المرسى – العين الإخبارية
“الخروج من براثن جماعة الإخوان هو تخلص أبدي من العبودية للأشخاص وعودة مطلقة إلى عبادة الله وحده دون شريك”.
هكذا تحدثت الكاتبة المصرية ناهد إمام عن خلاصة تجربتها داخل التنظيم الإرهابي، وقالت لـ”العين الإخبارية” “أن تبقى بين صفوف تنظيم الإخوان لسنوات طويلة هو أمر أقرب إلى العبودية، ذلك أن أحد أهم شروط بقائك هو السمع والطاعة سواء كان هذا تحت القسم بأداء يمين الولاء أو بدونه”.
الكاتبة ناهد إمام، التي أعلنت العصيان على تقاليد الجماعة البالية بعد 18 عاماً كاملة بدأتها في عام 1990 وانتهت عام 2008، أكدت أن عناصر الجماعة استغلوا تغلغلهم في الجامعات والمدارس المصرية لتجنيد عناصر جدد، حتى باتوا كخلايا سرطانية تستحق الاستئصال.
التجنيد
في حديثها لـ”العين الإخبارية” أكدت ناهد إمام، أنها وغيرها من الفتيات كن ضحية سنوات سيطرت فيها جماعة الإخوان بشكل كبير على الجامعات المصرية بشكل واضح ولافت، وكان حضورهم لا تخطئه العين بأي حال من الأحوال منذ وقت التحاقك بأي كلية في أي جامعة مصرية.
وتابعت: “حين التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة في عام 1990، كان للحضور الإخواني في الأسر التي تنشأ للرحلات والتعارف بين الطلاب واضحاً، فضلاً عن مشاركتهم السياسية والاجتماعية في كافة المحافل التي كانت تجذب جيلنا في هذا التوقيت، وانتشارهم بشكل واضح في المساجد التي يتردد عليها الطلاب في الكليات المختلفة لأداء الصلاة”.
ففي المسجد – والحديث لا يزال للكاتبة – “تعرفت على عدد غير قليل من الفتيات الذين كانوا يحرصون على التعاون معي، وتأصيل فكرة الإخوة والحض على عمل الخير والتحرك لنجدة أو مساعدة كل محتاج، ما بهرني وجذبني بشكل مباشر للتواجد معهم ومساعدتهم في أداء الأعمال الخيرية”.
القائد
“بعد ضمان ولائك وإعجابك بالأداء الخيري للجماعة”، بحسب الكاتبة “يتم ترقيتك في الجماعة مع تأصيل فكرة الاضطهاد التي يعانيها الإخوان لجذبك إلى طريقهم قبل عرضك على من هو أعلى مقاماً من الفئة الأولى التي تعرفت عليها والذي يلقب بـ(النقيب) أي القائد”.
وتابعت: “لهذا النقيب ولاء أعمى وصلاحيات كبرى وتكليفات للطالبات بدعوة الأقرباء والعائلات للانضمام إلى التنظيم، وبدون قسم فأنت مدين لهذا النقيب بالسمع والطاعة وإلا يتم نبذك مباشرة عن الجماعة”.
وتشير الكاتبة إلى أنه بعد الانضمام إلى الجماعة بشكل كبير، تبدأ القامات الأكبر بإقناعك بضرورة زيادة الدروس التي كانت تعقد في منازل السيدات، ومنهن في هذا التوقيت في شقة زينب الغزالي التي كانت تعقد جلسات للأخوات في مدينة نصر”.
الانتشار
“للإعلام دور غير محدود في أدبيات جماعة الإخوان، لهذا كانت الجماعة تصدر شيوخها في المساجد فتصنع حالة من الترويج لبضاعتهم وسعيا ً للانتشار، فضلاً عن انتشار شرائط الكاسيت في هذا التوقيت من زمن التسعينيات أثناء المرحلة الجامعية، وهو الأمر الذي كانت تستخدمه الجماعة للترويج لبضاعتهم بشكل متواصل ومدروس قبل مرحلة انتشار الفضائيات”، هكذا كشفت ناهد إمام عن توظيف الجماعة لعناصرها في الإعلام.
وتشبه الكاتبة حالة وجودها في الإخوان قائلة: “كنت أراه مجتمعًا ملائكيًا كمجتمع الصحابة، ثم ما لبثت بعد تجربة مريرة داخل الجماعة وداخل بيت إخواني عشت فيه مع زوج ينتمي للجماعة أن العلاقة ببساطة تتشابه كمن يتوهم أن هناك بابًا مفتوحًا فيمشي في اتجاهه في الظلام حتى يخرج إلى النور، فإذا به يصطدم بحائط سد من الحجر الصوان”.
الفروق
وفندت الكاتبة المصرية، ما يتردد حول وجود فروق جوهرية بين طريقة جماعة الإخوان في الاستقطاب وأسلوب جماعة التبليغ والدعوة والسلفيين، حيث تستهدف الأولى أبناء الطبقة المتوسطة، ولهذا تجد الكثيرين من أبناء الإخوان يمتهنون مهن الهندسة والطب وغيرها من المهن المنتشرة بين أبناء الطبقة المتوسطة، بينما يستهدف الثانية الطبقة الفقيرة التي يعتبرونها هي الأسهل في التأثير عليها والأقرب إلى المتاجرة بالدين لتحقيق أهدافهم.
الفارق الآخر التي تعتبره جوهرياً، أن جماعة الإخوان تسعى طيلة الوقت إلى تخريج كوادر داعمة وداعية لها داخلياً وخارجياً، بعكس الجماعتين الآخرتين الذين يعملون محلياً بشكل كبير، ويستهدفون بشكل أكبر التحرك البسيط.
الانشقاق
الخروج عن تنظيم الإخوان لم يكن بالقرار السهل، ولكنه لم يكن وليد اليوم، فرغم خروجي فعلياً عن الجماعة في عام 2008، إلا إنني وقبل هذا التاريخ بسنوات وتحديدا ً مع بداية الألفية كنت و”أخوات” أخريات قد أعلنا تمرداً حول فكر الجماعة ونظرتهم للمرأة في ظل فرض الحداثة لفروضها على الواقع آنذاك.
وتؤكد إمام أنها رصدت في كتابها “صندوقي الأسود” كل المراحل التي مرت بها منذ انضمامها للتنظيم وحتى الخروج النهائي عنه بلا رجعة، مؤكدة أن الجماعة لم تعر خروجها اهتماماً كون أن أحد أهم أدبيات التنظيم الإخواني مبدأ عام مفاده: “الجماعة بك وبدونك وأنت بالجماعة ولست بدونها شيئا”.