يمني يطوف بـ”سيمفونيات تراثية” في مختلف العواصم

المرسى – فنون

بات الشاب محمد القحوم من أبرز رواد الفن والموسيقى اليمنيين، بعد أن ذاع صيته في عدد من دول العالم، نتيجة إبداعه الفريد الذي جذب انتباه الكثير من المهتمين.

ونجح الشاب الثلاثيني في صنع قوالب ومقطوعات موسيقية متعددة دفعت به إلى الشهرة داخل اليمن وخارجه، رغم الظروف الصعبة التي تعاني منها بلاده.

وأطلق القحوم مشروعا فنيا تحت اسم “سيمفونيات تراثية يمنية”، حيث أقيمت أول حفلة بهذا الشأن عام 2019 في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وتم فيها تقديم مقطوعات موسيقية من اللون الغنائي الحضرمي، نسبة إلى محافظة حضرموت شرق اليمن.

وفي عام 2021 أقيمت حفلة بارزة في القاهرة ضمن هذا المشروع، تحت عنوان “نغم يمني على ضفاف النيل”.

وفي هذه الحفلة قدم القحوم والعديد من الفنانين والموسيقيين مقطوعات جذابة من مختلف ألوان الغناء اليمني، وحظيت بمتابعة وحضور كبيرين، وإعجاب لافت عكس نجاحا فنيا باهرا.

وفي اليمن ألوان فنية متعددة، منها الصنعاني والعدني والحضرمي والتهامي والتعزي واللحجي والمهري، ولكل لون مذاقه الخاص وجمهوره الكبير. وقدّم القحوم وفريقه الاثنين حفلة تحمل عنوان “نغم يمني في باريس” على مسرح موغادور في العاصمة الفرنسية باريس.

وقال قحوم عن فكرة مشروع سيمفونيات تراثية يمنية، إن “الفكرة جاءت في فترة كنت أدرس فيها الموسيقى بالعاصمة الأردنية عمّان، وكنت مندهشا من تنوع الموسيقى للعرب وغير العرب الدارسين في المعهد الموسيقي”.

وأضاف المايسترو اليمني “مكثت أفكر في شيء بالإمكان أن أنشر به ثقافة موسيقى بلادنا بشكل كبير، لأنني حينها كنت أحضر الكثير من الحفلات الموسيقية والأوركسترالية وتنتابني الحسرة”.

وتابع “بعد ذلك دونت الفكرة وبدأت أعمل عليها وعرضتها على مدير مجلس إدارة مؤسسة حضرموت للثقافة، ودعموني بأول حفلة للمشروع في ماليزيا لتكون هذه الانطلاقة الأولى”.

وفي ما يتعلق بحفلة باريس، أشار القحوم إلى أنها عرض بألوان موسيقية فنية جديدة يقدمها لأول مرة بشكل أوركسترالي. وأضاف “لدينا 9 مقطوعات جديدة من ألوان مختلفة سيتم تقديمها في حفلة باريس”.

ويشدد القحوم على أن “رسالة هذا المشروع الفني هي تقديم صورة جميلة عن اليمن في ظل الظروف التي يعيشها من خلال مجال عمله، وإبراز بعض الألوان الشعبية بقالب أوركسترالي حديث يفهمه كل العالم ويسمعه ويستمتع به”.

وفي رده على سؤال حول أسباب اختياره لهذه الألوان الفنية يقول “لم يكن الموضوع بمحض الإرادة؛ لكن جرني الشغف بشدة”.

وفي اليمن الذي يشهد حربا منذ نحو تسع سنوات خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، برزت بعض المبادرات الفنية الرامية إلى تعزيز قيمة السلام في صفوف المجتمع والساسة.

وفي هذا السياق يرى القحوم أن” كل شيء في هذه الحياة رسالة، والفن جزء من شيء كبير فقط (…) نحن وظفنا هذه الرسالة بالشكل الجيّد واجتهدنا حباً في اسم بلادنا وسنعمل جاهدين لذلك، لأن الظروف في الحقيقة ليست بالأمر الهيّن”.

وأردف “لن يستطيع أي أحد أن يقدم ما يحلم به، لكن نتحدى الواقع نحن وكثير من أصحاب المشاريع التجارية، وأصحاب المشاريع البحثية والعلمية، فجميعهم يصنعون السلام لأنهم تركوا العجز والاستسلام جانباً واشتغلوا على أنفسهم لخدمة أهلهم”.

وحول مدى تأثير الجانب الفني على الجمهور، خصوصا في ما يتصل بمشروع سيمفونيات تراثية يمنية، يوضح القحوم “نحن في الحقيقة تسعدنا ردود الأفعال الإيجابية التي تحفزنا على أن نستمر”.

ورغم الصعوبات التي يواجهها معظم اليمنيين، تتحدى الإرادة العوائق وتصنع الطموح المستقبلي الذي يلهم الكثيرين في مواصلة رسالتهم في الحياة.

وفي هذا السياق يقول القحوم “نطمح في أن يكبر مشروعنا الفني أكثر وأكثر، وأن نصل إلى أن نغطي أجزاء كثيرة من فننا اليمني، وأن نعتلي أكبر قدر ممكن من المسارح العالمية، حتى ننشر هذه الثقافة المميزة بشكل يليق باسم حضارة اليمن الكبيرة”.

ويتحدث القحوم بأن “العقبة الكبيرة التي تواجه الفنانين والمبدعين هي أننا لا نزال في أزمة سياسية نتمنى أن تنتهي حتى تتبسط الكثير من الأمور وتكون سهلة أكثر”. وحول احتياجات الفن اليمني لكي يصل إلى العالم بشكل أكبر، يشدد القحوم على أن “الأمر يتطلب الكثير من العزيمة، والكثير من التشجيع والإيمان والجد والاجتهاد”.