التعويذة التهامية التي نذرت أرضها للطائر والدابة والمسكين
رأي- مروان العقيبي
يمد يديه عاليًا وينثر حفنة من حبات ذهبية مرددًا كلمات كما لو أنها تعويذة سحرية: “انبتي يا أرض لـ امطاير ولـ امساير ولـ امدابه ولـ امسكين”.
بهذه الكلمات يستهل التهامي الفلاح مراسيم البذر الزراعية، ما يعكس جودًا غير محدود وطيبة فرضتها طبيعة الأرض بخيراتها التي لم تضق بها النفوس عن الطيور والدواب، ناهيك عن البشر.
ومنذ القدم، ظل التهامي يفتح “الكيلة” من غلته لمن شاء أن يغترف منها، غير آبهٍ للفقر والجوع.
هذه الطيبة التي اعتبرتها الأئمة سذاجة ومبررًا لتبسط يدها على الأراضي الزراعية الخصبة والشاسعة في ريف السهل التهامي وتحول أبناء الأرض إلى عمال سخرة لديها.
لم تعرف تهامة المجاعات سوى في زمن حكم الإمامة الكهنوتية، والتي مع مجيئها تلاشت الطفرة المعيشية التي استمتع بها التهاميون لسنوات طوال من الثروة الزراعية والحيوانية.
ومع اجتياح دراع إيران للأراضي التهامية بدأت بتضييق الخناق على المزارعين، لغمت المزارع وفخخت آبار المياه ونصبت منصات الصواريخ وسط الأشجار وأقامت معسكراتها حول الأراضي الزراعية.
اتهمت المليشيا المزارعين بإرشاد طائرات التحالف واعتقلت أعدادًا منهم، ثم ضاعفت جباياتها وفرضت الخمس وفرضت رسومًا على منظومات الطاقة الشمسية، كل هذا بهدف إجبارهم على ترك أراضيهم أو بيعها.
وبعد الانقلاب رأينا أبناء سلة غذاء اليمن (محافظة الحديدة) يتقاتلون للتسابق على السلال الغذائية التي تقدمها منظمات الإغاثة.
اليوم تستأنف ذراع إيران مخططها الإمامي بمصادرة أراضي ريف السهل التهامي، وتتذاكى على “التهاميين الطيبين” بحجة أراضي الوقف. الأراضي التي نذرها التهاميون وقفًا للطائر والدابة والمسكين.
تلك التعويذة التي نجحت في حماية إرث التهاميين دائما من التجريف، ها هي اليوم تحشد المناصرين لتهامة بحب غير مشروط.
المصدر :نيوز يمن