باب عدن الملتهب.. خلايا مشبوهة تؤجج حرب طرقات بين تعز ولحج
المرسى – العين
كثف قبليون وأمنيون تحركاتهم في سبيل تأمين الحدود بين لحج وتعز، جنوبي اليمن، وذلك لمواجهة خلايا مشبوهة تشعل حرب طرقات وتنشر الفوضى.
وكانت مديرية “طور الباحة” التابعة لمحافظة لحج والتي تضم شريانا رئيسيا يؤدي إلى مدينة تعز المحاصرة منذ 7 أعوام ونصف العام، وتوصف بأنها بوابة عدن الشمالية شهدت عند حدودها الملتهبة اعتداءات وحشية بحق المسافرين.
ولم تكن محض الصدفة أن تحدث تلك الجرائم التي تنوعت بين القتل ونهب المركبات وفرض الجبايات بالتزامن مع ضخ إعلامي واسع استهدف إثارة الرأي العام ووقفت خلفه آلة “الفتنة” للحوثيين وتنظيم الإخوان.
وتقع “طور الباحة” على بعد 85 كيلومترا من عدن على الطريق الرابط مع تعز، وتعد مسرحا متداخل النفوذ أمنيا وعسكريا وقبليا، إذ تتمركز مجاميع إخوانية غير منضوية تحت لوزارة الدفاع اليمنية في حدودها الشمالية ومديرية المقاطرة المجاورة فيما تنتشر قوات جنوبية في باقي المديرية المصنفة كأحد مواطن قبيلة الصبيحة.
وتستغل عصابات مسلحة مناطق فاصلة بين القوات لتشعل حرب طرقات في الشريان الحيوي في توقيت حساس يستهدف تقويض التوافق الذي يمثله مجلس القيادة الرئاسي وقطع المنفذ الوحيد إلى تعز الذي يرفض الحوثيون رفع حصارها وفتح المعابر إليها.
ولعل أحدث الجرائم هي قُتل الطفل أكرم العزعزي مطلع يونيو/حزيران الجاري أمام عيني والده الذي كان يقود شاحنة نقل بضائع بعد أن رفض دفع إتاوة مالية للعصابة، في حادثة أليمة استغلها الحوثيون والإخوان في استهداف القوات الجنوبية وقبائل الصبيحة في لحج.
وسعى الحوثيون بشكل خاص لتوظيف هذه الجرائم سياسيا كأن أبرزها استغلال قضية الشاب اليمني عبدالملك السنباني الذي قتل في سبتمبر/أيلول الماضي تلاه في ظروف مشابهة مقتل الطبيب المنحدر من تعز عاطف الحرازي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ورغم اتخاذ إجراءات صارمة وفتح تحقيق في الوقائع وإحالة متهمين للقضاء وتدخل حملات أمنية إلا أن مليشيات الحوثي كانت سابقا تستغل الجرائم للضغط لفتح مطار صنعاء لتتحول مؤخرا لاستغلالها في تبرير حصارها على تعز والتنصل من مقترح أممي لفتح الطرقات.
حراك مجتمعي وقبلي وأمني
دفع عودة ظاهرة التقطعات في طور الباحة سائقي الشاحنات التي تقل المؤن الغذائية إلى تعز لتنفيذ وقفة احتجاجية في الشريان الحيوي وامتدت إلى إضراب جزئي لتجار مدينة تعز عن العمل فيما دفعت قوات الحزام الأمني والأمن العام بحملة واسعة لملاحقة العصابات.
وفي بيان للحملة الأمنية في لحج توعدت ما أسمتهم “القتلة وقطاع الطرق”، بأنها لن تتوقف عن ملاحقتهم حتى تطالهم يد العدالة، داعية المواطنين إلى التعاون في الإبلاغ عن المشتبهين الذين وقفوا خلف نشر التقطعات والإرهاب.
وتلقى الحملة دعما من المجلس الانتقالي الجنوبي ومحافظ لحج وقبائل الصبيحة التي يتحرك بعض وجهائها في مطاردة خلايا الفوضى التي تعمل بمثابة أيادي تخريب وترهيب لصالح مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا.
وقالت مصادر قبلية لـ”العين الإخبارية”، إن هناك حراكا قبليا وأمنيا ومجتمعيا لتشكيل قوات مشتركة تساند قوات الحزام الأمني في حماية الشريان المؤدي إلى تعز وعدم السماح لأي عناصر إجرامية للحوثي والإخوان من استغلال الثغرات الأمنية لتنفيذ أجندتها المشبوهة.
وأكدت المصادر أن هناك جهودا قبلية “من مشايخ وشخصيات ووجهاء لصيغة وثيقة شرف بين القبائل تجرم أي أعمال قطع طرقات وذلك لمؤازرة الجهود الأمنية.
وتستغل مليشيات الحوثي جرائم قطع الطرق وقتل المسافرين في طور الباحة لتبرير حصارها على مدينة تعز بينما يروج تنظيم الإخوان لتلك الجرائم لمهاجمة القوات الجنوبية وإحداث شرخ مجتمعي وقبلي.
وتغذي تغطية وسائل الإعلام الإخوانية والحوثية تسميم الأجواء السياسية التوافقية بإثارة الفتن المناطقية بتحريض بين أبناء المحافظات الشمالية والجنوبية.
أيادي الحوثي بتواطؤ إخواني
تستدعي حرب الطرقات في طور الباحة تحركا سريعا من مجلس القيادة الرئاسي للعمل على تحصين بوابة عدن الملتهبة شمالا وشريان تعز الوحيد من عبث أياد لمليشيات الحوثية بتواطؤ وحماية إخوانية.
ويعتقد المسؤول الإعلامي في اللواء الـ9 صاعقة في القوات الجنوبية بشير الكعلولي في تصريح لـ”العين الإخبارية” أن وراء قطع الطرق عملا استخباراتيا حوثيا وتواطؤا إخوانيا لغرض الفرقة بين قبائل الصبيحة الجنوبية وإخوتهم بمحافظة تعز فيما تربطهم نقطة وصل لرفد المقاومة بالمحافظة وقبل ذلك حسن الجوار.
وأشار الكعلولي إلى أن المنطقتين يجمعهما رابط النسب والأصالة والأخوة وجرائم قطع الطرق ليس وراءها إلا دوافع سياسية بحتة لغرض التفرقة ينفذها العدو لإثارة الفتنة وخدمة أهدافه المشبوهة سياسيا وأمنيا.
ويرى المسؤول الإعلامي أن أعمال قطع الطرق آفة دخيلة على المجتمع وهناك سعي متواصل من الشخصيات الاجتماعية والقيادة الأمنية للقضاء عليها.
ولفت إلى أن قبائل الصبيحة اليوم أدركت خطورة الأمر وهناك تجري مساع للقضاء على تلك آفة التي لا تمت بصلة لجتمع الصبيحة لا من قريب ولا من بعيد.
وكان تقرير أممي حديث قال إنه محافظتي لحج وتعز شهدت حتى نهاية أبريل/نيسان الماضي 25 حادثة سرقة سيارات فقط، مقارنة بـ 14 حادثة تم الإبلاغ عنها في عام 2021، في جرائم وحده الحوثي المستفيد منها خاصة في ظل رفضه فتح الطرقات بين المحافظات اليمنية.