين من أبناء المحافظة وذلك إلى جانب مشرفين وقادة حوثيين آخرين.
ولعل أخطر أدواره الأمنية، كانت عام 2017، بعد أن كاد أنصار الرئيس الراحل علي عبدالله صالح أن يسيطروا على محافظة حجة ضمن انتفاضة الـ2 من ديسمبر/كانون الأول قبل أن تلجأ المليشيات بقيادة المشرف الحوثي أبومالك اليوسفي لاعتقال العشرات من أتباع حزب المؤتمر الشعبي العام منهم لا يزالون مخفيين قسريا حتى اليوم، بحسب مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية”.
وأشارت المصادر إلى أن اليوسفي الذي عينته مليشيات الحوثي مؤخرا مديراً للتحريات بالإدارة العامة للمباحث الجنائية في صنعاء، مارس التعذيب بحق عشرات المدنيين في سجون حجة والعاصمة الذي انتقل إليها بعد تعيينه وكيلا لمصلحة السجون والإصلاحيات الخاضعة للمليشيات منتصف 2018.
وفي 2020، عمل الرجل كمشرف لنهب ممتلكات الخصوم المناهضين لمليشيات الحوثي لا سيما في محافظة مأرب قبل أن يتم ترقيته إلى منصب وكيل لوزارة الداخلية وتسليمه ملف “تفكيك جبهة الشرعية” من خلال استقطاب جنودها.
وبرزت خطورة اليوسفي أكثر 2021 بعد تسلمه ما يسمى “ملف العائدين”، والذي يعد بمثابة فخ نصبته المليشيات لمناهضيها العائدين إلى أسرهم في مناطق سيطرتها بحجة العفو العام، حيث سقط فيه عشرات الضحايا.
وبين 2022 و2023، سلمت مليشيات الحوثي للرجل مهمة إدارة الملف الأمني في المحافظات الجنوبية المحررة ليعمل بدوره على تجنيد عشرات الخلايا بهدف ضرب الأمن والاستقرار.
وبحسب المصادر فقد لعب الرجل ضمن قيادات حوثية في الأمن الوقائي وجهاز الأمن والمخابرات في رسم مخططات التفجيرات التي ضربت المحافظات الجنوبية منها عمليات انتحارية بسيارات مفخخة قبل أن تنجح أجهزة الأمن في الجنوب في ضبط عديد الخلايا وإفشال مؤامرات المليشيات.