المرسى – العين الإخبارية
لا حديث في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن هذه الأيام سوى عن عروض المسرحية الكلاسيكية “هاملت” للروائي الإنجليزي التاريخي ويليام شكسبير.
فالمسرحية التي أخرجها المخرج المسرحي والسينمائي اليمني الشاب عمرو جمال، تعرض في عدن بثوب وأسلوب مختلف، احتوى على الكثير من المميزات التي أعطتها طابعًا متفردًا جعلت منها أكثر من مجرد مسرحية لإحدى أشهر روايات الأدب العالمي في التاريخ.
هذا الثوب الذي بدت عليه مسرحية “هاملت” العدنية، عكس اللمسات التي أضافها المخرج عمرو جمال، بالإضافة إلى مترجم النص إلى اللهجة العدنية الكاتب عمرو الارياني، وهو ما أضفى عليها تميزًا نوعيًا على هذا العمل المسرحي التراثي.
مميزات “هاملت” العدني
يقول المخرج اليمني عمرو جمال، إن المسرحية تعرض لأول مرة باللهجة العدنية الدارجة، على العكس تماما مما عرفت به هذه المسرحية الكلاسيكية التي غالبًا ما تُعرض باللغة الأم للدولة التي تُعرض فيها.
ويضيف جمال في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”، كما أن من مميزات هذا العرض المسرحي أنه عُرض لأول مرة بطريقة المسارح التقليدية القديمة في أوروبا، عبر أسلوب العرض الذي تتوسط فيه خشبة المسرح موقع العرض ويحيط بها الجمهور من ثلاث جهات، وهي التجربة الأولى من نوعها في عدن واليمن عمومًا.
لم تقف مميزات مسرحية “هاملت” عند هذا الحد، بل إنها استثمرت أحد معالم مدينة عدن التاريخية، واستخدمتها للعرض، وهو مبنى المجلس التشريعي في زمن الاحتلال البريطاني للمدينة، والذي كان قبل ذاك كنيسة القديسة ماريا التي بنيت عام 1871، وتم ترميمه وإعادة تأهيله لاستضافة عروض “هاملت” العدني، بحسب جمال.
ويتابع: “كما أن العرض جمع بين جيلين من الفنانين والممثلين في عدن، وضم نجومًا مخضرمين من الزمن الجميل للمسرح العدني، ومبدعين شبابا تفجرت مواهبهم على خشبة المسرح ما يُبشر أن مسيرة ومستقبل الفن في عدن تبشر بالخير”.
أداء بديع
من جانبه، يعلق الصحفي اليمني، عبدالرحمن أنيس، على النسخة العدنية لمسرحية “هاملت”، رائعة وليام شكسبير الشهيرة التي تروي قصة انتقام أمير الدنمارك هاملت من عمه كلوديوس الذي قتل أخاه واستولى على العرش وتزوج من أرملة أخيه.
ويقول أنيس لـ”العين الإخبارية”: “رغم أن رواية شكسبير -التي ترجمت لعدة لغات بينها العربية- مسرحية تراجيدية مأساوية في مجملها، إلا أن المخرج المبدع عمرو جمال، استطاع إضفاء نوع من الكوميديا الرائعة على بعض فصولها، بلهجة عدنية بسيطة، وأداء بديع بكل ما للكلمة من معنى”.
ويضيف: “شخصيًا كمشاهد راضٍ عن الأداء بنسبة 98%، وأزعم أن وليام شكسبير -تُوفي قبل أربعة قرون- لو كان يجيد العربية وحضر أداءها الليلة لخرج وهو راضٍ تماما عن العمل”.
وأشاد الصحفي اليمني بفكرة عرض المسرحية في مبنى المجلس التشريعي، وأكد أن قاعة المجلس التشريعي فيها ميزات أخرى أعطت المسرحية شكلًا مميزًا، من خلال قرب أبوابها؛ الأمر الذي سمح للممثلين بالدخول من عدة أبواب مختلفة والسير بجانب الجمهور، ما ساعد في خدمة نص المسرحية بشكل عملي.
واختتم أنيس حديثه بالقول: “سعيد جدًا بإتاحة الفرصة لمشاهدة هذا العرض البديع، الذي تميز بالعديد من المميزات ورسخ اللمسة العدنية وطابع المدينة الفريد ووظفه في تعزيز دور المدينة أدبيًا وفنيًا”.
تاريخ المسرح بعدن
وعرفت مدينة عدن المسرح قبل نحو 120 عامًا، وتحديدًا عرضت فيها أول مسرحية في عام 1905، وهي أول مدينة في الجزيرة العربية والخليج تشهد هذه العروض المسرحية، خلال فترة الاحتلال البريطاني.
كما شهدت خلال تلك الفترة عروضًا مسرحية لكلاسيكيات الروايات الأدبية، وخاصة للكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير، مثل “يوليوس قيصر”، و”عطيل”، و”مكبث” وغيرها.
وعاشت مدينة عدن ازدهارًا فنيًا ومسرحيًا استمر حتى بداية تسعينيات القرن الماضي، حين تراجعت الحركة المسرحية كثيرًا، وعادت مجددًا بداية الألفية الثالثة، عبر مسرحيات وأعمال فنية لفرقة “خليج عدن”، التي يقودها المخرج الشاب عمرو جمال.