الانتخابات الأمريكية 2020: مستشارة ترامب الروحية “تدعو الملائكة” لمساندته

تناقل مغرّدون حول العالم تسجيلات مصوّرة للقسيسة بولا وايت-كاين، مستشارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للشؤون الروحية، وهي تصلّي وتدعو الله لكي “ينصره على أعدائه”.

وقد أطلّت السيدة الخمسينية الشقراء في بثّ مباشر عبر صفحتها على فايسبوك، بالتزامن مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يتقدّم فيها المرشح الديمقراطي، جو بايدن، حتى الآن.

وشارك مستخدمون على مواقع التواصل مقتطفات من الصلاة، معبّرين عن “عدم تصديقهم وذهولهم”، من أسلوبها ومضمون صلاتها، إذ أنّها دعت “الملائكة” لمساندة ترامب، قائلةً إنّها “تسمع صوت النصر”.

وتظهر بولا وايت وهي تردّد الصلاة بصوت عالٍ، وبإيقاع متسارع وحازم، مكرّرة: “أسمع صوت هطل المطر، أسمع صوت النصر، أسمع صوت صراخ وغناء، أسمع صوت النصر، النصر، النصر، النصر، النصر، النصر، النصر الآن في زوايا الجنة، الله يقول إنّ الأمر قد تمّ”.

كما دعت لحماية ترامب من “المؤامرات الشيطانية” و “الأجندات الشيطانية” و “كل روح شيطانية”، وطلبت من الله أن “يضرب ويضرب ويضرب ويضرب” (وهي تؤدّي بيدها حركة تشبه الجلد).

وأضافت بولا وايت أنّ “الملائكة آتية إلينا من أفريقيا ومن أمريكا الجنوبية”، واصفةً الأمر بأنّه “تعزيزات ملائكية”، فيما علا التصفيق حولها.

وكان أكثر ما أثار الصدمة في البثّ المباشر الذي شوهد ملايين المرات، استخدام القسيسة الإنجيلية المعروفة عبارات غير مفهومة، وذلك في تقليد يسمّى بـ”النطق بالألسن”، إذ يعتقد من يؤدونه أنّ الروح القدس يحلّ عليهم، ليصبحوا قادرين على التحدّث بلغات قديمة لا يعرفونها.

هذه ليست المرّة الأولى التي تثير فيها طريقة صلاة بولا وايت الذهول، إذ يكفي كتابة اسمها في خانة البحث على موقع يوتيوب، لكي تظهر عدّة تسجيلات قديمة لها، تؤدّي فيها الصلاة بطريقة مماثلة.

وخلال جولات ترامب الانتخابية، كانت ترافقه، وتظهر في عدّة صور بجانبه في البيت الأبيض، مع عدد آخر من القساوسة، وهم يؤدّون ما يعرف بطقس وضع الأيدي، ويعني الصلاة عبر وضع اليد على مسافة قريبة من جسد ورأس الشخص المعني، لمدّه بالطاقة، وتوجيه رأفة الله نحوه.

وفي إحدى عظاتها، تقول وايت: “حين أطأ أرض البيت الأبيض، فإنّ الله يطأ أرض البيت الأبيض. لديّ كامل الحقّ والسلطة لأعلن البيت الأبيض أرضاً مقدّسة، لأنّني كنت أقف هناك، وكلّ مكان أقف فيه هو مكان مقدّس”.

وكانت وايت شخصية مثيرة للجدل منذ صعود نجمها في عالم التبشير التلفزيوني عام 2001، من خلال برنامج أسمته “بولا وايت اليوم”.

أسست عام 1991 “كنيسة من دون جدران الدولية”، مع زوجها السابق المبشر، راندي وايت. وتوسعت أعمال الثنائي ضمن هذه الكنيسة، حتى جمعا ملايين الدولارات.

تنتمي بولا وايت إلى طائفة الانجيليين المتجدّدين، وهي إحدى تيارات المسيحية المواهبيّة أو الكارزماتيّة.

ويؤمن أتباع هذا التيار عموماً بأنّهم يتمتعون بمواهب خارقة منحها لهم الله، وأبرزها النبوءة والقدرة على تحقيق المعجزات، والتحدّث بألسن غريبة.

كما تبشّر وابت بما يعرف بإنجيل الوفرة، ويعني أنّ كلّ قرش يتبرّع به المؤمنون لدعم الكنيسة على الأرض، سيزيد حظوظهم بالجنّة.

ومع اتساع شهرة وايت وثروتها، اتهمت بالاحتيال والهرطقة، خصوصاً بعد انفصالها عن راندي وايت، وإفلاس “كنيسة من دون جدران” في عام 2008، بعد تحقيق بنفقات عدد من المبشرين الإنجيليين.

كما يشكّك كثر بصدق رسالة وايت، بسبب أسلوب حياتها المترف.

لكنّ ذلك لم يوقف وايت التي ولدت في عائلة فقيرة، وتوفي والدها في سنّ صغيرة، وحملت بابنها حين كانت لا تزال في الثامنة عشرة من العمر.

فرغم المصاعب التي عانت منها في طفولتها ومراهقتها، ورغم عدم تلقيها لأي دراسة جامعية في مجال اللاهوت، أسست كنيستها الخاصة، وحققت نجاحاً في مجال التبشير التلفزيوني الذي يعدّ مصدر ربح وفير بالنسبة لقساوسة كثر في الولايات المتحدة.

لكن نجاحها الأكبر، جاء في نوفمر/ تشرين الثاني 2019، حين عيّنها ترامب على رأس “مبادرة البيت الأبيض للإيمان والفرص”، التي انطلقت في عهد جورج بوش.

وكانت وايت المرأة الأولى التي تتلو الصلاة خلال قسم رئيس أمريكي لليمين، عند تنصيب ترامب عام 2016. علماً أنّ علاقتها بترامب بدأت قبل نحو عقدين من الزمن، حين شاهد إحدى عظاتها على التلفزيون، واتصل بها، وردّد حرفياً ثلاث جمل وردت خلال صلاتها، بحسب روايتها.

ويبدو الترابط بين ترامب ووايت عضوياً، فهو يعبّر عن اعجابه بها، وهي تكرّر في مقابلاتها أنّ “الله تحدّث اليها قبل 18 عاماً، وطلب منها أن تظهر حقيقته لترامب”. ومنذ ذلك الحين، جمعت بين الاثنين علاقة وطيدة.

في عام 2014، تزوّجت بولا وايت من نجم الروك الأمريكي جوناثان كاين، وبحسب عدّة مراجع، كانت هديّة ترامب لها شيكاً بألف دولار، لصالح “مركزي كنيسة ديستني المسيحي” والذي بات يعرف “بمدينة ديستني” حيث أدّت صلاتها المحمومة أمس.

في إحدى التسجيلات التعريفية ببولا وايت على قناة “ناو ذيس” الأمريكية، يقارن الكوميدي، جون جونسون، بينها وبين ونجم الروك الراحل، ألفيس بريسلي، “فكلاهما ولد في مدينة توبيلو (ميسيسيبي)، وكلاهما يحب البهرجة، لقد كان يجعل الحشود تصرخ، وهي تجعل الحشود تصرخ، كان شعره رائعاً، وشعرها رائع كذلك. أمضى وقتاً في البيت الأبيض، وهي كذلك. كان يمتلك طائرةً خاصة وقصراً، وهي تمتلك طائرة وقصراً”.

تعدّ القسيسة من أشهر الداعمين لترامب في أوساط الانجليين، وهم المجموعة الدينية التي أسهمت بفوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وغالباً ما تثير العلاقة بينهم وبين ترامب الجدل، لأنّ سلوكه بحسب وسائل الإعلام الأمريكية، لا يتناسب مع القيم الدينية التي يبشرون بها. لكنّ ذلك لا يتعارض مع إيمان الانجيليين، لأنّهم يعتقدون أنّ الحاكم غير الصالح، يمكن أن “يوظّف قوّته” لصالح الخير.

هكذا، تقاطعت مصالح ترامب مع أجندة بولا وايت وغيرها من المبشرين المؤمنين الذي يؤمنون بضرورة “وضع القدس تحت حكم اسرائيل”، ما يعدّ من الأسباب التي دفعت ترامب إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ومن أبرز معتقدات الانجيليين المتجددين، السعي لتحقيق نبوءة “إعادة بناء أورشليم”، كمحطّة ضرورية لعودة المسيح.

من جانب آخر، تقاطعت سياسة ترامب مع أولوياتهم في رفض إقرار قوانين “تحمي الشرور”، وتحديداً في مسألة الإجهاض وزواج المثليين.

Exit mobile version