“طيرمانات صنعاء” أم “كهوف صعدة”.. من سينتصر في النهاية؟!
رأي – محمد عبدالرحمن
قبل أسبوع سمع السكان في صنعاء دوي انفجارات، تلاها اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تساءل الناس عن الانفجارات وخاصة أنهم لم يسمعوا صوتاً للطائرات كما هو المعتاد عند وقوع انفجارات وقصف للطيران، هذا الأمر ليس بالجديد أن يحدث بين الآونة والأخرى اشتباكات، لكن هذه المرة حدثت على شكل أقوى مما يعرف الناس.
لم يعد هناك ما يمكن للحوثي أن يخفيه من صراع داخل الجماعه، هذا الصراع والاحتقان بدأت مؤشراته تظهر للعلن بشكل أكبر كل يوم، وبدأت تتشكل حلقات وأطراف مختلفة داخل الجماعة، وكأن مؤشر السقوط الذي لا بد منه قد حان أوانه، وعلى بقية العوامل أن تتأهب لما بعد السقوط.
المال والسلطة والمناطقية هي المحرك الأساسي لهذا التفكك والصراع داخل الجماعة الحوثية، الاستحواذ على الموارد المالية، وبناء امبراطوريات مالية ضخمة لبعض القيادات الحوثية يثير سخط القيادات الأخرى التي لم تحصل على نصيبها من الكعكة الكبيرة، هذا الأمر يشجع إثارة الصراع وتحريك اللعبة وأدواتها منها الاغتيالات.
يمتلك أنصار الطيرمانات المال بشكل أكبر من أنصار الكهوف، ويمتلك أنصار الكهوف السلطة والقوة والنفوذ أكثر من أنصار الطيرمانات، وهذا الأمر يشكل حساسية زائدة بين الطرفين، حيث يسعى كل طرف للحصول على ما يمتلكه الآخر من أجل الهيمنة والاستحواذ.
من ينظر في خريطة التوزيع للجماعة الحوثية، يرى أن المراكز المالية تستحوذ عليها طيرمانات صنعاء، وفي إطار سلالي ومذهبي، آل الشامي وآل شرف الدين وآل العماد وآل الديلمي وغيرهم من يعتقدون انتماءهم لسلالة النبي، في المقابل تستحوذ كهوف صعدة على المراكز الأمنية والعسكرية والقتالية والسياسية، وهم من يقود المعارك والحروب، هذا التوزيع أوجد خللاً في البنية الأساسية للحركة الحوثية.
وجد طرف الطيرمانات بغيته في المال، وهو يدرك أن طرف كهوف صعدة، لا يأتمنه على المراكز الحساسة في الدولة بصنعاء، لكنه في نفس الوقت لا يستطيع التخلي عنه، ولا يمتلك بعد القوة الكافية لتغييبه من المشهد العام، لأن القادمين من صعدة غرباء في صنعاء، وبدون أنصار الطيرمانات لن يتمكنوا من البقاء فيها.
سنشهد في المستقبل القريب الكثير من الصراع داخل حركة الحوثي، وسنشهد التفكك الذي يحول صنعاء إلى مربعات قتالية، واغتيالات للقيادات من الطرفين، وفي كل مرة سوف نسمع الحركة الحوثية تبرر أن تلك الاغتيالات هي من فعل التحالف وخلاياه في صنعاء، في محاولة للملمة وكبح الصراع داخلها كما تفعل الآن مع اغتيال القيادي حسن زيد، وكما فعلت مع سابقيه.
في نهاية الأمر هناك سيناريوهات متعددة، المستقبل القريب كفيل بوضع واحد منها على الواقع ونراه، هل ستنتصر طيرمانات صنعاء على كهوف صعدة، أم العكس، والمنتصر هو في النهاية خسران، لأنه سيكون وحيداً عند المواجهة الحتمية مع الشعب، المواجهة العادلة التي ينتصر فيها الناس بعد صبر وجوع وقهر طويل ووجع وألم كبير.