تعليم تحت القصف.. مدارس الحديدة في مرمى إرهاب الحوثي
المرسى – وكالات
على بقايا مقعد دراسي متهالك، يجلس الطالب اليمني عوض خالد، في أحد فصول مدرسة النهضة لتحضير فروضه مستفيدا من نافذة ضوء أحدثتها قذيفة لمليشيا الحوثي بمدرسته الواقعة بمدينة حيس، جنوبي محافظة الحديدة، غربي اليمن.
ومدرسة النهضة، لا تبعد عن خطوط التماس سواء 2 كيلومتر، وتأسست عام 1973، بمنحة مقدمة من المملكة العربية السعودية، لكن رحى المعارك والقصف المتواصل للمليشيا الحوثية المدعومة إيرانيا، جعلها عرضة لسلسلة هجمات دمرت أجزاء واسعة من قاعاتها الدراسية.
وجرى توقف خطوط المواصلات، وفرضت مليشيا الحوثي حصارا مميتا على سكان مدينة حيس منذ فبراير 2018، وبات يقطع عوض خالد (12 عاما) مسافات طويلة محفوفة بالمخاطر مشيا على الأقدام من منزله الكائن في حي “ربع السوق” للدراسة في الصف الثامن أساسي في مدرسة النهضة التي يتعلم طلابها تحت القصف.
يقول عوض خالد لـ”العين الإخبارية”، إن الطريق إلى المدرسة بات مغامرة محفوفة بالمخاطرة يخوضها كل يوم، لكن اللقاء مع زملائه الطلاب والأنشطة الدراسية ولو كان ذلك في مرمى قذائف الموت، يمنحه مساحة من الفرحة والأمان.
ويعد “عوض”، واحدا من 5 آلاف طالب، ثلث هذا العدد نازحون إلى مدينة حيس المحررة، يتوزعون على 3 مدارس متاخمة لخطوط النار، فيما تشكل المديرية نموذجا مصغرا لـ6 مديريات أخرى من محافظة الحديدة التي تشهد أعنف الهجمات الحوثية رغم سريان هدنة هشة مدعومة من الأمم المتحدة منذ 18 ديسمبر 2018.
الموت في كل مكان
تضم مديرية حيس التاريخية 42 مدرسة تعليمية، لكن المواجهات الدائرة حصرت التعليم في 3 مدارس، فيما تحولت تلك الواقعة أطراف المديرية وتقع تحت سيطرة الحوثيين إلى ثكنات عسكرية، عوضا عن حرب تفجير بالعبوات الناسفة طالت العديد من المدارس وكان آخرها مدرسة “الكفاح” منتصف الشهر الماضي.
ووفقا لمدير مدرسة النهضة، محمد عكيش، فإن الهجمات الحوثية والمعارك اليومية شلت منظومة التعليم بشكل شبه كلي وهو إرهاب متعمد يستهدف تجهيل النشء والشباب وإفراغ محتوى العملية التعليمية وتحويل الطلاب إلى أجسام مسلحة.
وقال المعلم اليمني، إن الطلاب يعيشون أزمات نفسية حرجة أضعفت قدرتهم التعليمية، وخلافا عن عدم حصولهم على المستلزمات الدراسية وتردي جودة التعليم وافتراشهم الأرض عند تلقي المقررات الدراسية في القاعات الدراسية، فهم يواجهون الموت كخطر دائم.
ومضى قائلا: “الطرقات المؤدية إلى المدرسة مليئة بالألغام، طهرت القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي بعضها لكن ما تبقى تظل تتربص بالطلاب، بالإضافة إلى استمرار تساقط القذائف على المدرسة ومنازل السكان.. ببساطة الموت في كل مكان هنا”.
هجمات وخراب
ودائما ما يشن الحوثيون هجماتهم أثناء وجود الطلاب في مدرسة النهضة، وكان مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية حيس، أحمد بكري، شاهدا على هجوم حدث فور مغادرة الطلاب بدقائق، وتمثل بسقوط مباشر لقذائف “هاون” بالغة الأثر في الباحة التي يؤدون فيها الأنشطة الرياضية كل صباح.
وانتقد المسؤول اليمني بشدة أداء المنظمات الدولية والأممية في تجاهل مآسي الطلاب في الحديدة وتدخلاتها الإنسانية، وقال إن اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات، 9 سبتمبر/ أيلول يمر منذ ذكرى الانقلاب الحوثي على أنقاض مدارس في اليمن وخراب ممنهج لمستقبل الأجيال.
وأوضح أن مليشيا الحوثي قامت بتهجير الطلاب قسرا مع أسرهم في القرى الريفية وباتت مدينة حيس واجهة وحيدة للنازحين، ويدفع هؤلاء النازحين بأطفالهم للتعليم لكن لا يوجد غير مدارس في مرمى القذائف، وبات غالبية الطلاب بحاجة عاجلة للعلاج النفسي.
كما أشار إلى أن آلاف الطلاب لم يستطيعوا العودة لمدارسهم بعد عسكرتها من قبل حلفاء نظام طهران، منبها من خطورة التعديلات الأخيرة في المناهج الدراسية للحوثيين والتي تكرس الطائفية وتنشر الكراهية والموت وتشرعن تحويل المدارس للتجنيد والدعاية.
وطيلة 5 سنوات من عمر الانقلاب، نفذ الحوثيون 1492 هجمة على مدارس ومنشآت تعليمية في 19 محافظة يمنية، تنوعت بالقصف والمداهمة، والإغلاق، والنهب، والاستخدام لأغراض عسكرية، وفق تقارير حقوقية يمنية.
كما توقفت أكثر من ألفي و500 مدرسة ودمرت 66% من المدارس وأغلقت27 % آخرين وتُستخدم 7 % لأغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين، ويعيش مليونان ونصف المليون طفل يمني خارج المنظومة التعليمية، طبقا لتقارير أممية.