ألعاب الموت.. مخلفات الإرهاب الحوثي تهدد أطفال اليمن
المرسى – العين الإخبارية
لم يترك الحوثيون لأطفال اليمن ما يلعبون به سوى الألغام وبقايا المقذوفات التي لم تنفجر.
وبعد 3 أعوام على دحر مليشيا الحوثي من أولى مديريات محافظة الحديدة، غربي اليمن، لا تزال مخلفات إرهابهم تهدد حياة آلاف المدنيين، والأطفال بشكل خاص، في 10 مديريات تم تصنيفها كمناطق مُفخّخة.
ورغم زراعتها ما يقارب مليون لغم في الساحل الغربي لليمن، وفقاً لخبراء، عمدت مليشيا الحوثي أيضاً إلى استخدام بقايا القذائف غير المنفجرة كفخاخ قاتلة تستهدف شلّ الحياة في المناطق المحررة.
وعلى امتداد قرى ومزارع ومدن السهل التهامي والساحل الغربي، لا تزال الفرق الهندسية تنتشل يومياً مئات المخلفات الحوثية القاتلة بينها رؤوس صاروخية، تزن الواحدة منها نصف طن، حولتها مليشيا الحوثي إلى عبوات ناسفة.
ومن بين تلك المخلفات بقايا المقذوفات الأصغر حجماً وهي الأخطر، لأنها بحسب ناشطين لـ”العين الإخبارية” تبدو وكأنها صُممت خصيصاً لاصطياد الأطفال الذين يسقطون ضحايا “لعبة الموت”.
إعاقة مبكرة
في قرية الحيمة الساحلية وشاطئها الخالي ما عدا من الأصداف والقواقع البحرية، يبدو اللغم شيئاً مغرياً ومثيراً للاستكشاف واللعب.
الطفل عبدالله أحمد (10 أعوام)، أحد أطفال قرية الحيمة، فقدَ يده وقدمه وعينه، كما قُتل شقيقه الأصغر أمام عينيه عندما كانا يلعبان ببقايا مقذوف غير منفجر من مخلفات مليشيا الحوثي.
يقول عبدالله لـ”العين الإخبارية” إنه كان يظنها لعبة، وجدها مرميةً على الشاطئ فلعب بها هو وشقيقه ولم يعرف أنها من الممكن أن تنفجر وتمزق جسد شقيقه إلى أشلاء وتصيبه هو بإعاقة مبكرة.
“أريد أن أدرس، لا أستطيع الإمساك بالقلم والكتب والدفاتر، ولا أقدر على المشي إلى المدرسة”، يقول عبدالله أن أمنيته أن يتمكن من إكمال دراسته، لكن أسرته عاجزة عن توفير أطراف صناعية بسبب أوضاعهم المعيشية الصعبة.
والد الطفل عبدالله تحدث لـ”العين الإخبارية” عن معاناة نجله قائلاً: “لم استطع معالجته، نحن هنا نعمل في البحر لكن الألغام التي نشرتها مليشيا الحوثي في البر والبحر حدّت من دخلنا وأصبح غالبيتنا عاطلين عن العمل”.
وأكد الأب أحمد علي، أن المخلفات التي تركتها مليشيا الحوثي سببت له ولأهالي المنطقة جراحاً لا تندمل، كما أنها ما زالت خطراً يؤرقهم ويهدد حياتهم وحياة أطفالهم طوال الوقت.
تفخيخ عشوائي
خلال السنوات الثلاث الماضية فخخت مليشيا الحوثي 10 مديريات من محافظة الحديدة البالغة 26 مديرية، من ضمنها “الخوخة” العاصمة المؤقتة للمحافظة وأول منطقة محررة.
وبحسب المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن “مسام”، فإن المليشيا الحوثية تنتهج التفخيخ العشوائي في جميع المناطق التي تم دحرها منها بهدف قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين ومنعهم من العودة مجددا إلى منازلهم، واستصلاح وزراعة أراضيهم.
وتتفنن مليشيا الحوثي في نصب فخاخ الموت، حيث حولت مخلفات القذائف والرؤوس الصاروخية الغير منفجرة إلى ألغام فردية تتفجر بالنساء والأطفال وتخلّف دمارًا واسعاً.
الصحفي والناشط اليمني، عبدالحليم عبدالوهاب، يؤكد أن تلك المخلفات والألغام الحوثية جعلت من الساحل الغربي لليمن أكبر حقل ألغام منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال عبدالوهاب في تصريح لـ”العين الإخبارية” إلى أنه منذ بدء عودة السكان إلى مساكنهم خلال الفترة التي أعقبت تحرير مديريات الساحل، سقط المئات منهم نتيجة الألغام والمخلفات الحوثية، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
ولفت الناشط اليمني إلى أن بعض تلك الألغام صُممت خصيصا لاصطياد أرواح الأطفال، وكانت على هيئة لعب، وعندما يشاهدها الطفل يظن انه ظفر بلعبة جميلة، لكنها كانت لعبة الموت.
ويقول إن مشاهد الموت تتكرر باستمرار في مناطق الساحل الواسعة ويدفع ثمنها الكبار والصغار لكن موت الأطفال يبقى الأكثر حزنا إذ تتحول ألعابهم إلى قنابل قاتلة.