مليشيا الحوثي تفرج عن اللواء فيصل رجب بعد 8 سنوات من الأسر
المرسى – متابعات
نشرت إرم نيوز الإخبارية الإماراتية السبت تقريرآ عن مراسلها في عدن عبداللاه سُميح بعنوان: من هو اللواء فيصل رجب؟
ظهر القيادي العسكري في القوات اليمنية المسلحة، اللواء، فيصل رجب، متماسكًا كعادته، لا يكاد يخفي ابتسامته المتحفّزة لملامسة الحرية التي تُنهي معاناته الممتدة لأكثر من ثماني سنوات، قضاها في معتقلات خصومه الحوثيين، بعد أن أفرج عنه اليوم السبت، بـ”وساطة” قبلية ومجتمعية، لعدد من وجاهات محافظة أبين، جنوب البلاد الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، التي أجرت زيارة إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين مؤخرًا، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب.
عُرف اللواء فيصل محمد رجب، كقائد عسكري خالص حتى شغاف قلبه، وبات واحدًا من أبرز القيادات اليمنية التي خبرت المعارك ضد الحوثيين في صعدة وعمران، على مدى قرابة عقدين من الزمان
وعلى الرغم من حالة الجدل المُثارة، حول زيارة الوفد القبلي إلى صنعاء، إلا أن مشاعر الفرح بتحرير اللواء رجب، كانت طاغية لدى الشارع اليمني، بعد أن تم استثناؤه من صفقة تبادل الأسرى، التي جرت منتصف الشهر الجاري، بين الحكومة والحوثيين، والتي أفرج بموجبها عن وزير الدفاع الأسبق، اللواء الركن، محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق، ونحو 1000 أسير ومختطف من الجانبين.
وعُرف اللواء فيصل محمد رجب، قائدا عسكريا خالصا حتى شغاف قلبه، وبات واحدًا من أبرز القيادات اليمنية التي خبرت المعارك ضد الحوثيين في صعدة وعمران، على مدى قرابة عقدين من الزمان، وهو ما خلق له عداوة تراكمت بأبعاد مختلفة لدى الحوثيين، مقابل رصيد شعبي متصاعد في الجانب الآخر.
اتجاه إجباري
ونشأ اللواء رجب، المولود عام 1954 في بلدة “المخزن” غرب مديرية خنفر، في محافظة أبين جنوب البلاد، في كنف “السلطة الفضلية” التي كانت تعدّ جزءا من “محمية عدن البريطانية”، متلقيًا تعليمه الأوليّ في خنفر، قبل أن ينهي مرحلة الإعدادية في مركز المحافظة زنجبار.
وفي ظل المتغيرات الجديدة التي أفرزها رحيل الاحتلال البريطاني من جنوب اليمن عام 1967، والحالة المعيشية الصعبة التي واجهتها أسرته، وجد رجب نفسه منخرطا في السلك العسكري في أواخر الستينيات، مع اقتراب تأسيس جيش نظامي لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) المستقلة حديثا، متدرجًا في الرتب العسكرية إلى حين حصوله في عام 1980، على تأهيل في العلوم العسكرية بأكاديمية “فرونزا” في الاتحاد السوفييتي آنذاك، لمدة 5 أعوام.
وعقب عودته المظفّرة بالتحصيل العلمي من موسكو، عُيّن النقيب فيصل رجب أركان اللواء 14 مشاة، بمكيراس، وظلّ بانضباطه يحصد الرتب، حتى أصبح لاحقًا قائدا للواء 30 بالمهرة، قبيل انفجار الأوضاع الدامية في عدن، في شهر يناير/كانون الثاني من العام 1986، بين شركاء السلطة.
ورغم عدم اشتراكه بشكل مباشر في الأحداث المؤسفة التي شهدتها عدن، إلا أنه فضّل قطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام برفقة عدد من زملائه العسكريين في أبين ضمن ما بات يعرف بـ”الزمرة”، نحو محافظة البيضاء التابعة للجمهورية العربية اليمنية، هربًا من تبعات النزاع المسلّح، مستهلًا مشواره العسكري الجديد متنقلًا بين المهام والمناطق إلى حين استقراره في صنعاء.
كفّة الانتصارات
ويصف البعض اللواء فيصل رجب بـ”شوكة الميزان العسكري” نسبة إلى مآلات الحروب والمعارك، وانتصار الأطراف العسكرية التي يقف إلى صفها في الغالب، بدءًا من حرب صيف العام 1994 بين جنوب اليمن وشماله، التي شارك فيها إلى جانب قوات الرئيس الراحل صالح، قائدًا للواء السادس مشاة من الفرقة الأولى مدرع، مرورًا بحروب الدولة الـ6 ضد الحوثيين في صعدة 2004 – 2010، وحربه ضد تنظيم القاعدة الذي أعلن محافظته أبين إمارة إسلامية بين عامي 2011 – 2012، وصولًا إلى مشاركته بشكل فاعل في إخماد تمرد قوات الأمن الخاص في عدن عام 2015.
ولا يزال الكثير من اليمنيين يتذكرون بسالة اللواء رجب إلى جانب اللواء محمود الصبيحي، في قيادة هجوم متناسق من محورين نحو مدينة زنجبار، مركز محافظة أبين، في شهر سبتمبر/أيلول عام 2011، تكلل بكسر الحصار الذي كانت تفرضه عناصر تنظيم القاعدة على مقر اللواء 25 ميكانيكي، لفترة تجاوزت 3 أشهر متواصلة، في وقت كانت تواجه فيه المؤسسة العسكرية في البلاد انقسامًا حادًّا إثر الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس صالح.
وأصدر الرئيس السابق، عبدربه منصور هادي في شهر أغسطس/آب عام 2012، قرارات جمهورية ضمن مساعيه لتفكيك مراكز القوى العسكرية المتشكّلة شمالًا ومحاولة استعادة السيطرة على الأوضاع المتدهورة جنوبًا، ليصبح اللواء 119 مشاة بقيادة رجب، ضمن قوات المنطقة العسكرية الجنوبية بمحور أبين، ليبقى محافظًا على انتصاره.
وفي خضم حالة الاضطراب السياسي الذي شهده اليمن عقب استيلاء الحوثيين على السلطة في 2014، ثم تمكّن رئيس البلاد من الفرار نحو عدن مطلع 2015، وصلت قوات من اللواء 119 مشاة التي يقودها اللواء فيصل إلى عدن، وتمكنت مع القوات العسكرية والشعبية الأخرى، في وأد شرارة التمرد الأمني الذي أعلنه قائد القوات الخاصة في عدن، العميد عبدالحافظ السقاف، ووقف مخطط تفجير الأوضاع من داخل عدن، تزامنًا مع اقتراب الحوثيين وقوات الراحل صالح من الأطراف الشمالية للمدينة.
وقع موكب اللواء رجب في كمين نصبه له خصومه قرب مدينة الحوطة، في أواخر شهر مارس/آذار من العام 2015، ليتم أسره مع وزير الدفاع الأسبق، اللواء الركن محمود الصبيحي، ورئيس الاستخبارات في عدن، لحج وأبين، اللواء ناصر منصور هادي، في يوم واحد
وأثناء توجهه نحو محافظة لحج، للحاق ببقية القيادات العسكرية التي كانت تبذل جهودًا كبيرة في محاولة لملمة الصفوف وترتيبها، لتشكيل خط مواجهة للقوات العسكرية الزاحفة نحو قاعدة العند العسكرية، في لحج، وقع موكب اللواء رجب في كمين نصبه له خصومه قرب مدينة الحوطة، في أواخر شهر مارس/آذار من العام 2015، ليتم أسره مع وزير الدفاع الأسبق، اللواء الركن محمود الصبيحي، ورئيس الاستخبارات في عدن، لحج وأبين، اللواء ناصر منصور هادي، في يوم واحد.
ورفض الحوثيون خلال صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، إطلاق سراح اللواء فيصل رجب، رغم الإفراج عن وزير الدفاع الأسبق وشقيق الرئيس هادي، وعدد من أبناء وأقارب القيادات السياسية والعسكرية اليمنية، ليؤكد ذلك رغبتهم في الثأر منه، وهو ما يتجلى من خلال محاولة استغلال قضيته بشكل دعائي، يوحي بتفاعلهم واستجابتهم مع الدعوات القبلية والأعراف المحلية، في وقت تضع فيه الحرب أوزارها.