قائد الحراك التهامي عن سياسي المقاومة الوطنية: لدينا قضايا مشتركة

المرسى – العرب

برز اسم عبدالرحمن حجري مع نشوء “الحراك التهامي” في محافظة الحديدة غرب اليمن منذ الأيام الأولى لسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء كمؤسس لهذه الحركة الشعبية التي أخذت على عاتقها المطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية لتهامة اليمن، ورفع ما اعتبرته “مظلومية تاريخية” وقعت على هذا الإقليم الغني بالثروات والغارق في الفقر.

وبعد سنوات من الشد والجذب في خضم أزمة الحرب بين الحوثيين والحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، لا يزال الحراك التهامي يشكل أحد أعمدة المقاومة لأولئك الذين يسعون إلى تقسيم البلد وإطالة أمد الأزمة. وقد شرح حجري باستفاضة خلال حديثه مع “العرب” موقفه مما يحدث في الوقت الراهن في المشهدين السياسي والعسكري ودور التهاميين في مستقبل اليمن الجديد.

أولويات سياسية وقصور إعلامي

في البداية سألت “العرب” حجري عن أسباب تواريه عن المشهد اليمني في الآونة الأخيرة، حيث قال “لم أغب إطلاقا عن المشهد منذ بدأ نضالنا السلمي في الحراك التهامي ما قبل الانقلاب الحوثي بسنوات وحتى الآن، ومنذ الكفاح المسلح في المقاومة التهامية الذي بدأ منذ أولى ساعات الاجتياح الحوثي لتهامة في أكتوبر 2014 وحتى اليوم”.

ويؤكد أن الحراك التهامي وقوات المقاومة التهامية ما يزال لهما التأثير الأبرز في “نطاق قضيتنا العادلة القضية التهامية وحربنا ضد الميليشيا الحوثية الإرهابية التي ما تزال تفرض أمرًا واقعًا على مناطق تهامية وخاصة أجزاء من مدينة الحديدة ومينائها والمناطق شمال الحديدة، وهي القضية التي نناضل من أجلها سلمًا وحربًا كقضية أساسية بالنسبة إلينا”.

ويضيف “نرى أن تحقيق أولويتنا هذه يخدم النضال الوطني عمومًا في الحرب ضد ميليشيا الحوثي، أما إن كان القصد هو غيابي عن المشهد الإعلامي فهو يأتي أيضًا ضمن أولويات عملنا، فقد انشغلنا بالعمل الميداني على الأرض وأهملنا جزئيًا مواكبة هذا العمل إعلاميا، ونحن نعترف أن القصور الإعلامي لم يواكب التأثير المتنامي للحراك التهامي وقوات المقاومة التهامية على الأرض وقد بدأنا نرتب استعادة دورهما إعلاميًا بشكل منهجي، وإن كان الغياب الإعلامي يعني غيابا عن المشهد فأنتم تظلمون قوات المقاومة التهامية وأيضا إخوتنا الجنوبيين في قوات العمالقة لأن كلينا أهملنا جزئيا الدور الإعلامي”.

ويعتبر حجري أن القصور الإعلامي الذي يشوب نشاط الحراك والمقاومة التهامية مرده في الأساس إلى ضعف المخصصات المالية للجانب الإعلامي، مشيرا إلى أن الإمكانيات المادية تحتم عليهم الانفاق في أولويات أخرى، في حين أن الآخرين سواء الخصوم أو الحلفاء في الحرب يتمتعون بإمكانيات إعلامية لديها إما بنية إعلامية قديمة استثمروها أو إرث مؤسسات إعلام الدولة والأحزاب الكبرى.

ويقول لـ”العرب”، “صحيح أن القصور الإعلامي أثر في إعطاء صورة حقيقية للرأي العام الخارجي عن حجم تأثير الحراك والمقاومة التهامية الكبير، لكن الحاضنة الشعبية التهامية تعرف مدى هذا التأثير لأنها من تصنعه عبر الحراك والمقاومة التهاميين، والشعب في تهامة يعايش هذا يوميًا لأنه يصنع هذا التأثير بتضحياته. والتأثير السياسي سيفرض نفسه كنتيجة طبيعية للتأثير على الأرض ومع ذلك فنحن ندرك أهمية الإعلام والتواصل مع الآخرين عبره خاصة مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي التي توفر وسائل سهلة وغير مكلفة كثيرا وسنعمل على هذا الجانب خلال الفترة المقبلة”.

مظلومية كبرى

حول حقيقة الاتهامات التي توجه للقيادات في الحراك والمقاومة التهامية أنها تمارس نضالًا على الأرض دون وجود وعاء سياسي لهذا النضال، يرى حجرى أن “هذا جزء مما يحاول البعض ترويجه عن الحراك التهامي، فالقضية التهامية قضية سياسية بامتياز لأنها ترتبط بمظلومية كبرى وبحقوق منتهكة وبتطلعات مشروعة للتهاميين، والحراك التهامي نشأ كحامل لقضية سياسية لذلك فإنه حراك سياسي وهو الوعاء الحامل للقضية منذ اليوم الأول لنشأته ولا نحتاج إلى الإعلان عن أنفسنا سياسيا من جديد أو تجديد هذا الإعلان لمجرد أن هناك من هو غير ملم بنشأة الحراك التهامي يطالبنا بذلك”.

واستطرد بالقول “نحن حركة نشأت من الميدان ومن المعاناة، أما النضال فهو وسيلة لتحقيق الغايات السياسية للقضية التهامية وليس غاية بحد ذاته. ومن هنا نشأت المقاومة التهامية ومن ثم قوات المقاومة التهامية، وكلها خرجت من رحم الحراك التهامي الحامل السياسي للقضية كضرورة اقتضتها ظروف الانقلاب الحوثي، إنما الحراك نشأ قبل ذلك الانقلاب كحامل سياسي للقضية التهامية وقد بدأ الحراك التهامي نضاله السلمي قبل الانقلاب المشؤوم وكان نضالًا سياسيًا شعبيًا قبل أن نضطر لحمل السلاح لمواجهة ميليشيا الحوثي الإرهابية”.

وأضاف “مع ذلك فنحن جاهزون لإعطاء الجانب السياسي أهمية أكبر من القتال إذا ما جنحت ميليشيا الحوثي للسلم واستطاعت الجهود الأممية إقناعهم بالجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب، وإذا ما تغيرت الظروف السياسية وأصبحت أقرب إلى السلم سنعمل سياسيًا بما يحقق أهداف قضيتنا بنفس القدر الذي عملنا عليه عندما اضطررنا للقتال، ولدينا رؤية سياسية متكاملة وشاملة إزاء المشهد الراهن برمته والاحتمالات المستقبلية القادمة”.

لواء الدفاع عن تهامة

يعتبر حجري أن موقفه من إعلان المقاومة الوطنية عن تأسيس مكتب سياسي ليكون حاملا سياسيا لدورها العسكري، في الوقت الذي يعتبر فيه أن الحراك التهامي هو الحامل السياسي للقضية التهامية، مرتبط أساسا بالدستور اليمني الذي يكفل للجميع حق تشكيل الأحزاب والمكونات وفق ضوابط القانون.

وقال إن “أي مكون جديد مرحب به لإثراء العملية التعددية الديمقراطية، وكل مكون يحمل رؤيته ويسعى لتحقيقها ونحن في الحراك أولويتنا هي القضية التهامية وإنهاء مظلوميتنا ونحن من يحمل لواء الدفاع عن تهامة، فأهل مكة أدرى بشعابها. وبالنسبة إلى المكتب السياسي فإن هناك إمكانية للتعاون بيننا لخدمة القضايا المشتركة معا خاصة أن هناك عدوا مشتركا وأرضية واحدة للعمل في الوقت الراهن فرضتها طبيعة المعركة، وبالتالي نحن رفقاء سلاح منذ أن قرروا الانتفاض ضد ميليشيا الحوثي أواخر 2017 والانضمام إلينا وإلى إخوتنا الجنوبيين في قوات العمالقة لمشاركتنا في الحرب ضد الحوثيين”.

وأضاف “نحن رفاق سلاح وإن اختلفت أولوياتنا السياسية ولا أظن أن الدور السياسي للمقاومتين التهامية والوطنية وقبلهما الحراك التهامي سيكون على حساب الأخرى إطلاقًا، وأعتقد أننا نستطيع تنسيق الجهود في هذا الشأن وبما يخدم القضية التهامية”.

وحول طبيعة العلاقة مع العميد طارق صالح وإمكانية أن تسهم هذه العلاقة في الوصول إلى مرحلة الشراكة، وحقيقة ما يشاع عن خلافات بين المقاومتين التهامية والوطنية، قال حجري “نحن في خندق واحد في مواجهة الحوثي ووجود تباين في الأولويات السياسية لا يعني وجود خلا،؛ بل يدعونا معا إلى التنسيق لتوحيد الأولويات لتحقيق الهدف المشترك النهائي الذي نناضل من أجله عسكريا وسياسيا وهذا يحتاج إلى التنسيق كلما اقتضت الضرورة ذلك”.

ولكنه استدرك بالإشارة إلى أن تهامة يمثلها أبناؤها في أي ترتيبات سياسية قادمة “كما أن شركاءنا في السلاح والتضحية في قوات العمالقة لهم نفس الحق، وقد قدمت قوات العمالقة وما تزال تضحيات كبيرة في الساحل التهامي سيحفظها لها التهاميون كجميل مدى التاريخ، وإن كان هناك خلاف كما يشاع لما كنا أعلنا سابقًا عن تنسيق جهودنا العسكرية في إطار العمليات المشتركة في الساحل التي تضم قوات المقاومة التهامية وقوات العمالقة وقوات المقاومة الوطنية”.

وأوضح أن الجهود العسكرية للطرفين لها نفس الهدف وهو تحرير الحديدة من ميليشيا الحوثي. أما الهدف السياسي كحراك ومقاومة تهامية “فنسعى عبر الهدف العسكري إلى تحرير الحديدة وتحقيق شراكة أبناء تهامة في السلطة والثروة في إطار وطني مبني على شراكة حقيقية وليست شكلية”.

وأكد أن طارق صالح “يشاركنا هدف تحرير الحديدة لأنه يريد مواصلة النضال باتجاه العاصمة بعد أن يتسلم أبناء تهامة إدارة مناطقهم، هو له مصلحة في تحرير الحديدة لأنها ستعطيه قوة تفاوضية حول صنعاء، ولنا هدف أيضا من تحرير صنعاء لأننا نريد أن نتفاوض مع صنعاء حول حقوق تهامة وإرساء مواطنة حقيقية معها مستقبلا على أساس الشراكة المتكافئة وليست التبعية أو الاقصاء والتهميش”.

ويؤكد قائد المقاومة التهامية أن حديثه عن “التفاوض مع صنعاء” لا يعني التفاوض مع الحوثيين، مشيرا إلى أن المقصود بذلك هو الاستعداد للتفاوض مع أي قوى جمهورية في صنعاء في حال تحريرها عسكريا أو سياسيا. أما الحوثيون “فمبدأ التفاوض على حقوق المواطنة معهم يتناقض مع أيديولوجيتهم التي قاموا على أساسها وعلى ادعائهم بالحق الإلهي الذي يجعلنا مجرد أتباع في نظرهم”.

ويقول حجري مفسرا ذلك إن “فاقد الشيء لا يعطيه، لن نتفاوض مع صنعاء إلا مع طرف جمهوري يفرض نفسه هناك، لذا من مصلحتنا تحرير العاصمة، لكن هدفنا الأول تحرير الحديدة وهي بالنسبة إلينا غاية وتحرير صنعاء مطلب وهنا الفرق، فالعميد طارق كما أظن ينظر لتحرير الحديدة كمطلب لتحقيق غاية الوصول إلى صنعاء، وهنا يتبين أن حماسته لإعلان المكتب السياسي هي للتفاوض حول الوضع الذي قد يترتب في صنعاء عن أي تسوية سياسية مستندا إلى دوره العسكري في تهامة”.

وأضاف “في المقابل نهدف نحن للحديث في الأطر السياسية عن قضية تهامة كأساس وصنعاء كقضية شراكة لأن الوضع في صنعاء سينعكس علينا وعلى قضيتنا لاحقا، ومن هنا يأتي التباين السياسي، بالنسبة إلينا تهامة وصنعاء، وبالنسبة إلى طارق صنعاء عبر تهامة وإن كانت الحديدة تمثل له أولوية من الناحية العسكرية فهي لضرورة تحقيق الهدف السياسي الذي تأتي فيه الحديدة في المرتبة الثانية وليست الأولى بالنسبة إلى حراس الجمهورية، لذا فإن تنسيق الجهود وتمثيل أبناء تهامة كمكون مستقل يتمثل في الحراك والمقاومة التهامية يمثل الحل الأنسب والمنطقي الذي يحل هذه القضية ويحقق عدالة التمثيل بين كافة القوات المشتركة في الساحل التهامي وضمنها قوات العمالقة، ويمكن إيجاد أكثر من صيغة للتنسيق بينهما”.

تمثيل سياسي وعلاقات

لا يعتقد حجري أن معضلة ترتيب الأولويات السياسية بين الحراك والمقاومة التهامية من جهة والمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح من جهة أخرى وبروز الخلافات حول الأوليات السياسية بوصفها مشكلة تحتاج إلى جهد أكبر مما يعتقد مشكلة.

وسعى إلى تبرير ذلك حيث قال “لدينا نفس الأهداف العسكرية بخصوص تهامة أو صنعاء، يختلف ترتيب الأولويات السياسية فقط ويمكن التوافق حولها بسهولة إذا ما أعطي الهدفان السياسيان نفس الأولوية بالتوافق بيننا بما في ذلك قوات العمالقة”.

ويمكن مواءمة ذلك عبر ضمان تمثيل عادل للتهاميين ممثلا في حراكهم ومقاومتهم التهامية التي قدمت الكثير من التضحيات وحيث يتم التوافق على هذا التمثيل في أي مشاورات سلام، وهذا مهم ليضمن الشعب في تهامة تمثيله وحضور صوته الذي سيضع قضيته على الطاولة ويضمن إدراجها كقضية رئيسية في أي ترتيبات سياسية أو حوار شامل يعقب التسوية السياسية بعد إنهاء الانقلاب.

وأضاف “نحن كتهاميين نحتاج كل بندقية مخلصة تشاركنا هدف تحرير الحديدة خاصة بعد أن أعاقت قوى داخل الحكومة الشرعية تحقيق رغبة المقاومة الوطنية في المشاركة في القتال دفاعا عن مأرب، لذا فالساحل التهامي المساحة المتاحة الوحيدة لطارق حاليا لتحقيق أهدافه، وهذا يقتضي علينا تحقيق الأهداف السياسية كما نجحنا في تنسيق العمليات العسكرية سابقا”.

ويتهم قائد المقاومة التهامية أطرافا في الحكومة الشرعية بإعاقة طلب المقاومة الوطنية المشاركة في تحرير مأرب، ويفسر حجري هذا الموقف بأنه عائد إلى حساسيات بين تلك القوى وبين نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وكل من ينتمي له بمن فيهم طارق صالح.

وعن موقفهم من النظام السابق والشرعية يضيف “نحن في الحراك والمقاومة التهامية مشكلتنا ليست مع أنظمة الحكم قبل 2011 وبعدها، إنما في طبيعة العلاقة مع مركز الدولة من كافة النواحي بما في ذلك البنية التشريعية والاتحادية. وليس مع الحاكمين أنفسهم، لذا نحن بمنأى عن الحساسيات التي تواجهها أسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح. أما علاقتنا بنظام الحكم فهو اعتراف من طرف واحد كما كان مع النظام قبله، نحن متمسكون بالشرعية التي يبدو أنها لا تعترف بنا وبوجودنا ونضالنا وتضحياتنا وهذا واضح من الإقصاء المتعمد لأبناء تهامة من المشاركة السياسية وآخرها ما حدث في ما يسمى بحكومة المناصفة”.

تمثيل حقيقي للقضايا

يفسر حجرى موقف الحراك والمقاومة التهامية من المرجعيات الثلاث بما فيها مخرجات الحوار الوطني، في ظل ما يصفها بحالة الإقصاء والتهميش التي تمارس ضد أبناء الساحل التهامي اليمني، بالقول “مؤتمر الحوار في 2012 سمي مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بينما لم يمثل فيه التهاميون، عوملنا بنفس الطريقة التي استثني منها الجنوبيون من المشاركة. تم تمثيل أعضاء من الجنوب وتهامة لكن قضيتي الجنوب وتهامة لم تمثلا”.

ويضيف “نرى أن أي سلام لن يتحقق إلا بتمثيل حقيقي للقضايا، بمعنى التحول من التمثيل الحزبي في الحل إلى التمثيل الجهوي الذي يشمل تمثيل الجنوبيين كقضية بالنصف أصبح يعبر عنها المجلس الانتقالي الجنوبي. وتمثيل الشمال بالنصف بتمثيل يراعي المناطق الشمالية كقضايا وتوزع نسب تمثيل النصف الشمالي وفق المناطق التي تحركت شعبيا في قضايا مطلبية وقضايا سياسية”.

وأولى تلك القضايا القضية التهامية بمشاركة بقية المناطق الأخرى كل بحسب حجم قضيته ونسبة الأرض المحررة في الشمال. ويرى حجري أن لهم الحق في أن يكونوا أكثر تمثيلا في حصة الشمال نسبة إلى مساحة تهامة وكثافتها السكانية وأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية ونسبة مشاركتها اقتصاديا في الناتج المحلي وقبل ذلك نضالها وفوق ذلك كله مظلوميتها في السنوات المئة الأخيرة.

أما مخرجات الحوار “وموقفنا من الفيدرالية وتقسيم الأقاليم فنحن لدينا مفهوم للفيدرالية والمشاركة السياسية في الحكم أوسع من ناحية الصلاحيات مما توصل إليه مؤتمر الحوار. ونهيئ أنفسنا للتفاوض على ذلك مستقبلا بعد إنهاء سيطرة الحوثيين على صنعاء سلما أو حربا، وقبل ذلك تحرير كامل تهامة وليس مدينة الحديدة وحسب”.

ويشير رئيس المقاومة التهامية إلى أن الحراك التهامي إلى جانب موضوع المظلومية التي يتبناها يرى بأن “تهامة الأرض والإنسان قضية سياسية، والمجتمع التهامي مسالم ومتسامح كما يعرفه اليمنيون وهو مجتمع

حر ومناضل على مر التاريخ وقدم تضحيات في مختلف مراحل التاريخ المعاصر، وإن كان هناك استعداد اليوم لتجاوز المظلومية السابقة فهذا لا يعني القبول باستمرارها، وإنهاء هذه القضية لا يمكن أن يتم إلا بوضعها كقضية سياسية ضمن الحل الشامل، والتسامح مع المظلومية السابقة يتطلب حلًا سياسيًا لإنهائها وطي ملفها وبنفس القدر إنهاء ما ترتب عن تلك المظلومية في إطار دولة واحدة تضمن شراكة حقيقة للجميع”.

حوار شمالي – جنوبي

يستدرك قائد المقاومة التهامية بشأن وضع الجنوب في ظل الدولة الواحدة التي أشار إليها “قلت سابقا إن الحل الشامل يتطلب تمثيلا حقيقيا لقضية الجنوب يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي اعترفت به السلطة الشرعية والإقليم والمجتمع الدولي بناء على اتفاق الرياض وقضية الوحدة أو فك الارتباط بين الشمال والجنوب يقررها حوار شمالي – جنوبي يرضى بنتائجه الشارع الجنوبي”.

ويضيف “نحن في تهامة محكومون بكوننا شماليون وفق أسس ما قبل الـ22 من مايو 1990. نريد أن نكون شركاء وسنكون شركاء حقيقيين في السلطة والثروة سواء في إطار دولة واحدة بين الشمال والجنوب أو دولة في الشمال. مشكلتنا الأساسية في الشراكة في إطار الشمال لأننا سواء كنا في الجمهورية اليمنية أو الجمهورية العربية اليمنية نحن مهمشون، والجنوبيون سيتفاوضون حول علاقتهم بالشمال ونحن سنتفاوض حول علاقة وجودنا داخل الشمال سواء كان هذا الشمال في وحدة مع الجنوب أو في فك ارتباط معه، ونريد أن نكون شركاء كجزء من الشمال في الحل مع الجنوبيين، وكجزء من الشمال والجنوب معا في الحل الذي يرتب حاليا مع الحوثيين بالقدر الذي تمثله تهامة وأهميتها من كافة النواحي لا أكثر ولا أقل”.

ويرى حجري أن رؤيته للحل الشامل تعني تسوية نهائية يفترض أن تحقق سلامًا مستدامًا، وهذا يتطلب أن يكون إنهاء الانقلاب في صنعاء قضية أولى لكنها ليست قضية وحيدة. ويقول “حصر التسوية بموضوع الانقلاب فقط وحصر التمثيل بالشرعية والحوثيين أمر قد يحقق الوصول إلى اتفاق لكنه لا يحقق حلا شاملا ولا يرسي سلاما، بل قد يهيئ لصراع أكثر ضراوة وأشد مرارة، فالحل الشامل يتمثل في إنهاء الانقلاب أولا وتضمين الاتفاق أسسا واضحة لحل كافة القضايا بما فيها القضية الجنوبية وقضية تهامة”.

ويضيف “نحن كتهاميين لا نقبل أن تجلس أطراف لا تمثل تهامة لتناقش حلولا متعلقة بها، أو أن يذهب تهاميون ليفاوضوا عن تهامة اختيروا من قوى غير تهامية بالتجاوز لحق الحراك التهامي كقوة أساس في اختيار أسماء الممثلين السياسيين عن تهامة. اُنظر إلى اتفاق ستوكهولم الذي كان أساسه مدينة الحديدة وموانئها”.

وهنا يؤكد موقفه أنه لم يمثل أبناء تهامة في قضية تعنيهم مباشرة، وبدلا من أن يعالج هذا الاتفاق المشكلة الإنسانية فقد فاقهما أكثر، وبدلا من أن يكون مقدمة للحل أصبح مشكلة إضافية وهذا مرده في “تصورنا أن آخرين يفاوضون في قضايا تعني آخرين غيرهم، لا نقبل أن يستمر إقصاء التهاميين من مناقشة قضايا تمسهم مباشرة وتحدد مصيرهم”.

وبالرغم من المعارضة لاتفاق السويد يؤكد حجري أن المقاومة ملتزمة به “لأننا لا نقاتل وحدنا حيث نراعي التزامنا الأخلاقي الذي اقتضاه اعترافنا بالشرعية التي لا تعترف بنا وبحقوقنا حتى الآن وفرضت علينا اتفاق ستكهولم رغما عنا، ونراعي حلفاءنا في التحالف العربي الذين كان لهم الفضل الأول في دعمنا والقتال معنا لتحرير جزء كبير من تهامة إلى أن أوقف هذا التحرير بسبب اتفاق ستوكهولم”.

العلاقة بالشرعية والتحالف

حول التزام المقاومة التهامية تجاه الشرعية بالرغم من التحفظات على أدائها يقول حجري “نريد طرفا جمهوريا في صنعاء كي نصل إلى صيغة شراكة معه وهذا أساس التزامنا بالشرعية. ناضلنا سلميا من أجل حقوقنا في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونناضل من أجل حقوقنا في عهد الرئيس عبدربه منصور هادي وسنواصل نضالنا السلمي في عهد الرئيس الذي سيليه”.

وتتمسك المقاومة التهامية بشرط وجود طرف جمهوري للوصول إلى تفاهم سلمي حول حقوقهم. وهدد الحجري قائلا “ما لم يتنازل الحوثيون عن ادعائهم الحق الإلهي وينهون انقلابهم بالطرق السلمية سنواصل نضالنا المسلح ويتطلب ذلك أن نتحول من مطالبة الشرعية إعلانها إلغاء اتفاق ستكهولم إلى الضغط عليها لتعلن ذلك ولدينا القدرة الجماهيرية لفعل ذلك سلميا، إلا أننا ما نزال نأمل الاستجابة للمطالب”.

وعن علاقتهم بالشرعية أضاف “أشقاؤنا في التحالف العربي العلاقة معهم ليست علاقة تحالف مشترك، هي علاقة مصير وجودي يجمعنا ضد الخطر الفارسي الذي يهدد مستقبلنا ويهددنا كتهاميين قبل كل شيء لأننا في قلب المعركة مع هذا الخطر حاليا. المملكة العربية السعودية تقود هذا التحالف ونحن ملتزمون بالعمل تحت قيادتها وأشقائنا في الإمارات العربية المتحدة، فأواصر الدم المشترك الذي يجري في عروقنا معا منذ الأزل قد سال معا في معارك التحرير في تهامة”.

ويلفت هنا إلى أن هذه العلاقة كما كانت أزلية من قبل نتيجة المواقف الإماراتية المشرفة الممتدة من قبل والدعم السخي لليمن “ستبقى إلى الأزل بعد كل هذه التضحيات التي قدموها لأجلنا”.

ويقول قائد المقاومة التهامية عن طبيعة العلاقة بالتحالف العربي وهل هي علاقة مباشرة إن “الحراك التهامي مثله مثل بقية الأطر السياسية التي تحمل قضايا سياسية متعلقة بالقضايا المطلبية والسياسية التي نشأت في العقود الأخيرة، وسيكون الحراك جزءا من الحل لإنهاء سلسلة الصراعات المتوالية في اليمن والوصول إلى سلام مستدام سواء على الأمد القصير أو الطويل متى ما وجدت النوايا لذلك لدى كل الأطراف والأحزاب والمكونات الجهوية وغيرهم”.

ويعتبر أن الحراك التهامي كغيره من القوى السياسية يفتح اتصالات دبلوماسية مع سفراء الدول المعتمدين لدى اليمن بمن فيهم سفراء الدول الراعية للتسوية السياسية وهذا نشاط دبلوماسي وسياسي تقوم به كافة الأحزاب والمكونات النضالية منفردة.

ويضيف “نحن جزء من هذا المشهد والأولى أيضا أن تكون قنوات اتصالاتنا لدعم قضيتنا مع دول التحالف العربي كونهم بادروا إلى إنقاذ اليمن من النكسة التي حلت به في سبتمبر 2014، وهذا فضل كبير لهم وهم الأقرب إلينا وعلاقتنا تجاوزت الاتصالات التقليدية إلى اتصالات وتنسيق مفتوح معهم كأخوة يجمعنا بهم مشاركتهم في تحرير جزء كبير من أرضنا وسنواصل معهم لتحرير ما تبقى بمجرد زوال العقبات السياسية الأممية التي أوقفت تحرير ما تبقى من تهامة”.

Exit mobile version