المرسى | خاص
أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة للحوثيين بالحديدة، أمس الإثنين، حكماً بالإعدام على 16 شخصاً بتهمة اغتيال الصماد.
من بين قائمة المتهمين، التي احتوت على أسماء ملوك ورؤساء دول، لم يكن حاضراً في جلسات المحاكمة سوى أمين عام محافظة الحديدة الشيخ القوزي وعدد من مرافقيه.
وفي محاكمة صورية تواصلت بعد انسحاب هيئة الدفاع عن القوزي احتجاجاً على ما أسموها بالأحكام الجاهزة؛ أصدر الحكم بإعدام القوزي بدون أبسط شروط العدالة ليكون القوزي “كبش الفداء” في القضية.
ملابسات المحاكمة
في أكتوبر من العام الماضي أعلنت هيئة الدفاع عن الشيخ علي القوزي انسحابها من الترافع في قضية موكليهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة.
وقالت هيئة الدفاع في مذكرة حصل “المرسى “على نسخة منها، إن انسحابها جاء استشعارا بعدم قدرتها عن تقديم أي دفاع نافع أو مفيد لموكليها نظرا للعراقيل التي تم وضعها أمام هيئة الدفاع والمخالفة للقانون، والتي وجدت معها هيئة الدفاع أن مجرد استمراريتها بالمثول أمام المحكمة ليس إلا من قبيل شرعنة الإجراءات والقرارات والمواقف المتصلبه بدون مبرر شرعي أو مسوغ قانوني.
وجاء في المذكرة المؤرخة في 8 أكتوبر 2019، أن هيئة الدفاع أدركت من خلال الموقف المتصلب والمتشدد ومن خلال الكلام الذي يصدر عن رئيس المحكمة أنه مقتنع بالأقوال المنسوبة للمتهمين قناعة تامة، وأنه يعتبرها دليلاً مثبتاً رغم تكاذبها مع نفسها ومع الواقع واستحالة الأخذ بها كدليل، إضافة إلى التضييق الزمني المخالف للقانون وإعطاء هيئة الادعاء وقتاً وحقوقاً أكثر من هيئة الدفاع.
وبحسب المذكرة فقد تأكد لهيئة الدفاع أنه يراد منها أن تكون مجرد ديكور وشاهد على الكيفية التي سيتم بمقتضاها الافتراء على المتهمين ومصادرة حقهم في الدفاع لإيقاع حكم بالغ القسوة بحقهم، مؤكدةً أن مسألة إدانة المتهمين مسألة وقت فقط.
ورصدت هيئة الدفاع عدداً من المخالفات القانونية الواضحة للمحكمة، من بينها عدم اثبات شهادة 4 شهود على الشيخ القوزي لأنها تثبت تعرض القوزي للتعذيب وغيره للتعذيب أثناء جمع الاستدلالات مما يجعل الأقوال المنسوبة إليه باطلة.
كما أكدت هيئة الدفاع أن الفيديو الذي قدمه الإدعاء كدليل على قيام القوزي بوضع شريحة تتبع في جيب مرافق الصماد، لا يوجد فيه ما يثبت صحة الاتهامات، الأمر الذي لم تثبته المحكمة في المحضر وذلك لقناعتها المسبقة الأقوال المنسوبة للمتهمين.
تصفية حسابات
وينتظر كلاً من علي علي القوزي وعبد الملك أحمد حميد ومحمد خالد هيج ومحمد إبراهيم القوزي ومحمد يحيى نوح وإبراهيم محمد عاقل ومحمد محمد المشخري وعبد العزيز الأسود ومعاذ عبد الرحمن عباس، تنفيذ الحكم بالإعدام بعد أن اتهمتهم مليشيا الحوثي باغتيال رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي.
ويتصدر قائمة المتهمين الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة الحديدة الشيخ علي بن علي القوزي شيخ مشايخ قبائل صليل في شمال الحديدة، والمعتقل منذ نحو عامين في سجون المليشيا الحوثية.
كان القوزي أول من آمن بالمسيرة الحوثية في الحديدة ونسّق لأنشطتها داخل المحافظة في وقتٍ مبكر منذ عام 2006، لكن ذلك لم يشفع له عند المليشيا التي تتهمه اليوم باغتيال الصماد وتنتظر تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضده.
وتفيد مصادر مطلعة لـ”المرسى” بأن القوزي كان رهن الإقامة الجبرية في منزله بمديرية القناوص قبل اعتقاله، إثر خلافات حادة نشبت بينه وبين قيادات مليشيا الحوثي بعد رفضه القيام بأعمال محافظ الحديدة، منتصف العام 2018، وذلك عقب إيقاف الحوثيين للمحافظ وقتها اللواء حسن الهيج الذي تربطه بالقوزي صلة قرابة.
المصادر ذكرت أن مليشيا الحوثي أقدمت على اختطاف أحد أقارب الشيخ القوزي، في وقت لاحق، ماجعل حدة الخلافات تتطور بين الطرفين وحدثت اشتباكات بين أقارب القوزي ومشرف الحوثيين بمديرية القناوص.
وبحسب معلومات مؤكدة، فإن القوزي حينها هدد بسحب المقاتلين الموالين له الذين يقاتلون في صفوف الحوثيين، ورفض تجنيد مقاتلين آخرين من أبناء قبيلته إذا لم يفرج الحوثيين عن المختطف، الأمر الذي جعل المليشيا تضعه رهن الإقامة الجبرية وتتهمه بالتواصل مع الحكومة الشرعية قبل أن تلفق له تهمة اغتيال الصماد.
ويأتي قرار تصفية القوزي – وفقاً لمراقبين – ضمن حملة الترهيب الحوثية بالإعدامات والتصفية للمشايخ والوجاهات القبلية والقيادات السياسية والمحلية الموالية للمليشيا والتخلص منهم، بالتوازي مع إجراءات التضييق وتشديد المراقبة وتقييد حركة البعض ومنع آخرين من المغادرة.
ويشير المراقبون إلى أن شخصيات قبلية ومشايخ وأعضاء في مجالس محلية وعسكريين سابقين باتوا يتحاشون الخروج ويلازمون منازلهم فيما يشبه الإقامة الجبرية بالتزامن مع اعتقالات وتلفيق اتهامات بالخيانة وغيرها من قبل مشرفين وقيادات المليشيا الحوثية طالت مرافقين وأنصاراً ومقربين.
وتزايدت حالة التوتر والترهيب بين أوساط الموالين للمليشيا في الحديدة بعد قرار تصفية القوزي وبالتزامن مع موجة التصفيات وتخلص الحوثيين من حلفائهم في المحافظات الشمالية من صعدة وعمران وحجة.
من جهة أخرى قالت مصادر قبلية وسياسية، إن تصفية القوزي هدف حوثي بحد ذاته، دفعت إليه قيادات حوثية على علاقة بصراع المصالح والنفوذ، بهدف التخلص من شخصية قيادية ووجاهة قبلية نافذة غير مرغوب فيها، وفرض مزيد من السطوة والرعب في نفوس المشايخ الآخرين، إلى جانب الإدعاء أمام أنصار المليشيا بالوصول إلى الجاني في قضية مصرع الصماد، الأمر الذي فسره آخرون بتوجه لدفن القضية والحقيقة.
جدير بالذكر أن محافظ المليشيا في الحديدة محمد عياش قحيم كان أحد الشهود ضد الشيخ القوزي في نفس الفترة التي عين فيها الحوثيون قحيم قائماً بأعمال المحافظة.